بعد الهبوط بمظلة في جزيرة تحوي مئة من الأعداء، يتوجب على فريق لعبة "بوبجي" المكون من أربعة أشخاص قتل جميع من في الجزيرة وجمع الغنائم، والحفاظ على النفس من القتل حتى الفوز.
العشريني محمد يلعب "البوبجي" ويدمنها منذ شهرين، ينادي على صديقه الذي تعلم اللعب عن طريقه، لتغطية الجهة اليسرى من الأعداء، ومن ثم ترتفع الأصوات من زميلهم العراقي الجديد الذي انضم لفريقهم: "عليكم الحذر من الجندي الواقف خلف الحائط"، ليرد عليه محمد: "لا تقلق أنا سأطلق النار عليه".
وخلال المكالمة الجماعية بدأ محمد يدندن أناشيد ثورية تعلمها من أرض الواقع في ساحات القتال الفلسطينية ضد الاحتلال، ليتفاجأ صديقه العراقي في المجموعة ويسأله عن الأناشيد، "ربما حدث تبادل للثقافات والتعرف أكثر على القضية الفلسطينية خلال اللعبة".
وفي منتصف الدردشة، قاطعته الفتاة اللبنانية التي تلعب ضمن الفريق، انتبه يا محمد هناك طائرة قريبة، عليك الحذر!.
** ادمان حد القتل
وتشتهر اللعبة بين الشباب العربي بصورة كبيرة جدا، حتى بات أغلبهم لا يقدرون على الغياب عن اللعبة لأكثر من يومين، في وضع يدل على ادمانهم على "البوبجي".
وسجلت الدول العربية وخصوصا في العراق ومصر، عدة حالات قتل بسبب اللعبة، حيث أن التأثر في الواقع الافتراضي أدى لعمليات قتل حقيقية.
ولم تتوقف اللعبة عند هذا الحد بل أن هناك عبارات باتت تتردد بين اللاعبين، وأغنية تخص اللعبة، كـ "على أرض "ميرامار" التقوا أربعة أشخاص، من بلاد مختلفة، لم يسبق أن التقوا، أنزلتهم طائرة عابرة، فوق تلك الصحراء الموحشة، والآن هم فرقة واحدة. لديهم مهمّة واحدة: قتل الآخرين، القتل ولا شيء آخر. الجرح لا يكفي، هنا، إما أن تقتُل، فتفوز، وإما أن تكون أنت القتيل".
وفي العراق التي تشتهر باللعبة سببت الطلاق في الكثير المحاكم، بسبب شكوى الزوجات من اللعبة و"الهوس" الذي تسببت به.
وتعود لعبة "البوبجي" إلى شركة كورية جنوبية، حيث كانت اللعبة في البداية مدفوعة الأجر، إلا أن شركة صينية تكفلت بنقلها للهواتف الذكية وجعلها متاحة للجميع مجانا.
كما وتعد اللعبة، "الترند" العالمي بين الألعاب على مستوى العالم، فاللعب يكون ضد بشر حقيقيون وليس ضد "الكمبيوتر" كما في الألعاب الأخرى.
وباتت مقولة "أكو عرب بالطيارة" التي يشتهر بها العراقيون في اللعبة، تتردد كثيرا بين اللاعبين، حتى لحنت أغنية بهذا الاسم، وبات الشباب يرددونها دوما.
وفي ظل الآثار الاجتماعية السيئة للعبة، حرّم بعض علماء الدين، اللعبة، بسبب تسببها في حالات قتل وطلاق وتأثير كبير على الحياة الطبيعية للاعبين.
واسم لعبة "بوبجي" الكامل هو PlayerUnknown's Battlegrounds، أو كما تعرف اختصارا PUBG. وهي لعبة من نمط Battle Royale الذي بات مشهورا للغاية اليوم.
وتُلعب الببجي عبر الانترنت، الأمر الذي يجمع "محاربين" من كل أنحاء العالم في الوقت نفسه، وتبدأ الجولة في سقوط اللاعبين من طائرة عبر مظلات ليحطوا في ساحة المعركة.
وتظهر المعالم والأسلحة وحتى الأشخاص بشكل يلامس الواقع، مما يساعد في نقل اللاعب إلى عالم آخر ليعيش في عزلة واقعية ومعركة افتراضية، كما وتعطي اللعبة معلومات مفصلة عن الأسلحة المتوافرة وأنواع الرصاص التي يمكن استعمالها.
وفي حديث صحفي، حذرت الأخصائية في علم النفس ميريام أبو عون من خطورة اللعبة، "لأنها تجعل الإنسان يهرب من واقعه ليعيش في عالم آخر بعيدا من الحقيقة. فلا يدرك دائما الفرق بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي الذي تعرضه اللعبة".
وأكدت أبو عون أن لهذه اللعبة خطورة كبيرة على المراهق لأنها توهمه بأن أساليب العنف هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن النفس، مضيفة: "وكأن العنف هو الوسيلة للوصول الى الهدف المنشود وإلغاء الآخر أمر طبيعي".
وأوضحت أنPUBG وما يشابهها "تجعل الفرد يلجأ إلى العنف لحل نزاعاته، كأن الأذية أصبحت أمرا عاديا، وتصبح بذلك ردات فعله عصبية كما يصبح منعزلا اجتماعيا ويتفاعل مع آلة ويعيش في عالم خيالي".