قائمة الموقع

مكتوب: تبكير الانتخابات الإسرائيلية ومستقبل المواجهة مع غزة

2018-11-19T08:08:03+02:00
نتنياهو وليبرمان
د. صالح النعامي

على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إحباط مساعي شركائه في الائتلاف الحاكم والمعارضة لتبكير الانتخابات التشريعية، إلا أن نتائج جولة التصعيد الأخيرة مع المقاومة في قطاع غزة قضت بشكل شبه مطلق على أي إمكانية لأن يواصل الائتلاف الحالي الحكم.

فنتنياهو يعي تماما أن حزبي "كلنا"، الذي يقوده وزير المالية موشيه كحلون، و"البيت اليهودي"، بزعامة وزير التعليم نفتالي بنيت يصران على حل البرلمان وتبكير الانتخابات لدواع متباينة.

فرفض نتنياهو منح بنيت منصب وزير الحرب في أعقاب استقالة أفيغدور ليبرمان، سيدفع "البيت اليهودي" للانسحاب من الحكومة تكريسا للإنذار الذي قدمه الحزب بأنه في حال لم يتم منح زعيمه هذا الموقع، فإنه سيعمد إلى مغادرة الائتلاف.

ويصر بنيت على تولي منصب وزير الحرب كشرط لبقاء الحكومة، لأنه يرى أن وصوله إلى هذا الموقع قد يمثل توطئة لتوليه منصب رئيس الوزراء ليكون أول متدين يتولى هذا المنصب، على اعتبار أنه سيوظف وجوده على رأس المؤسسة الأمنية في تطبيق الحلول العسكرية بالغة القسوة التي عرضها لمواجهة المقاومة في غزة، معتقدا أن هذا سيعزز مكانته الجماهيرية بشكل كبير.

ومما كشفه موآف فاردي، المعلق في قناة التلفزة الرسمية "كان"، يتضح أن بنيت عرض خلال جلسات المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن خطة سيفضي تطبيقها إلى تسوية أحياء كاملة في غزة بالأرض مع كل ما ينطوي عليه الأمر من سقوط أعداد كبيرة من القتلى في صفوف المدنيين.

وفي المقابل، فإن كحلون معني بتبكير الانتخابات لأن استطلاعات الرأي تتوقع للحزب تحقيق مكاسب جيدة، وذلك بسبب رضا قطاع من الجمهور الإسرائيلي عن السياسات التي اعتمدها في التعاطي مع أزمة السكن، والتي لاقت استحسان الكثير من الأزواج الشابة.

نتنياهو من ناحيته عمد إلى شيطنة الدعوات لتبكير الانتخابات وأخذ يحذر من مخاطر إسقاط الحكومة على الرغم من إدراكه أن هذه النتيجة باتت حتمية لأنه يريد المس بحظوظ "كلنا" و"البيت اليهودي" في الانتخابات القادمة، وتصويرهما أمام جمهور اليمين بأنهما يخاطران بتهديد حكم اليمين بسبب اعتبارات حزبية وشخصية ضيقة.

فتعمد نتنياهو المس بـ "البيت اليهودي" و"كلنا" يأتي لأنه يدرك أن هذين الحزبين ينافسان الليكود على نفس القاعدة الانتخابية تقريبا.

ويحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بكل قوة عدم السماح بتبكير الانتخابات لأنه يعي أن أي انتخابات ستجرى حاليا ستفضي إلى المس بمكانة حزب الليكود وقد تهدد قدرته على تشكيل الحكومة القادمة؛ وذلك بسبب تراجع ثقة جمهور اليمين في السياسات الأمنية التي تبنتها حكومته، سيما في أعقاب نتائج الجولة الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية، والتي رأى فيها جمهور اليمين "خضوعا وهزيمة".

نتنياهو، الذي يضبط سلوكه حسب نتائج استطلاعات الرأي، يعي تماما أن الاستطلاعات التي صدرت في أعقاب المواجهة الأخيرة تدلل على تراجع شعبية الليكود؛ حيث أنه على الرغم من أن هذا التراجع محدود فإن الحزب يمكن أن يخسر المزيد من مكاسبه في حال تواصلت مظاهر الغضب والإحباط الجماهيري من نتائج المواجهة الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية.

ومما يفاقم إحباط نتنياهو حقيقة أن القطاعات الجماهيرية التي تحتج على سياساته الأمنية وتتظاهر ضدها هي تحديدا تلك التي تمثل جزءا مهما من قواعد اليمين والليكود، في مدن وبلدات جنوب الكيان الصهيوني.

وتدل كل المؤشرات على أن نتنياهو، الذي يدرك أنه ليس بوسعه الحيلولة دون تبكير الانتخابات لأن هذا يتوقف على مواقف شركائه في الائتلاف، سيوافق في النهاية على هذه الخطوة، لكنه في المقابل، سيحاول بكل ما أوتي من قوة تأخير إجرائها إلى أبعد وقت ممكن.

ففي الوقت الذي تطالب الأحزاب الأخرى بإجراء الانتخابات في مارس المقبل، فإن الليكود يطالب بحل البرلمان في مايو، على أن تجرى الانتخابات بعد ذلك بشهرين، أي في تموز.

ويهدف نتنياهو من محاولاته تأخير موعد الانتخابات المبكرة إلى تقليص تأثير نتائج جولة المواجهة الأخيرة مع حماس على توجهات الناخب الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته، فإن نتنياهو، الذي من المرجح أن يحتفظ بمنصب وزير الحرب، قد يلجأ إلى تنفيذ عمل عسكري مباغت ضد حماس، تضمن نتائجه استعادة شعبية الليكود لدى جمهور اليمين.

ومما يدلل على أن فرص الخيار الأخير كبيرة حقيقة أن نتنياهو قد قال أول أمس إنه على الرغم من وقف إطلاق النار مع حماس إلا أن (إسرائيل) لازالت في "أوج معركة مستمرة"، وهو ما جعل الكثير من المعلقين في (إسرائيل) يرون في هذه الإشارة دلالة على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يمكن أن يأمر بتنفيذ عمل عسكري مباغت ضد حماس داخل غزة أو في الخارج.

ومن الواضح أن نتنياهو سيتجنب ما أمكن إفشال تبكير الانتخابات عن طريق الموافقة على تعيين بنيت وزيرا للحرب، على اعتبار أنه في حال نجحت السياسات الأمنية تجاه غزة حينها، فإن هذه النتيجة ستحسب لحزب "البيت اليهودي"، وفي حال فشلت فإن هذا سيعزز من دافعية الجمهور الإسرائيلي لمعاقبة الليكود في صناديق الاقتراع.

اخبار ذات صلة