قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: طبّ العيون في فضائية الأقصى

صورة
صورة

بقلم/ أحمد الكومي

يخوض الإعلام الفلسطيني حالياً أوسع حالة تضامن مع قناة الأقصى الفضائية؛ في مسعى إعادة بناء ما دمّرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في آخر جولة تصعيد مع المقاومة الفلسطينية بغزة، الذي على غير عادته، افتتح بنك أهدافه بقصف مقرّ القناة، وأحاله ركاماً بكامل معدّاته وأجهزته واستديوهاته، بحجم أضرار بلغ 4.5 ملايين دولار، وفق ما أعلن مجلس إدارة الفضائية.

بعد أيام قليلة أطلقت إدارة القناة حملة لدعم إعادة بناءها تحت عنوان "بدعمكم نبنيها"، وهذه الحملة تكتسب أهميتها من أهمية الإعلام الفضائي في أوقات الأزمات بالنسبة للمشاهد العربي، الذي أحاطته أنظمة التطبيع بقنوات غطّت عيونه عن رؤية فلسطين المحتلّة، بدل أن تنقل له وتغطّي ما يجري عند آخر أسوار كرامته.

ليست هناك حاجة للاستدلال أكثر في وجود قناة الجزيرة حاضراً وتعاملها مع قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي. كأن نسأل مثلاً: ماذا لو لم تتبنى الجزيرة قضيته؟ نطرح السؤال في سياق ما يهمّنا، بمعزل عن سباق الأقاويل أو التفسيرات لما وراء هذا الاهتمام، وإن كانت الحقيقة تقتضي القول إن الجزيرة كانت ولا تزال "قناة الشارع" التي اكتشفناها مع حرب أفغانستان وبعدها العراق، فالربيع العربي ثم خريفه، وحتى زمن الرأي ونشر وإذابة الرأي الآخر.

غياب الجزيرة كان يعني اختفاء جثة خاشقجي وقضيته في مصاريف الزمن. هذا الشاهد يمنحنا فكرة وتصوراً واضحاً حول أهمية "قيامة قناة الأقصى". مع فارق أنها لن تكون مجرّد محامي دفاع عن صحفي أو معتقل رأي، بل عن وطن، وأسير، ولاجئ، ومحاصَر. ستنطق باسم كل أبكم، وستكون العصا لكل كفيف، أو اختصاراً.. عين المقاومة وكفّها.

ولكم أن تتخيلوا حرباً إسرائيلية رابعة في غياب إعلام تلفزي مقاوم تقوده هذه القناة، في منطقة جغرافية اسمها "غزة"، لا تعرف المقاومة على طريقة "بلعين ونعلين".

لا يمكن إنكار أن قناة الأقصى ومنظومة إعلام المقاومة في غزة استطاعت أن تعيد القضية الفلسطينية إلى بؤرة اهتمام الرأي العام العربي والدولي، بمستوى ما وصلت إليه قضية خاشقجي بفضل الجزيرة، وهي اللحظات المفصلية التي تكون الكلمات في هذه الوسائل، أقلّ أهميّة بالنّظر إلى الصّورة. صورة الحافلة الإسرائيلية، وكمين العلم، وتسلل زيكيم، واقتحام ناحل عوز، ووفاء الأحرار، والملثّم أبو عبيدة، ورقصة الكورنيت.. والكثير.

لكن ستبقى هذه الصورة مشوشة في وجود ركام الأقصى، وهي الخدمة الجليلة التي ستحاول قيادة الاحتلال الإسرائيلي الاستفادة منها أكثر في الوصول بالقناة إلى حالة الغيبوبة التامة، وإصابتها بالعمى، بعد أن تعتل شبكيتها، إلى أن يتوقف تدفق المعلومات البصرية الثورية إلى دماغ المشاهد الفلسطيني والعربي.

تحاول إدارة الأقصى حالياً تفادي الإصابة بأعراض هذه الحالة، وتملك الثقة بأنها لن تمنح الاحتلال صورة الانتصار التي يريدها للتغطية على هزيمته، أو إسكاتها للتغطية على جرائمه، لذلك واصلت عملها وأطلقت مبادرة "بدعمكم نبنيها" التي تريد بها الفلسطيني والعربي من أجل أن ينهض بها فتنهض به. فاليقين، أن صورة منها لمشاهد انتصار المقاومة ستكون نعمة لعيون العرب.

البث المباشر