الرسالة نت - مها شهوان
حينما يحل شهر رمضان تسارع النسوة بإعداد أشهى المأكولات و أجود أنواع الطعام، وعندما ينتهي أفراد الأسرة من تناول إفطارهم يزيد الطعام ويكون مصيره سلة المهملات، لكن في المقابل هناك العديد من الأسر الفقيرة لا تجد ما يسد رمقها بعد صيام نهار طويل في الشهر الفضيل.
أحد الدعاة روى "للرسالة نت " أنه حينما ثبت شهر رمضان المبارك أتته رسالة عبر هاتفه المحمول من رجل يطلب شيقلا واحدا لشراء البيض كي يضمن سحورا لأبنائه، وروى أيضا أن العديد من الأهالي يرسلون أبناءهم للمساجد لصلاة المغرب كي يضمنوا فطورا لهم.
وعلى ضوء ذلك سلطت "الرسالة" الضوء لمعرفة حكم الشريعة بالتبذير ،بالإضافة إلى الهدف من الصيام ،إلى جانب تقديم بعض النصائح للحد من التبذير.
ذمته الشريعة
وفي هذا السياق أكد الداعية د.صادق قنديل أن الشريعة الإسلامية ذمت التبذير على الصعيد المادي والمعنوي على حد سواء وجعلته من صفات إبليس كما جاء في قوله تعالى "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين"، معتبرا أن من يستهتر بالنعمة يكفر بصور شكر الله على نعمه بدلا من استغلالها على أكمل وجه.
وقال "للرسالة نت ":"الأصل أن يأكل المسلم الطعام وإن فاض عليه يوزعه على المحتاجين حتى يكسب الصدقة "، مضيفا: توزيع الطعام على المحتاجين يؤكد قول رسول الله "من كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له".
ويعود سبب التبذير في شهر رمضان إلى الاعتقاد الخاطئ بين الناس بأن رمضان شهر الجود والخيرات والكرم هو شهر التلذذ بأصناف الطعام المختلفة وغير المعتادة في الأيام العادية فينكب أرباب البيوت إلى الأسواق يأتون بحاجيات الشهر المتناثرة على البسطات عند أبواب المحال التجارية بكميات كبيرة قد لا يستخدمونها طوال الشهر لزحمة المائدة بأصناف الطعام والشراب.
وذكر قنديل أن إعطاء فضول الطعام للمحتاجين له فضل في ثلاث أمور وهي خروجه عن التبذير الذي ذمته الشريعة،وتصدقه بالزائد من الطعام والشراب يمكنه من الحصول على أجر الصدقة في رمضان ،بالإضافة إلى أنه يعزز أواصر المحبة المجتمعية لاسيما في شهر المحبة والغفران.
مدرسة تجذيبية
بعض المسلمين يعتقدون أن شهر الصيام جاء لإعداد المأكولات دون إدراكهم للهدف السامي الذي جعله الله سبحانه وتعالى للصيام, وعن ذلك أوضح قنديل "للرسالة" أن هدف الصيام التقوى بمعنى الوقاية وفصل المسلم نفسه عن بيئة المعصية والانضمام لأسوار الصيام المنيعة الحصينة لوقايته من كافة الشهوات والمغريات،مشيرا إلى ضرورة أن يكون الصيام مدرسة تجذيبية إيمانية .
ووجه قنديل نصائح للمسلمين في شهر رمضان بتذكر الفقراء وتقديم الطعام لهم ،وترجمة محبتهم لله عز وجل بالالتزام بمنهج النبي وعدم التبذير،مطالبا كافة الصائمين بالحفاظ على النعمة والتذكر بأنه في حال عدم المحافظة عليها سيأتي اليوم الذي يحرمون منها ويصبحون بحاجة للآخرين.
حكم عظيمة
وفي تعليقه على ممارسات التبذير والبذخ التي تتجلى لدى الأسر العربية على مائدة رمضان يؤكد عميد كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية بغزة د.ماهر الحولي أن شهر رمضان به حكم عظيمة وفوائد جليلة وكبيرة منها على سبيل المثال لا الحصر الناحية الصحية، قائلاً :"لا يستفاد أن يبقى الإنسان صائم طوال اليوم ثمَّ يتخم نفسه عند الإفطار بأنواع الطعام "، وأضاف :"الملاحظ في واقعنا أن الناس في شهر رمضان تصل إلى درجة التبذير في إعداد مائدة الإفطار وهذا لا يجوز بأي حال من الأحول، معقباً الله سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا}.
و تابع الأصل أن تصنع ربات البيوت من الطعام ما لا يزيد عن الحاجة ويلقى في القمامة، ولا مانع من أن يكون متنوعاً لكن في حدود الحاجة.
ودعا د. الحولي إلى ضرورة مراعاة مشاعر الجيران ممن قتر عليهم الحال وأضناهم الفقر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قالوا من بات شبعان وجاره جائع، وقال صلى الله عليه وسلم في موضع آخر:" من طبخ مرقاً فليكثر ماءها وليتعاهد جيرانه"، والمتفحص لأحاديث النبي وآيات القرآن العظيم يجدها تحث على الشعور بالآخرين وشهر رمضان فيه هذا العمل.