عمره عشرون عاما، لم يكن يريد الموت، لكن ارادتك في غزة لا تكفي، وحبك للحياة لا يكفي، فهناك عدو لا يعجبه ذلك، أحلامك تركض وراءها (إسرائيل) لتسرقها، في غمضة عين وطلقة رصاصة.
ماتت أمه قبل عشر سنوات، تركت له أربعة أخوة، وهو بين الأكبر والأصغر، يعمل في الصيد ليساعد في مصروفات البيت بجانب أخوته، وأخواته اللواتي افترشن الأرض بجانب جسده الشاب يمسدن بأيديهم على شعره الأسود ويتذكرن أن "نواف العطار" طلب منهن ذات ليلة أن يبحثن له عن عروس.
بكت أخواته حوله، على أحلامه، ولقمة العيش التي لم يأكلها، وحظ كتبه الوجع والحسرة، وأمام شقيقه أحمد سقط، فبينما هما يصطادان في بحر الشمال، أطلقت من بعيد رصاصة، هرب الجميع ومنهم نواف، ولكنه تذكر شبكته فعاد أدراجه ليأخذها، فهي مصدر رزقه الوحيد والذي لا يملك غيره قوتا لإخوته، ولكنها كانت رصاصة قاضية.
قنصه الاحتلال بشكل متعمد في بطنه، فسقط على مرأى من شقيقه، وبعد ساعات من التهدئة التي أعلنها الاحتلال والمقاومة، وحجة الاحتلال كعادته جاهزة، بأن نواف ورفاقه قد تجاوزوا المسافة المسموحة للصيد، فأطلق عليهم النار بدم بارد، أو بمدفعية تعي جيدا ما فعلته وكأنها تتشفى بجسد نواف تعبيرا عن غضبها مما فعلته بها المقاومة قبل ساعات من ذلك الحدث!
وهناك في منزل العطار، حيث يزدحم الفقر والوجع والشهادة تقف الأخوات على باب الدار ينعون حبيبهم القادم محمولا على النعش، ويلعّن عدوا لا يعرف الرحمة بكل لغات العالم، ويصرخن بنفس واحد:" الله يقوي المقاومة، كلنا المقاومة".
بينما عبر عمه "محمد" عن غضبه قائلا: أربعة أخوة، يركضون على لقمة عيشهم وقوت يومهم، لماذا يقتل نواف بهذه الطريقة بدون أي رحمة؟!
وضجت شبكات التواصل الاجتماعي بصورة شقيق نواف الأصغر وهو يبكي منهارا أمام جثمان شقيقه نواف شهيد الغل والكيد الإسرائيلي/ متسائلين عن معنى الهدنة التي تم الاتفاق عليها قبل ساعات، وتلك التي لا تحترمها (إسرائيل) كعادتها.
ويعاني الصيادون في قطاع غزة من واقع مؤلم حيث تضيع حقوقهم بين مد وجز القوانين التي يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين فيما يعتبر جزءا من الحصار للعام الثاني عشر على التوالي.
وقد أكد مركز غزة للديمقراطيّة وحل النزاعات أن إعلان قوات الاحتلال عن تقليص مساحة الصيادين من 9 أميال إلى 6 أميال يحرم الكثير من الصيادين من عملهم، رغم أن الحد المسموح للوصول إليه20ميلا وفقاً للاتفاقيات الثنائيّة بين السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال.
وأوضح المركز أن تشديد الحصار المتواصل للعام الثاني عشر على التوالي يحرم الصيادين من حقهم في العمل ويقوم بإطلاق النار عليهم واعتقالهم، ومصادرة مراكبهم، واستشهاد عدد منهم.
ولفت المركز إلى أن، اعتداء قوات الاحتلال على مراكب الصيادين وتدميرها ومحاربتهم في قوت يومهم عملا مخالف للقانون الدولي الإنساني وفقا لما نصت عليه المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949م والتي نصت على "يحظر على قوات الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات".