عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى حيلة جديدة للسيطرة على بيوت وأملاك المقدسيين، من خلال لجوئه إلى منحهم قروضا مشبوهة تهدف إلى تسريب العقارات بطريقة جديدة عبر الترويج لها على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، حيث تطرح إمكانية منح قروض مالية مغرية تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات بسهولة، مقابل رهن ممتلكاتهم.
ورغم جهود الاحتلال في السيطرة على الأملاك في القدس، الا أن سيطرتها لا تتجاوز 1%، وذلك بسبب الجهود الشعبية والعشائرية لمواجهة عمليات تسريب العقارات، ومنها مقاطعة المسربين وعزلهم، عدا عن التوعية التي تجري في المجالس العائلية والأنشطة المحلية.
وتجري في القدس مساعٍ لإقامة صندوق وقفي لشراء عقارات المقدسيين الراغبين في بيعها بشرط وقفها وقفا عاما لكل المقدسيين.
والهدف من الحيلة الجديدة التي يغري بها الاحتلال سكان مدينة القدس هو إغراقهم في الديون وشتى أنواع الضرائب، حيث يعمد إلى تراكمها عبر السنين، ثم إيقاع أصحابها بشرك عدم القدرة على الدفع والسداد، والسيطرة على منازلهم.
وفي بيان صحفي حذر الشيخ عكرمة صبري، إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك، رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس، من قروض مشبوهة تهدف إلى تسريب العقارات بالقدس بطريقة جديدة.
وقال صبري في بيانه مطلع الأسبوع الجاري:" هناك إعلانات تبثها شركات "إسرائيلية" عبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تدعي فيها وتطرح إمكانية منح قروض مالية مغرية تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات بسهولة ويسر، مقابل رهن ممتلكاتهم سواءً كانت بيوتاً أو عقارات أو أراض.
وأكد أن هذا الأسلوب مشبوه ومرفوض، ويُقصد من ورائه تسريب هذه الممتلكات إلى عصابات المستوطنين، داعيا المواطنين إلى عدم التعامل مع هذه الشركات الاستيطانية، ويكونوا حذرين من التوقيع على أي ورقة لا يعرفون مضمونها؛ بالإضافة إلى أن هذه المعاملات غير شرعية.
وبحسب صبري، فإن التوسع في الديون والمجازفة والخداع والتضليل، تؤدي إلى عدم تمكن صاحب القرض من السداد فتصادر هذه الشركات عقاره، وتعرضه لخطر التسريب.
واستغلت الشركات الاسرائيلية المشبوهة الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به المقدسيون، فتحاول اغراءهم عبر القروض لإيقاعهم بالديون وبالتالي تسيطر على بيوتهم وعقاراتهم.
طوق نجاة
وبحسب مراقبين فإن من مصلحة الشركات "الإسرائيلية" الوهمية، وعبر إجراءاتها ومعاملاتها الخبيثة الا يتمكن المقترض من سداد الديون لتضع يدها على البيوت والعقارات، إذ تبدي هذه الشركات استعدادها لمنح قروض للمواطنين بين 300 ألف شيكل إلى مليون شيكل".
ومن مدينة القدس يعقب جمال عمرو المختص في الشأن الإسرائيلي بالقول:" الوضع الاقتصادي الذي تمر به مدينة القدس صعب للغاية، ورغم أنها العاصمة لكنها ليست ضمن حسابات ميزانية السلطة"، متابعا: ومع سوء الوضع الاقتصادي الذي يعيشه المقدسيون إلا أن لديهم وعي كبير كي لا يسقطون أمام الإغراءات المادية، فالتفافهم حول قدسية مدينتهم كبير.
ووفق حديث عمرو "للرسالة" فإن عدد المتعاطين مع الشركات (الإسرائيلية) الوهمية بشأن القروض صفر حتى اللحظة.
ولفت إلى أن الاحتلال لديه خطة ممنهجة لتفكيك المجتمع المقدسي واسقاطه، لكن فئة قليلة تستجيب وسرعان ما تعود لرشدها، كما حدث عند ضخ المخدرات، مشيرا إلى وجود علماء وخطباء يستغلون الفعاليات والأنشطة المختلفة لتوعية وتنبيه المقدسيين مما يحيكه لهم (الإسرائيليين).
وبحسب عمرو، فإن الاحتلال يسعى لتركيع مدينة القدس في ظل الغياب العربي عنها، فتركت وحيدة تنزف اقتصاديا، فرغم انها عاصمة لكنها معصومة من الدعم، كل ما يدعي التبرع لها لحماية بيوتها من الإسرائيليين لا أساس له من الصحة.
ويقول:" استغلت "إسرائيل" بيانا رسميا يوضح أن 67% من سكان القدس يعيشون تحت خط الفقر في ظل صمت عربي وفلسطيني، فاعتبرت الاحصائية "طوق نجاة" تلقفتها الشركات اليهودية للإعلان عن قروض مشبوهة تطيح في النهاية بالعقارات المقدسية.
جمعيات استيطانية
وفي السياق ذاته، ذكر فخري أبو دياب الخبير في شؤون القدس خلال تصريحات صحفية، أن الاحتلال يحاول بوسائل شتى النفاذ إلى العقارات والمنازل في القدس والسيطرة عليها ومن أمثلة ذلك:
الادعاء بأن الأراضي والمنازل كان يملكها اليهود ما قبل عام 1948 أو حتى في القرن التاسع عشر، حيث تقوم جمعيات استيطانية بتقديم أوراق مزورة للمحاكم الإسرائيلية، مقابل عدم امتلاك أهل القدس للحجج الرسمية لأملاكهم كونهم ورثوها أبا عن جد، إذ عمد الاحتلال إلى مصادرة كل الأرشيف والوثائق التي تتعلق بالأراضي والممتلكات، الموجودة في المحاكم الشرعية ومكاتب الأراضي منذ احتلاله فلسطين عام 1948.
وكذلك، تفعيل قانون إسرائيلي خاص يقول بأن أي جهة إسرائيلية تدعي ملكيتها لأي عقار فلسطيني سواء في القدس أو غيرها، فإن على ساكنيها (الفلسطينيين) اثبات ملكيتهم لها، وهذا أمر مستحيل لعدم وجود حجج رسمية، ولقد حدث ذلك في منطقة الشيخ جراح ومنطقة سلوان وحي بطن الهوى.
السيطرة على الأراضي الأميرية التي استأجرتها الحكومة الأردنية قبل احتلال عام 1976، وتحديدا في محيط البلدة القديمة والمسجد الاقصى، حيث يدعي الاحتلال ملكية هذه الأراضي، ويصنفها "أراضي دولة" ولا تتبع لأشخاص، حيث استولى الاحتلال على عديد المنازل التي بنيت على هذه الأراضي من المقدسيين منها منطقة كبيرة كانت تابعة لوزارة الزراعة الأردنية.