لا يكاد يمر أسبوع في غزة دون حركة نشطة للوفود الإقليمية والدولية، التي تسعى إلى إنجاز اتفاق يُفضي إلى عودة الهدوء على حدود غزة في مقابل إنهاء الحصار المفروض منذ 12 عاما، إلا أنها لم تتمكن حتى هذه اللحظة من الوصول لهذا الاتفاق، بينما ينتظر الشارع الغزي ذلك بفارغ الصبر.
ويبرز الوفد الأمني المصري من بين بقية الوفود، في حركته النشطة بين غزة ورام الله و"تل أبيب" في محاولة منه إلى استغلال أيام الأسبوع الفاصلة من الجمعة إلى الجمعة في محاولة تحقيق إنجاز ملموس على صعيد فك الحصار عن غزة، يستدعي تخفيفا من حدة التظاهرات التي تنطلق كل يوم جمعة على حدود غزة.
وكشفت مصادر فلسطينية مطلعة، أن الوفد الأمني المصري، برئاسة اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات، سيعود إلى قطاع غزة الخميس المقبل، لاستئناف جهود التهدئة بين الفصائل والاحتلال الإسرائيلي.
وقالت المصادر المتطابقة والمطلعة لقناة الغد العربي: إن "الوفد المصري الأمني المصري سيعود إلى قطاع غزة الخميس المقبل من أجل لقاء لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية والهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة ومستقلين من أجل بحث تثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف التوتر على الحدود بين غزة والاحتلال".
وكان الوفد الأمني المصري قد أجرى، الثلاثاء، مشاورات مع قيادة حركة حماس في قطاع غزة حول عدة قضايا، وقالت الحركة في بيان صحفي إن "إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، استقبل ظهر الثلاثاء وفدا أمنيا مصريا، برئاسة اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول الملف الفلسطيني في المخابرات العامة المصرية في مكتبه بغزة".
وناقش الطرفان، خلال اللقاء الذي ضم عددا من قيادات الحركة، العديد من القضايا المطروحة على الساحة الفلسطينية، وسُبل كسر وإنهاء الحصار عن سكان قطاع غزة، بحسب مكتب هنية، ولم يوضح مكتب هنية، في البيان، نتائج الاجتماع، الذي استمر عدة ساعات.
وفي المقابل، جرى الحديث أكثر من مرة مؤخرا عن زيارة مرتقبة للسفير القطري محمد العمادي إلى غزة، إلا أن ثمة أسباب غير معلنة تقف وراء تأجيل الزيارة أكثر من مرة، فيما رجحت مصادر مطلعة لـ"الرسالة"، أمس الأربعاء، أن تكون الزيارة خلال الأيام القليلة المقبلة، لاستكمال إجراءات المنحة القطرية المقدمة لصالح قطاع غزة، في الشقين دعم محطة الكهرباء ورواتب الموظفين.
ويتركز في الوقت الحالي الجهد السياسي المبذول على استكمال إجراءات تحويل المنحة المالية القطرية، بعد نجاح جزء منها عبر إدخال الوقود اللازم لمحطة توليد الكهرباء رغم محاولات إفشالها، فيما يتبقى إدخال أموال لصالح موظفي غزة، والفئات المحتاجة بغزة وكذلك مشاريع تشغيل الخريجين، وزيادة كميات الكهرباء الواردة من خطوط الكهرباء مع الاحتلال، بالإضافة إلى تسهيلات أخرى عبر معبر كرم أبو سالم.
وفي آخر تطورات المنحة القطرية، قال مصدر حكومي مسؤول لـ"الرسالة" إن السلطة طالبت بدفع مبلغ مالي كضريبة على إدخال الأموال لقطاع غزة لصالح الموظفين والخريجين، كما حصل مع منحة الوقود بالحصول على ضريبة البلو التي فرضت على السولار المحول للمحطة، وهذا ما يعيق دخولها حتى هذه اللحظة، فيما قد تتجه قطر إلى دفع مبلغ مالي لصالح السلطة مقابل السماح بإدخال الأموال.
وأضاف أن عقبة السلطة تبقت بعد أن تم اجتياز عقبة الاحتلال التي كانت تتعلق بالفئات التي ستصرف لها الأموال، والتشييك على الأموال القادمة إلى غزة، كما جرى في المنحة المالية القطرية عقب عدوان صيف عام 2014، حينما حرم الاحتلال أكثر من 400 موظف من هذه المنحة بادعاء انتمائهم لحركة حماس وجناحها العسكري، مشيرا إلى أنها ستحول وتصرف تحت رعاية الأمم المتحدة كما جرى سابقا.
كما من المتوقع أن يشهد معبر رفح المزيد من التسهيلات، خصوصا في الملف التجاري، بتوسيع حركة الاستيراد من المعبر، وكذلك بحث إمكانية تصدير المنتوجات من غزة إلى مصر وللعالم عبر المعبر في وقت لاحق.
وفي التعقيب على ما سبق، قال الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني إن الزيارات المتتالية في الآونة الأخيرة تشير إلى أن نتائج إيجابية تلوح في الأفق من خلال تحقيق تدريجي لمطالب المقاومة الفلسطينية في مقابل هدوء نسبي على الحدود، وهنا الحديث يشير إلى التحكم بمسيرات العودة، مؤكدا أن الأمور باتت أقرب ما تكون إلى مرحلة الإنجاز في الوقت الحالي.
وأضاف الدجني في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أن حالة التكتيم الإعلامي المقصود على فحوى اللقاءات التي تعقد بين قيادة الفصائل وخصوصا حركة حماس مع الوفد المصري أو غيره من الوفود النشطة في ملف التهدئة بغزة تشير إلى رغبة الأطراف المعنية في تحقيق إنجاز ملموس، بعيدا عن الأضواء التي لطالما أفسدت جولات سابقة في هذا المضمار.
وفي نهاية المطاف، تشير الوقائع على الأرض على مدار الأسابيع الماضية إلى أن ثمة حالة من شراء الوقت تقوم بها الوفود النشطة بغزة، في محاولة منها للتخفيف من مطالب كلا الطرفين، بما يسمح بالوصول إلى اتفاق يرضي الطرفين، ويخفف من حدة التصعيد القائمة منذ أشهر على الحدود مع غزة.