في شوارع القدس سيكون سكان المدينة مراقبين حال قرروا التجول في أحد أزقتها أو أسواقها بعين الاحتلال الذي قرر زرع 500 كاميرا في أرجاء المدينة ضمن مشروع أطلق عليه "عين القدس".
تلك الكاميرات ستتلصص عنوة على أدق تفاصيل السكان وحياتهم، فستظهر بدقة ملامح وجوههم وألوان ملابسهم، كما ستنقل حركاتهم في انتهاك صارخ للمدينة وسكانها.
وتضاف الكاميرات الجديدة لمنظومة مراقبة تضم العديد من الأنظمة منها "مجسات" و"بوابات" وغيرها من الأساليب التي تعبر عن حالة الارباك التي يعانيها المحتل في مدينة يعلم جيدا أنها لن تكون من حقه يوما.
وسعى الاحتلال لتكثيف مراقبته للقدس مع انطلاق هبة القدس في أكتوبر/تشرين الأول 2015.
المشروع بدأ على يد بلدية الاحتلال الإسرائيلي -بالتعاون مع الشرطة وجهات الاختصاص الأخرى- لتركيب 500 كاميرا مراقبة ذكية جديدة في أنحاء مختلفة بالمدينة المقدسة المحتلة.
وتنتهج الشرطة سياسة الكيل بمكيالين، فهي تدعي أن الكاميرات معطلة في حالة اعتداء اليهود على العرب، بينما تجتهد بتجميع مشاهد كاملة تنشرها بمقطع فيديو بعد كل عملية ينفذها فلسطينيون ضد مستوطنين.
ويقول زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية إن المشروع يهدف للسيطرة الكاملة على القدس فالاحتلال ليس له عين واحدة بل ما يجري هو جزء من وسائل أخرى كثيرة كالمجسات الصوتية من خلال منظومة كاملة.
وبين في اتصال مع "الرسالة" أن الكاميرات نوعية ودقيقة وتملك إمكانيات إضافية لأنها تعمل من خلال "الذكاء الصناعي" الذي ينقل أدق التفاصيل، موضحا أن الهاجس الأمني يلاحق الاحتلال وهو الذي يدفعه لكل تلك المشاريع.
ويري مراقبون أن مشروع الاحتلال لزرع كاميرات المراقبة ما هو إلا محاولة لإحكام قبضته الأمنية على المدينة المقدسة بشتى الوسائل عبر إجراءاته العنصرية والقمعية التي يسعى من خلالها للتضييق على المقدسيين، ليشمل مخططا واسعا لتغطية كل مداخل ومخارج وشوارع القدس المحتلة الداخلية بشبكة من الكاميرات.
ويهدف المشروع الإسرائيلي إلى تصوير كل مواطن يدخل ويخرج من القدس المحتلة وتعقب أرقام السيارات ونقل صورة مباشرة عن الأوضاع في المدينة.
الخبير بشؤون القدس والمسجد الأقصى الدكتور جمال عمرو قال إن مشروع عين القدس هو استكمال لمشاريع التحكم بالمدينة المقدسة، ورغم الاحتجاجات فقد تمت.
وبحسب عمرو فإن الكاميرات وضعت على نوافذ منازل المواطنين حتى تكشف خصوصياتهم حتى داخل منازلهم وتسجل على مدار اليوم، موضحا أنه يهدف للتحكم بكل مفاصل المدينة وكل ما يجري فيها.
وذكر أن الاحتلال يريد استعراض عضلاته، ويؤكد أنه صاحب الحكم والكلمة العليا بالمدينة ويفعل ما يشاء فيها، لافتا إلى أن الاحتلال يريد مدينة مستسلمة بكل الوسائل لذا لا يهمه تكاليف المشروع ولا مخالفة القانون.
ويبين عمرو أن الكاميرات ذات تقنيات عالية ويمكن التحكم بها عن بعد وهي دقيقة فتظهر الملامح وأرقام لوحات السيارات، لافتا إلى أن إجراءات الاحتلال في المدينة تظهر قلقه ونواياه السيئة تجاه الأقصى ومحيطه لذا يريد تحصين نفسه قبل توجيه ضربة قاسمة لباب الرحمة.
ويعتقد عمرو أن الكاميرات وأماكن تواجدها هي ضربة استباقية يراد منها وضع المدينة تحت الرقابة المشددة لمحاصرة الشبان وملاحقتهم في حال حصل شيء للأقصى وارادوا الاحتجاج عليه.
ويشير عمرو إلى أن مشروع عين القدس انتهى في مرحلته الأولى والقائم على كاميرات موجودة حول الأقصى والبلدة القديمة وعلى سفوح الجبال المجاورة وكذلك الثانية بتركيب كاميرات عملاقة تسجل حركات الشباب وخاصة وقت هبة باب الأسباط، مبينا أن المدينة في انتظار المرحلة الثالثة لتكون المدينة بكاملها تحت المجهر.
وحول السبيل لمواجهة المشروع يقول عمرو إن أسلوب التجسس معروف عن الاحتلال وبالتالي شباب القدس دخلوا في مرحلة تحد كامل فهم ليسوا بحاجة لارتداء أقنعة كما أنهم ليسوا على استعداد لتمرير أي جريمة جديدة، منوها إلى أن المواجهة باتت علنية وعلى عين الاحتلال.