قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: ماذا لو تلقت غزة أموال المقاصة الخاصة بها؟

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة – أحمد أبو قمر

يمر قطاع غزة بأوضاع اقتصادية متدهورة نتيجة الحصار المستمر منذ 12 عاما، والعقوبات الاقتصادية التي يفرضها رئيس السلطة محمود عباس منذ عام ونصف.

ومع اقتطاع عباس لرواتب السلطة إلى النصف، ومجزرة التقاعد التي لحقت بالموظفين فضلا عن تنصل الحكومة برام الله عن دفع رواتب موظفي غزة والمصاريف التشغيلية للوزارات في ظل استلامها للمعابر وايراداتها بالكامل، بات القطاع بلا سيولة مالية، فيما باتت القدرة الشرائية شبه معدومة.

وفي ظل ما يتردد عن إمكانية تحويل (إسرائيل) أموال المقاصة الخاصة بالقطاع، إلى ميزانية غزة وراتب موظفي السلطة فيها، وفق ما صرّح صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فعندها كيف سيكون الوضع الاقتصادي في غزة حال تنفيذ هذه الخطوة؟.

ميزانية السلطة مهددة!

وبغض النظر عن الأقوال المتكررة من مسؤولين برام الله، بأن نصف ميزانية السلطة تذهب لغزة، إلا أن مصدر مطلع في وزارة المالية برام الله أكد لـ"الرسالة" أن مجموع ما تصرفه السلطة على غزة –قبل العقوبات المفروضة حاليا- لا يتجاوز 20% من موازنتها، في حين أن 60% من موازنتها السنوية تجبيها عبر المقاصة من غزة.

وقال المصدر: "جميع ما يتردد في وسائل الاعلام، أهدافه سياسية فقط، علينا أن ندرك أنه لولا أموال المقاصة التي تجبيها السلطة من غزة، فلن تستطيع دفع رواتب موظفيها وستواجه عجزا كبيرا في الميزانية".

بدوره، قال المختص في الشأن الاقتصادي الدكتور أسامة نوفل، إن السلطة أجرت سلسلة من العقوبات على غزة تتمثل بوقف حصة غزة من الأدوية والمستلزمات الطبية والنفقات التشغيلية، وتخفيض حصتها الواردة من الكهرباء بنحو 50 ميغا وات".

كما وحرمت القطاع من المشاريع التطويرية سوى بجزء محدود عبر صندوق اقراض البلديات، واعتمدت سياسة التضييق على عمل المؤسسات الانسانية العاملة في قطاع غزة.

وقال نوفل إن الناتج المحلي لقطاع غزة تراجع من 493 مليون دولار في الربع الأول 2017 قبل العقوبات إلى 432 مليون دولار في الربع الثالث 2017 بمتوسط تراجع 12%، كما تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي من 257 دولارا إلى 232 دولارا خلال نفس الفترة، ومع وقف الرواتب فإن النسب ستهبط بشكل كارثي.

وأضاف: "السلطة تحصل على أغلب إيراداتها من غزة، عبر ضرائب المقاصة والبلو، إلا أن حجم انفاقها على القطاع محدود جدا".

ولفت إلى أن السلطة لم تُعيّن أي موظف من قطاع غزة خلال فترة الانقسام، وفي المقابل ازداد عدد الموظفين في الضفة ليبلغ 100 ألف موظف.

وتجدر الإشارة إلى أن نسب الفقر في قطاع غزة تجاوزت مع نهاية العام الماضية الـ 80%، وبات أكثر من مليون شخص يتلقى مساعدات.

وبحسب دراسة سابقة أعدها فريق محللين ماليين قبل عامين، فإن السلطة تدعي أنها تنفق حوالي 47% من موازنتها على قطاع غزة إلا أن ما ينفق فعليا لا يتجاوز 22% من اجمالي الموازنة بما يعادل مبلغ 918 مليون دولار من أصل 1.7 مليار دولار "حصة غزة الافتراضية" هي مجموع ما تم إنفاقه بما في ذلك صافي الإقراض.

وخرج فريق المحللين بأرقام تبدو صادمة نتيجة الفرق الكبير بين ما تنشره السلطة من معلومات وما تنفقه فعليا، خاصة في ظل مساهمة قطاع غزة القوية في إجمالي إيرادات السلطة والتي بلغت 2.76 مليار دولار خلال عام 2014، خلاف المنح والمساعدات الخارجية، حيث تمثل المقاصة الجزء الأكبر من تلك الإيرادات حيث بلغ اجمالي إيرادات المقاصة 2.03 مليار دولار والصافي 1.93 مليار دولار.

وتشير البيانات إلى أن غزة تساهم بنسبة 50% من ايرادات المقاصة، وهي نسبة كبيرة جعلت من القطاع بمثابة "بقرة حلوب" للسلطة، وتعود أسباب ارتفاع ايرادات المقاصة إلى تحويل كامل الواردات لغزة عبر الطرف (الإسرائيلي) وذلك بعد اغلاق الأنفاق بشكل كامل ما ساهم في زيادة ايرادات المقاصة عام 2014 بنسبة 12% عن السنوات السابقة.

وتبين أيضا أن نسبة التهرب الضريبي في الضفة أعلى بكثير من غزة نتيجة المساحة الواسعة والحدود الطويلة بخلاف الوضع في غزة حيث الاحكام الكامل لحدودها، الى جانب ضعف القدرة الانتاجية في غزة مقارنة بالضفة الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفة احتياجات القطاع من الواردات.

وفي حديث له في رام الله بداية الأسبوع الجاري، قال صائب عريقات إن "البلاغ الإسرائيلي بالتهديد بتوجيه المقاصة لغزة، وُجه للجانب الفلسطيني، الأسبوع الماضي".

ولم يدل عريقات بأي تفاصيل، بشأن حصة غزة من أموال المقاصة، أو قيمة كامل مخصصات غزة الشهرية (فاتورة رواتب ونفقات جارية) وقيمة الاقتطاع.

وأموال المقاصة، هي ضرائب تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية، على السلع الواردة شهريا إلى فلسطين، وتقوم بتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية.

ويبلغ متوسط قيمة إيرادات المقاصة شهريا، نحو 180 مليون دولار، وفق أرقام وزارة المالية الفلسطينية، تستخدمها الحكومة في توفير فاتورة رواتب الموظفين العموميين.

وفي ورشة عمل، نظمها الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة، دعا الفريق لإنصاف قطاع غزة بالموازنة العامة للحكومة الفلسطينية؛ لتقليل فجوة النفقات بين الضفة المحتلة والقطاع، مطالبًا بإتاحة المعلومات للجمهور لتعزيز مبدأ الشفافية.

وشدد الفريق الذي ضم "باحثين ومختصين اقتصاديين وحقوقيين وأكاديميين" على ضرورة ردم الفجوة التمويلية بين غزة والضفة، وإيضاح وزارة المالية في رام الله نفقاتها على وزارتي الصحة والتعليم في غزة، بالإضافة لاستعراض إجراءاتها للتخفيف من العجز الحاصل على الموازنة.

وبالنظر إلى الأرقام السابقة، يتضح جليا أنه في حال تلقى قطاع غزة أموال المقاصة الخاصة به، فإنه يستطيع دفع رواتب موظفي السلطة وغزة معا، مع وجود جزء من الفائض، في المقابل ستعاني ميزانية السلطة من عجز وزيادة في المديونية التي تعدت الخمسة مليارات دولار.

البث المباشر