بعدما أوقفت السلطات (الإسرائيلية) هدم قرية الخان الأحمر نهاية أكتوبر الماضي، عاد الجيش من جديد ليوزع أوامر عسكرية يمدد فيها سريان إغلاق الشوارع المؤدية إلى الخان الأحمر، بحجة الاستيلاء عليها لأغراض عسكرية مستعجلة، ويسري الأمر حتى منتصف الشهر المقبل.
ولايزال أهالي الخان صامدين في قريتهم لمواجهة القرارات (الإسرائيلية) المتقلبة، حيث تتواصل الفعاليات التضامنية معهم، وتستقبل خيمة الاعتصام في القرية المزيد من الوفود المحلية والعالمية لشد أزر المواطنين والتأكيد على رفض سياسات الاحتلال.
وتزامن قرار إغلاق الشوارع المؤدية إلى الخان الأحمر، مع تقرير لصحيفة هآرتس العبرية يشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يواصل المراوغة في ملف التجمع البدوي في القدس المحتلة، بحيث أبقى على تأجيل إخلاء التجمع السكني تحسبا من الإجراءات التي قد تصدر عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن تجميد إخلاء التجمع البدوي يهدف إلى تسهيل استئناف المفاوضات بين السلطات والسكان، وذلك على ضوء الضغوط الدبلوماسية على (إسرائيل) وخشية من اتخاذ خطوات ضدها في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
لكن، على أرض الواقع، وفقا للصحيفة، لا توجد مفاوضات بين الكيان وأهالي الخان الأحمر، فيما قدرت جهات في المؤسسة السياسية (الإسرائيلية)، أن نتنياهو يسعى، من خلال المراوغة، لاستغلال الوقت لحين تبدد الضغط عليه، سواء من المستوطنين ومعسكر اليمين، أو من المجتمع الدولي وخاصة المحكمة الدولية.
ما ورد أكده محمود أبو داهوك المتحدث باسم الخان الأحمر، حيث قال "للرسالة": "لا توجد مفاوضات بين أهالي القرية والاحتلال، كون الأمر محسوما، فسكان القرية يملكون مخططات لدى الادارة العامة تثبت ملكيتهم للأرض، لذا لم يكن داع للمفاوضات".
وأكد أبو داهوك أن الوضع في القرية مأساوي وقد يؤدي إلى اشتباكات، لاسيما وأن جميع الطرق مغلقة وكل من يخالف سيعتقل، فهم يعيشون في قرية ولديهم حظائر لابد من الذهاب إليها لرعاية المواشي، وإن فعلوا فسيعد ذلك مخالفة وفقا للتعليمات العسكرية الأخيرة".
ولفت إلى أن طلبة المدارس يغامرون ويقطعون الطريق للوصول إلى مقاعدهم، فذووهم يراقبونهم حتى الوصول دون أن يتعرض لهم جندي إسرائيلي.
ويرجع أبو داهوك إغلاق الشوارع إلى التمهيد لأعمال تصعيدية سيقوم بها الاحتلال ضد أهالي القرية، لافتا في الوقت ذاته إلى أن سكان الخان الأحمر مستعدون لأي شيء من أجل حماية بيوتهم من آلات التجريف الاسرائيلية.
وبحسب قوله، فإن القرارات الإسرائيلية لا تعني السكان بشيء، فهو يحاول أن يرضي الأحزاب التي تدعمه، ويخشى اتخاذ خطوات ضده من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأثارت توصيات نتنياهو تأجيل إخلاء القرية معارضة قوية بين أعضاء "البيت اليهودي"، كما أن ذلك تناقض مع موقف وزير الجيش الأسبق، أفيغدور ليبرمان، المعارض لتوصيات رئيس الحكومة الذي حوّل التوصيات إلى مصادقة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت).
وفي تصريح صحفي، قال وليد عساف رئيس هيئة الجدار والاستيطان أن هذه الأوامر تعد استكمالا لاستمرار الاستعدادات لاقتحام القرية، وهدمها، ويكشف النوايا الحقيقية للاحتلال بعدم انصياعها للقانون الدولي، وإصرارها على ارتكاب الجريمة.
وشدد عساف على أن الفلسطينيين في حالة جهوزية ومراقبة دائمة، للتصدي لأي عملية هدم محتملة، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تستهدف إغلاق المنطقة، للتحضير لإمكانية دخول الجرافات والآليات العسكرية، في حال اقتحمت قواتها القرية، إذا قرر المستوى السياسي الإسرائيلي ذلك.
ويقطن في "الخان الأحمر" نحو 200 فلسطيني، 53 في المائة منهم أطفال، و95 في المائة لاجئون مسجلون لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وسبق أن قررت المحكمة الإسرائيلية العليا في شهر أيار/ مايو الماضي هدم التجمع، الذي يضم مدرسة تخدم 170 طالبًا، من عدة تجمعات أخرى في المنطقة.
ويحيط بالقرية عدد من المستوطنات؛ وتقع أراضيها ضمن المنطقة التي تستهدفها سلطات الاحتلال لتنفيذ مشروعها الاستيطاني المسمى E1، الذي سيقوض في حال تنفيذه فرص تطبيق حل الدولتين.