توالت الردود الإسرائيلية على قرار المجلس المركزي وقف التنسيق الأمني بكل أشكاله مع الاحتلال، ففي حين شكك الفلسطينيون في جدية القرار، فقد سخر الإسرائيليون من جدواه وفرضية تطبيقه واعتبروه "نكتة سياسية".
وقلل قادة الاحتلال وصحافتهم العبرية، من أهمية القرارات التي اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وقالوا " إنها اتُخذت في السابق مرات عديدة ولم تُطبق". ومن جملة هؤلاء كان زعيم حزب "هناك مستقبل" المعارض يائير لبيد فزعم أن "القرارات عبارة عن نكتة سخيفة"، قائلاً إن: "إسرائيل ليست بحاجة لاعتراف من أحد، وبإمكان السلطة تجاهل الوقائع على الأرض والاتصال بنا عندما تعترف بها"، على حد تعبيره.
وكان المجلس المركزي قد قرر في اجتماعه- الاثنين الماضي- "تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين، ووقف التنسيق الأمني، والانفكاك الاقتصادي، وقد خول عباس واللجنة التنفيذية متابعة وضمان تنفيذ ذلك".
السلطة لا تجرؤ
ويري طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي في الإطار، أن قرار وقف التنسيق الأمني تم اتخاذه قبل ثلاثة أعوام من قبل المجلس المركزي، ولم تجرؤ السلطة في حينه وحتى الآن على تنفيذه، مشيراً إلي أن الأخيرة مستفيدة من هذا التنسيق كما (إسرائيل).
وأوضح عوكل لـ"الرسالة" أن (إسرائيل) تراهن علي أن السلطة أضعف من أن تُقدم علي مثل هكذا قرار، عاداً -التنسيق الأمني- جزءا من منظومة العلاقات مع الاحتلال والتي خلفتها اتفاقية أوسلو.
ولفت إلى أن (إسرائيل) أنهت أوسلو فعلياً وابقت على التنسيق الأمني و"اتفاقية باريس" فقط.
غير أن عوكل، اعتبر أنه لا يمكن للسلطة أن تظل تتمسك بـ"التنسيق الأمني" وهي تتحدث عن صراع مع الاحتلال على الحقوق والوجود الفلسطيني، معرباً عن اعتقاده أنه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن الشعب الفلسطيني يواجه خطرًا هائلًا علي قضيته، وبالتالي سيكون مضطراً أن يواجه هذا الخطر بما يستطيع أن يملك من إمكانيات إذا لم يكن اليوم فسيكون غداً!.
وحول تبعات قرارات المركزي الأخيرة وعلى رأسها قرار وقف السلطة للتنسيق الأمني مع الاحتلال، فقد اعتبر عوكل أنه حتماً سيكون هناك تبعات وثمن كبير سيدفعه الفلسطينيون، مبيناً أن واحداً من الأسباب التي تؤخر تنفيذ مثل هذه القرارات هو الضعف الفلسطيني والعربي.
وقال عوكل" ليس هناك أكتاف فلسطينية تحمل تبعات هذه القرارات، ولكن- في نفس الوقت- ليس هناك أي مسئول فلسطيني يستطيع أن يتحمل استمرار الوضع على ما هو عليه حتي لو كان هناك ثمن (..) الفلسطينيون سيدفعون ثمن استحقاقات مثل هذه القرارات"، على حد تعبيره.
ومن الناحية القانونية، فقد كان أنيس قاسم خبير القانون الدولي، أكد أن إعلان رئيس السلطة عن " تعليق الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني"، لا تصح من الناحية القانونية، كون "الاعتراف لا يعلق ولا يكون مشروطاً وإنما يسحب بشكل كامل".
وكشف قاسم في حديث صحفي، إن مسؤولين كبارًا في الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة برام الله يتلقون رواتب شهرية من "الجيش الإسرائيلي"، وهم ضمن سلم الرواتب في (إسرائيل).
التنسيق العملي علي أشده
وكمن سبقوه، ذكر عامر عامر المختص في الشأن الصهيوني، أن التنسيق الأمني لم يطرح لأول مرة في المركزي بل هو قرار تم اتخاذه في جلستين سابقين للمركزي، مشيراً إلى أنه كان قد صدر بصيغة توصية للجنتين المركزية والتنفيذية ورئيسهما محمود عباس للدراسة.
وأوضح عامر لـ"الرسالة" أنه من خلال التجربة لدي الإسرائيليين بأن هذا الأمر لم يتم وأنه لن يتوقف التنسيق عملياً، لافتاً إلى أن الأخير و اتفاق باريس هما البندان الباقيان من اتفاق أوسلو الذي تحصد (إسرائيل) كل بنودهما السيئة بالنسبة للفلسطينيين لصالحها.
ويري عامر بأن هناك اطمئنانا إسرائيليا واضح بأن التنسيق الأمني لن يتوقف، منوهاً إلى أن أحد أهم بنود أوسلو وقف ما يسمي أعمال العنف أو الإرهاب، وهو ما التزمت به السلطة عملياً ومازالت.
وتساءل عامر، إذا ما أقدمت السلطة على وقف التنسيق الأمني _كما يقول (الإسرائيليون)_ هل يمكن أن تستمر بدون هذا التنسيق؟، مؤكداً أن النتيجة وفق التفويض الذي تم لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بوقف التنسيق "لن يتم وسيبقي على حاله وسيستمر البحث فيه حتي تنظر لظروف سياسية أخري مريحة للسلطة "، علي حد تعبيره.
وقابلت الصحافة العبرية قرار السلطة وقف التنسيق الأمني بالتهكم، فقد علق مدير قسم الشؤون العربية في القناة العاشرة العبرية "تسيفي يحزكيلي" بالقول " إن أبو مازن وكأنه يقول لإسرائيل، عززوا قوتي وقفوا إلى جانبي".
وأضاف يحزكيلي أن السلطة هي الخاسر الأكبر في حال قررت وقف التنسيق الأمني مع (إسرائيل)، حيث أنها تستفيد بشكل كبير من ذلك أمنيا ومالياً، كما أن السلطة لا تزال بحاجة إلى (إسرائيل)، منوها إلى أن السلطة ستتخذ قرارا خلال أشهر بالانفصال التام عن قطاع غزة.
أما مراسل قناة "كان" العبرية، جال بيرجر، فقد قال في تغريدة له على "تويتر": إن "قرار المجلس المركزي مجرد توصية، كتوصيات أبو مازن التي اتخذها في السنوات الماضية والتي لم يقم بتنفيذها".
وأضاف، "أبو مازن ضخ الكثير من الهواء الساخن في الاجواء، وهو قرر ألا يقرر. باختصار، ليس علينا أن نشعر بالإثارة. سيستمر التنسيق الأمني مع إسرائيل وكذلك الاعتراف بالدولة". وتابع يقول "تماماً كما يفعلون في الجيش، تريد أن تدفن فكرة؟ قم بإنشاء لجنة وابدأ بالعمل".