حذّرت جماعات حقوقية أسترالية من نظام واسع قوي يسمح بمطابقة شبه فورية لصور وجوه المواطنين بما قد يشكل خطرا على الحق في التظاهر والمعارضة، وفقا لما ذكره الكاتب كريستوفر ناوس في تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية.
وبحسب الكاتب فإنه يمكن لهذه التقنية -التي تعرف اختصارا باسم "القدرة"- تجميع وحفظ صور لوجوه الأفراد انطلاقا من مصادر مختلفة في أستراليا، من بينها قاعدة بيانات رخص القيادة وجوازات السفر والتأشيرات.
وعقب ذلك، يمكن مقارنة هذه البيانات البيومترية، بشكل فوري، مع مصادر أخرى مثل تسجيلات كاميرات المراقبة، من أجل التعرف على هويات المواطنين.
وأوضح الكاتب أن هذا النظام الذي تشرف عليه وزارة الأمن الداخلي مصمم ليوفر للوكالات الأمنية والاستخباراتية أداة فعالة للتعرف على مرتكبي الجرائم، وسرعة كشف المتورطين في العمليات الإرهابية والمشتبه بهم.
لكن هذا النظام أثار مخاوف جدية في أوساط الأكاديميين وجماعات حقوق الإنسان وخبراء حماية الخصوصية، حيث يعمل على مسح وتحليل البيانات البيومترية الشخصية للمواطنين، بغض النظر عما إذا كانوا قد ارتكبوا جريمة أم لا.
وقد حذر منتقدو هذا النظام من أنه سيتسبب بانتهاك واسع النطاق لخصوصية المواطنين، ويمكن استغلاله للقيام بعمليات التنصت الجماعية على الشعب.
كما برزت مخاوف إزاء طبيعة التصاريح التي تمتلكها المؤسسات الخاصة للاطلاع على هذا النظام، في ظل النص القانوني غير الدقيق الذي يسمح باستخدام هذه التقنية لأغراض أخرى غير القضايا الإجرامية والإرهابية.
وأورد الكاتب أن الولايات الأسترالية اتفقت على اعتماد هذه الفكرة، في اجتماع مجلس الحكومات خلال السنة الماضية، في انتظار المصادقة عليها من قبل البرلمان الفدرالي.
وتعد ولاية نيوساوث ويلز من الولايات المساندة لتكنولوجيا "القدرة" كما ترغب في السماح بمشاركة البيانات الواردة في رخص قيادة السيارات مع الحكومة. فضلا عن ذلك، تعتزم الولاية استثمار 52.6 مليون دولار على مدى السنوات الأربع القادمة لتسهيل تنفيذ هذه الفكرة.
وقد استمعت لجنة تحقيق في برلمان ولاية نيوساوث ويلز الأربعاء الماضي إلى مخاوف بشأن تأثيرات هذا النظام الإلكتروني على النقاشات السياسية والحق في التظاهر والمعارضة المدنية.
وقد ذكرت ليزلي لينش نائبة رئيس مجلس الحريات المدنية في نيوساوث ويلز أن قدرة هذا النظام على التعرف على الوجوه والهويات خلال وقت قصير تمثل تغييرا خطيرا يمكن أن يسمح بعمليات تنصت جماعي على عموم المواطنين حتى أثناء التجمعات الشعبية الكبرى.
وأكدت أنه "من الصعب أن نصدق أن اعتماد هذه التكنولوجيا لن يؤدي لتسليط ضغوط على المواطنين، حتى لو لم يحدث ذلك على المدى القريب، في ظل إمكانية استخدامها في سياقات عدة ولدوافع متنوعة".
وأضافت "هذا يمثل في جوهره تهديدا حقيقيا لحق الأفراد في حماية سرية هوياتهم. ولكن البعد الأكثر إثارة للقلق يكمن في تأثيره المخيف على حرية الآراء السياسية والحق في التظاهر والمعارضة. نحن نعتقد أن هذه التبعات المحتملة يجب أن تكون مبعث قلق لنا جميعا".
وذكر الكاتب أن حكومة نيوساوث ويلز كانت في وقت سابق قد نفت إمكانية استخدام هذا النظام لعمليات التنصت الجماعية، وأكدت أنها تنوي استخدامه بشكل موجه لمكافحة جرائم التحايل.
كما أورد أندرو رايس مساعد وزير الشؤون الداخلية أن جرائم التحايل أثرت على ربع سكان أستراليا، وأن هذا النظام الجديد مهم جدا لمكافحة هذا النوع من الجرائم.
وأردف أن "جرائم التحايل تسبب ضررا كبيرا للاقتصاد والأفراد كل سنة، وهي مصدر أساسي للإرهاب والجريمة المنظمة".
وكانت سامانثا غيفيل رئيسة مفوضية حماية الخصوصية في نيوساوث ويلز قد أعلنت أن هذا النظام الجديد مصمم مع ضمانات قوية لحماية الخصوصية. كما أوضحت أنه طور بالتشاور مع مفوضيات حماية الخصوصية بالولايات والحكومة الفدرالية، وعبرت عن ثقتها في أنه سيوفر ضمانات لتقنين إطلاع المؤسسات الخاصة على أسرار المواطنين.
وقالت غيفيل "من الواضح أن المؤسسات ستحصل على إذن الدخول لهذا النظام عبر اتفاقات مشاركة، وستكون هناك قيود واضحة على إمكانية إطلاع القطاع الخاص على البيانات صلب هذا النظام".
وأشار الكاتب إلى أن جزءا من هذا النظام المتطور، وهو خدمة التحقق من الوجوه، بدأ تطبيقه فعليا. وتسمح هذه الخدمة بإجراء عمليات التحقق من وجه كل فرد بناء على صورته، حيث تربط بين صورة الشخص وصورته الأخرى الموجودة بإحدى السجلات الحكومية.
علاوة على ذلك، يوجد جزء آخر من النظام يسمى خدمة التعرف على الوجوه، يسمح بالمقارنة بين صورة شخص مجهول والسجلات الحكومية العديدة، للمساعدة في البحث عن هويته الحقيقية.
وختم الكاتب بأن قاعدة البيانات ستكون مفتوحة للحكومة الفدرالية وحكومات الولايات من خلال موقع مركزي يربط بين مختلف الهويات والصور الموجودة في قواعد بيانات الأطراف المعنية.
المصدر: غارديان