قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: التطبيع قبل التوقيع.. صفقة القرن في مرحلتها الأخيرة

قابوس ونتنياهو
قابوس ونتنياهو

غزة-شيماء مرزوق

فتحت زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان الباب أمام الكثير من الجدل خاصة فيما يتعلق بقضية التطبيع العربي مع الاحتلال.

وفي الوقت الذي لاقت فيه الزيارة غضب الشارع الفلسطيني، الا ان المفارقة كانت أنها جاءت برغبة من رئيس السلطة محمود عباس حيث طلب من السلطان العماني التوسط في عملية التسوية السياسية وإقناع الجانب "الإسرائيلي" بقبول حل الدولتين.

الغريب ان السلطنة لم تر أي إشكالية في الزيارة بل وبررتها بانها جزء من مساعيها لخدمة أبناء الشعب الفلسطيني، ورفضت وصفها بالتطبيع وهو ما علق عليه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق: بالقول "من الغرائب أن هناك من يمنع الفلسطينيين من دخول بلادهم، أو العمل على أرضهم، وحينما ارادوا التطبيع مع عدوهم، برروا فعلهم بأنهم يريدون مساعدة الفلسطينيين وإنهاء معاناتهم، وجاء كرم اخلاقهم بدون ان يطلب الفلسطينيون منهم ذلك، ورغم أن المبادرة العربية تجعل التطبيع مقابل إنهاء الاحتلال".

ومن الواضح ان ما يسمى بصفقة القرن باتت في مراحلها النهائية خاصة انها بدأت بالإجراءات "الإسرائيلية" على الأرض من خلال الاستيطان والجدار الذي سيطر على 60% من أراضي الضفة الغربية، إلى جانب قرارات الإدارة الامريكية الخاصة بالقدس واللاجئين، ليتم تتويجها حالياً بموجات التطبيع العارمة في الوطن العربي بين الاحتلال والدول العربية تحت بند "التطبيع قبل التوقيع".

ورغم أن الدول العربية جميعها أعلنت مراراً التزامها بمبادرة السلام العربية التي طرحت في قمة بيروت عام 2002 والتي تنص بوضوح ان التطبيع مع الاحتلال يكون بعد إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 وتطبيق حل الدولتين، إلا أن الوقائع على الأرض تتخذ منحى مغاير.

زيارة نتنياهو المفاجئة إلى عُمان فتحت الباب أمامه إلى الخليج الذي عادة ما كان يُغلق في وجه الإسرائيليين، فقد قامت وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغيف بزيارة رسمية إلى مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، بعد حضورها نشاطا رياضيا في الامارة.

 كما غادر وزير الاتصالات أيوب قرا الى دبي لحضور مؤتمر دبي لاتحاد الاتصالات الدولية الاثنين، في حين سيشارك وزير النقل "يسرائيل كاتس" في مؤتمر دولي آخر في عُمان.

بدورها شهدت العاصمة القطرية الدوحة، استقبال وفد إسرائيلي للمشاركة في بطولة العالم للجمباز الفني "قطر 2018".

وتشهد علاقات (إسرائيل) مع دول الخليج تحسن ملحوظ في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك في المقام الأول الى عدم الثقة المشتركة في إيران واندفاعها نحو الهيمنة الإقليمية، وهو ما رحب به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث رأى أن السعودية وحلفاء آخرين في الشرق الأوسط هم المفتاح لسياسته في مواجهة إيران والنهوض بمقترح السلام الإقليمي الذي وعد بتقديمه.

في المقابل فان زيارة نتانياهو لعمان لاقت استنكار واسع من الطرف الفلسطيني الذي انتقد بشدة التطبيع العربي مع الاحتلال واللقاءات المستمرة، ورأى أنها نتيجة حتمية للتطبيع بين السلطة والاحتلال والذي يأخذ أشكال متنوعة أبرزها التنسيق الأمني والتبعية الاقتصادية إلى جانب اللقاءات شبه اليومية بين وزراء الحكومة الفلسطينية في رام الله ووزراء ومسؤولين في دولة الاحتلال.

وتحت شعار "نقبل بما يقبل به الفلسطينيون" الذي تمسك وما زال العرب به فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحلول المطروحة حولها، تجري الدول العربية هذه اللقاءات بشكل علني كون أصحاب القضية أنفسهم يمارسون ذلك ليل نهار بل ويردد الرئيس الفلسطيني باستمرار أحاديثه حول قدسية التنسيق الأمني.

كما ان الدول العربية في معظمها باتت ترى القضية الفلسطينية عبء ثقيل عليها وتقيد تحركاتها لمراعاة مصالحها ومواقفها السياسية التي تشهد تغييرات لافتة ومتسارعة في ظل الأوضاع التي تمر بها المنطقة.

ومن هذا الباب فان معظم الدول العربية ترى ان علاقتها بالاحتلال يحقق لها عدة أهداف أهمها إرضاء الإدارة الامريكية وتشكيل تحالف مع الكيان والذي يعتبر قوة عظمى في منطقة الشرق الأوسط ضد إيران.

ويبدو أن العلاقات العربية "الإسرائيلية" دخلت مرحلة جديدة لم تنتظر تطبيق صفقة الحل الإقليمي التي يرغب ترمب في طرحها وهي تتوافق مع رؤية نتانياهو، وبعدما نجحت (إسرائيل) في فرض اجراءاتها على الأرض باتت اليوم تعمل على منح الشرعية العربية والدولية لها.

البث المباشر