تحت سيف الوقت وضغط الأدوات النضالية تستعجل جميع الأطراف الدخول في تهدئة في قطاع غزة تضمن الهدوء على السياج الفاصل بينما يتم تخفيف الحصار (الإسرائيلي) على غزة، الخطوة التي لم تكن لتحصل لولا حالة الارباك الذي احدثتها مسيرات العودة وكسر الحصار.
وللمرة الأولى لن تخشى الفصائل غياب الضمانة لتنفيذ الاحتلال (الإسرائيلي) التفاهمات والتي عادة ما يجري التراجع عنها، كما جرى عقب تفاهمات وقف إطلاق النار التي جرت عقب عدواني "2012-2014"، فاستمرار المسيرات مع وقف الأدوات "الخشنة" مثل البالونات الحارقة واقتحام السلك هو الضامن الأساس الذي سيجبر الاحتلال على الالتزام بالتفاهمات.
وقد تعززت هذه الفكرة جيداً عقب الجمعة الأخيرة التي شهدت مستوى عال من الضبط، حيث بات من الواضح أمام جميع الأطراف "مصر-الاحتلال" الأمم المتحدة" أن المقاومة في غزة قادرة على ضبط المسيرات والميدان بقوة وهو ما أعطى رسالة قوة من غزة لجميع الأطراف، كما أن ما جرى شكل ضمانة قوية لفصائل المقاومة.
ويبدو أنها ليست وحدها التي تستعجل الاتفاق، فجميع الأطراف في عجلة من أمرها ويبدو هذا من قوة التحركات والزيارات شبه اليومية للوفد المصري لغزة و(إسرائيل)، رغم ان كل طرف له أسبابه ودوافعه، ففي حين تستعجل غزة التخفيف من حجم الازمة الإنسانية في القطاع، فإن (إسرائيل) معنية بتهدئة احتجاجات المستوطنين في غلاف غزة وإعادة الهدوء.
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل قال انه "لم يعد ثمة ضرورة لمزيد من التسريبات، بشأن نجاح الوفد المصري، في تحقيق تفاهمات بشأن التهدئة في قطاع غزة. التصريحات التي تصدر عن أطراف فلسطينية عديدة حول نجاح المساعي المصرية تؤكدها الأفعال والممارسات على الأرض. كل الأطراف الدولية والإقليمية و(إسرائيل) والفصائل في غزة، يستعجلون في تحقيق هذا الإنجاز".
وأضاف في مقال له أن الولايات المتحدة و(إسرائيل) تستعجل الانتقال خطوة أخرى بعد خطوتي القدس واللاجئين، وقطع المساعدات المالية عن السلطة في الطريق لتنفيذ صفقة القرن وتجاوز العقبات التي تحول دون ذلك.
ويتابع: بعد التصريحات الإيجابية لمسؤولين في حماس والجهاد الإسلامي، والهيئة الوطنية لمسيرات العودة، عن التوصل إلى تفاهمات بشأن التهدئة؛ جاءت الممارسات على الأرض لتؤكد ذلك.
واعتبر ان موقف السلطة بعدم السماح بإنجاز اتفاق حول التهدئة بدون مصالحة أصبح خلف الأحداث، الأمر الذي يشكل عاملا مهما، في إطار انتظار تغيير في الموقف، إما لجهة تخفيف الإجراءات والتوجه نحو المصالحة، وإما أن يؤدي ذلك إلى تصعيد إجراءاتها.
وقد تعززت لدى الاحتلال قناعة بأنه لا بديل عن تثبيت وقف إطلاق النار مع غزة في ظل عدم وجود جدوى من أي جولات عسكرية أخرى.
صحيفة جيروزاليم بوست الامريكية قالت إن نتنياهو الذي انتقد حكومة أولمرت عقب عدوان 2009 وحديثه انه سيقضى على حماس في غزة، وبعدما خاض جولتين عسكريتين في عهده، اليوم يتجه في خط واحد؛ إلى تعميق المفاوضات مع حماس للوصول الى هدنة طويلة الاجل مقابل الحصول على هدوء جنوب (إسرائيل).
وتضيف الصحيفة ان نتنياهو يدرك تماما اليوم وأمس أنه ليس امام (إسرائيل) سوى القبول بسيطرة حماس على غزة.
في مقابلة نادرة من نوعها مع يديعوت آحرنوت قبل أيام، طرح العميد "درور شالوم، رئيس قسم أبحاث الاستخبارات العسكرية في الجيش (الإسرائيلي)؛ بوضوح الوضع الذي يواجه صانعي القرار السياسي في (إسرائيل)، موضحا ان "التحدي الذي يواجهم هو إبقاء رأس سكان غزة فوق مياه الصرف الصحي.
وذكر أن الاطاحة بحماس ليست الحل، متسائلا إذا سقطت حماس، من سيحكم في غزة؟
ويقول: بدون الشجاعة السياسية لقول ذلك بشكل صريح، يبدو كما لو أن رئيس وزرائنا قد توصل إلى نفس النتيجة.
وأضاف "شالوم": لا يوجد أحد معني بإزاحة حماس وتولي السيطرة على غزة؛ السلطة غير قادرة، ومصر ليست مكترثة، وتساءل " هل يمكن ان يحدث ذلك؛ ان تكون الحملة الانتخابية لعام 2019 ـ خالية لأول مرة من التهديدات الفارغة من قبل نتنياهو بتدمير حماس؟