قائمة الموقع

مكتوب: بالمرصاد.. الرماة لم يبرحوا الجبل والاحتلال أخطأ التقدير!

2018-11-12T08:24:54+02:00
بالمرصاد.. الرماة لم يبرحوا الجبل والاحتلال أخطأ التقدير!
الرسالة – محمود هنية

ما إن أسدل الليل ستاره مساء الأحد، حتى بدأت خفافيش الظلام بالتسلل لقطاع غزة من حدوده الجنوبية الشرقية، لاستهداف أحد أبرز قادة كتائب القسام في المنطقة، ظنًا أن المقاومين قد برحوا مواقعهم الحدودية التي تبعد حوالي 2 كم عن الحدود، واعتقادًا أنهم منشغلون في المكتسبات الإنسانية.

مع أول رصاصة صوبتها الأيدي الغادرة تجاه الشهيد القائد الشيخ نور الدين بركة الذي أتم حفظ القرآن وحاز على إجازة السند بالقراءات العشرة والعالم الشرعي، كانت حدود المنطقة قد طُوقت تمامًا وبدأت العملية بالمرصاد تتعقب آثارهم وتخوض معهم مواجهة تخطت نيرانها ما تحمله المجموعة لتدخل بشكل مباشر مختلف أسلحة العدو وفي المقدمة منها سلاح الطيران.

كتائب القسام وفي بيان لها، أكدّت أنّ "المقاومة أفشلت المخطط الصهيوني الذي يستهدف خلط الأوراق ومباغتة المقاومة وتسجيل إنجاز نوعي في التصدي لمحاولات الاحتلال"، مشيرة إلى أن القوة تمكنت من الانسحاب تحت ضربات طائرات الاحتلال.

وبمعزل عن تفاصيل المواجهة، لكنّها في مجملها تشير إلى قدرة عالية في الرصد والتعقب واليقظة انتهت في مجملها إلى عودة الجنود "الإسرائيليين" ما بين قتيل وجريح، أعلن "الإعلام الإسرائيلي" أن القتيل مسؤول بارز في لواء جولاني الذي يعده الكيان نخبة ألويته الحربية، وأفصح عن فشل استخباري واضح وذريع لدى قيادة الاحتلال، طبقًا لمختصين في مجال الأمن.

وحضر عنصر المفاجأة كأحد أهم استخلاصات المواجهة، سواءً كان على بعديها السياسي أو الميداني، لا سيما وأن تلك المباغتة" الإسرائيلية "التي جاءت في ظل ظروف سياسية تقترب من التهدئة واعتقادًا أن القسام ليس بوارد الاستنفار العسكري؛ ليفاجئ الإسرائيلي بعنصر مباغت آخر يتمثل في الجهوزية الميدانية الفورية لكل من القسام والسرايا وحتى أجهزة الداخلية التي أعلنت عن تطويق القطاع والمفترقات في الساعة الأولى من الحدث.

تكشف مصادر مقربة من المقاومة، أن هذه ليست العملية الأولى التي تحرز يقظة الكتائب وتعقبها للاحتلال وأدواته، فاليقظة والمرصاد عملية دائمة تجلت بإنجاز كبير في مجالات مختلفة في مقدمتها الكشف عن مزيد من العملاء وشبكاته وأنظمته الاستخبارية المعقدة.

تقول المصادر لـ"الرسالة نت" إن المقاومة تتعقب أدوات العدو بشكل حثيث كان بينهم من أعلنت عنه وهو متورط في حادث الزوايدة الأخير، في ضربة أمنية يدرك الاحتلال أثرها جيدًا.

خبراء أمنيون، وجدوا في تلك الضربات أهبة واضحة واستعدادًا كاملًا لمنظومة المقاومة، وتأكيدًا على أنها بالمرصاد للاحتلال، وأن الرماة لم يبرحوا الجبل كما توهم المحتل.

الخبير في المجال الأمني والعسكري د.رامي أبو زبيدة أكدّ وفي ضوء ما أعلنه الاحتلال عن مصادقة كلٍ من رئيس وزراء الاحتلال بينيامين نتنياهو ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة الأركان آيزنكوت، على هذه العملية، فإن هذه دلالة على أن العملية تمت نتيجة أزمات تعيشها الأطراف الثلاثة، وفي الوقت ذاته كشفت عن مجموعة من الإخفاقات المهمة التي قد تبعد شبح المواجهة عن القطاع من الناحية العملياتية.

وأوضح أبو زبيدة لـ"الرسالة نت" أن نتنياهو في ضوء ما يعيشه من ملاحقة على صعيد قضايا الفساد، وليبرمان في ضوء ما يتهم به من عجز في إدارة وحسم القرار ورغبته في اثبات مؤهلاته على صعيد وزارته والأخير آيزنكوت الذي يوشك أن يغادر خدمته يحاول كل منهم أن يقدم ولو صورة لنصر وهمي في عملية كهذه.

وفي ضوء نتائج العملية يشير أبو زبيدة أنها كشفت عن عدة إخفاقات عملياتية مهمة تتمثل أولها في الإخفاق الاستخباري لدى قيادة العدو في تقدير الدخول إلى عمق القطاع، أي أن قيادة الاحتلال أخطأت التقدير دون أن تنتبه لما كانت الكتائب قد أعلنت عنه سابقًا "لا تخطئوا التقدير"، موضحًا أن قيادة الاحتلال لم تتوقع جهوزية الشباب وإمكانية تطور العمل لأسر واختطاف.

ويشير أبو زبيدة إلى أن الإخفاق الأهم في العملية يتمثل في الفشل الذي يعاني منه الجيش وهو التنفيذ الميداني في المواجهة العملياتية المباشرة مع المقاومة، أي أن الجندي غير قادر على تنفيذ ما تدرب عليه واستعد عليه، وهو ما يثير الشكوك في إمكانية خوضه لمواجهة مفتوحة مع المقاومة وسيبعد عن غزة الحرب كثيرًا، وفق تقديره.

من ناحيته، يشير الخبير الأمني الدكتور رفيق أبو هاني، أنّ الاحتلال بدأ بالمغامرة والمقامرة للحصول على معلومات بشأن المقاومة بعد فشله البشري والتقني في الحصول عليها، ما دفعه للجوء إلى سياسة الخطف والاعتقال، تحديدًا للشهيد نور الدين.

وأوضح أبو هاني في حديثه لـ"الرسالة نت" أنّ العملية أثبتت إخفاقًا عسكريًا وأمنيًا للاحتلال، كما أثبتت يقظة وقدرة للمقاومة، وسيدفعها لاتخاذ المزيد من الإجراءات، في ضوء نتائج عملية الأمس التي كادت أن تتطور لمواجهة شاملة.

مع ذلك يستبعد أبو هاني أن تتطور المواجهة إلى حرب مفتوحة، في ضوء تقديرات الطرفين، لكن العملية ستلقي بظلالها لتفصح عن بعد آخر من الاستعداد سيحسب الإسرائيلي له حساب.

وزفت كتائب القسام على إثر هذه العملية سبعة مقاومين، مؤكدة في بيانها أنها"ستبقى ضاغطةً على الزناد، فالمعركة بيننا وبين المحتل سجال، ولن ينعم العدو بالأمن على أرضنا، ولن نسمح له باستباحة شعبنا وأرضنا وستكون مقاومتنا دوما له بالمرصاد بإذن الله تعالى".

اخبار ذات صلة