ماجستير تنمية اقتصادية
أحدث قرار وزارة المالية في غزة الصادر بتاريخ 25/11/2018 بشأن تعويم سعر أنبوبة الغاز بحد أقصى 64 شيكلا، حالة من الجدل في الشارع الفلسطيني بالقطاع، واختلطت المفاهيم حول مصطلح "التعويم" الذي تضمّنه القرار، وعوائده على المواطن بصورة أساسية.
وكي تتضح الصورة، فلابد من تبسيط هذا المفهوم، وتوضيح مستويات الاستفادة من هذا القرار. فالتعويم يعني أن تترك الحكومة لقوى الطلب والعرض تحديد سعر المنتج.
ويمكن توضيح هذا التعريف بمثال بسيط في حالة "سوق الدواجن" الذي يشهد تقلبات في السعر بين ارتفاع وانخفاض، هي في حقيقتها نتجت عن التعويم، فمن يحدد سعر الدواجن هو الطلب والعرض. مع أهمية الإشارة الى أن سوق الدواجن لا يخضع لتدخل الدولة بشكل مباشر في التسعير، باعتبار أنه لا يُعدّ من السلع الأساسية.
وفي حالة أسطوانة الغاز وكونها من السلع الأساسية، فإن قرار وزارة المالية فرض سعر أعلى هو محاولة لتفادي استغلال الناس، بينما تركت للتجّار المنافسة في تقليل هامش أرباحهم، إذ إن الموزعين في القطاع يتحصّلون على السعر نفسه للأسطوانة؛ لسبب بسيط وهو أن شركة واحدة فقط هي المخولة باستيراد الغاز. مع أن الأصل في الأمر ألا تخضع السلع الأساسية للتعويم من أساسه.
قرار المالية كفل ضمنياً حداً أدنى للبيع، كما أنه صرّح بالحد الأعلى، فالحد الأدنى هو عبارة عن هامش الربح المقبول لدى الموزّع. وتبقى هنا المنافسة بين الموزعين أيهم يقلل هامش ربحه لكسب أكبر عدد من المستهلكين. وهو قرار يمكن اعتبار أنه جاء كـ "فضّ اشتباك" بين الموزعين في غزة، برز في البيان الموحّد الذي أصدره مجموعة موزعين رفضا لإعلان إحدى الشركات تخفيض سعر الأسطوانة.
مع ضرورة الإشارة إلى صعوبة فرض سعر موحد، في ظل وجود أكثر من جهة يتم استيراد الغاز منها، وتتفاوت الأسعار بين هذه الجهات، وهي: الاحتلال ومصر.
وتقتضي الحقيقة القول إن قرار المالية جاء لحماية الموزّع صاحب المبادرة بتخفيض السعر، لكن هذه الحالة لن تطول كثيراً، إذ سيتفق الموزعون فيما بينهم؛ لأن المصلحة مشتركة، وهي تعظيم الربح؛ ما يعني بعبارة أكثر صراحة أن القرار هو بحد ذاته "تحصيل حاصل".