أكدّ مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان علي هويدي، أن هناك عجزًا كبيرا في ملف الصحة التابع لـ "الاونروا" في المخيمات الفلسطينية بلبنان، نتيجة خطأ في تقديرات الوكالة في التعامل مع اعداد اللاجئين هناك.
وقال هويدي لـ"الرسالة نت" إن الملف الصحي كما بقية الملفات الخاصة باللاجئ مناطة بالوكالة، "ويناط بالوكالة أن تغطيه بشكل متكامل ولا عذر لها بعدم تقديم الملفات كافة".
وأشارهويدي إلى اللاجئ الفلسطيني في لبنان له خصوصية في ضوء غياب حقوقه الاقتصادية او الاجتماعية من الدولة المضيفة، مشيرا الى أن بعض العيادات الخاصة التابعة للهلال وغيرها غير كافية لتقديم الاحتياجات الصحية.
مؤشرات سلبية
ويوضح هويدي أن الوكالة تقسم الخدمة الصحية لثلاثة مستويات الأول تقدمه الوكالة للأمراض العرضية البسيطة، بينما يشمل الثاني العمليات البسيطة، والثالث الأمراض الخطيرة وفي الحالتين تضطر الوكالة لتحويلها للمستشفيات المتعاقدة معها، ويدفع اللاجئ الفلسطيني جزءا كبيرا من ثمنها.
وذكر هويدي أن الأونروا تغطي مرضى المستوى الثاني بنسبة 90% في المستشفيات الخاصة اللبنانية و95% في مستشفيات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ولفت إلى أن الأونروا تغطي مرضى المستوى الثالث بقيمة 60% للاستشفاء، أما ما يتطلبه المريض من صور رنين مغناطيسي وصور طبقية أخرى فلا تغطي الأونروا منها إلى الصور الخاصة بمرضى السرطان وصور الرأس وبقيمة 50% فقط أما الصور الخاصة بالأطراف والمفاصل وغيرها فلا تغطيها الأونروا.
ويلفت إلى أن الأونروا لم تعد تغطي الكثير من احتياجات المريض التكميلية كأسياخ البلاتين للكسور والمفاصل إلا في حدها الأدنى، بحيث لا يتجاوز ما تسدده الأونروا 500$ فقط مهما كانت تكلفة هذه الاحتياجات.
وذكر هويدي أن العمليات المعقدة والخطيرة والتي لا يتوفر إجراؤها إلا في مستشفى الجامعة الأمريكية أو كليمنصو أو أوتيل ديو فإن الأونروا غير متعاقدة معها، ويتدخل فقط صندوق الاستشفاء لحالات العسر الشديد care سابقا بدفع مبلغ أقصاه 6000 آلاف دولار حتى ولو كانت تكلفة العملية 100ألف دولار لذا فإن هذه العمليات مكلفة جدا ولا يستطيع اللاجئ تحمل أعبائها.
أما بالنسبة لحالات الحروق والتي تتطلب مستشفيات متخصصة كمستشفى الجعيتاوي فإن الأونروا لا تتحمل مسؤولية هذه الحالات، وقد يتدخل فقط صندوق الاستشفاء "care" بسقف لا يتجاوز 6000$ فقط مهما كبرت تكاليف الاستشفاء فيها.
وفيما يتعلق بمرضى السرطان وما يتكبده المريض من تكاليف باهظة ولفترات طويلة، لا تسدد الأونروا سوى 50% من تكلفة الدواء بسقف لا يتجاوز 4500$ من فاتورة الاستشفاء الدورية.
وبالنسبة لحالات الولادة فتحول "الأونروا" الولادات القيصرية إلى المستشفيات المتعاقدة معها فقط. أما الولادات الطبيعية، فإنها لا تحولها إلا إلى مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، حيث تغطى تكاليفها من مانحين. لكن المشكلة أن بعض هذه المستشفيات تفتقر إلى تجهيزات مناسبة وكافية لحالات الطوارئ.
ويشير هويدي إلى أنّ الإشكالية في تغطية علاج الفلسطينيين السوريين النازحين من سوريا إلى لبنان، فقد تحولهم الأونروا إلى مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، أو إلى المستشفيات الحكومية وأحيانا إلى المستشفيات الخاصة الأخرى وتتجاهل في نفس الوقت أن هؤلاء اللاجئين لا يملكون الأموال لتغطية فرق تكاليف الاستشفاء في لبنان.
وبالنسبة للأدوية، فذكر أن غير المسجلة منها في وزارة الصحة اللبنانية وليست مرخصة أيضا من منظمة الصحة العالمية فلا تغطي الأونروا منها سوى 30%.
تقديرات خاطئة
ويفسر هويدي ضعف الخدمة الاستشفائية من الاونروا لسبب مهم، وهو" أن تقديرات وكالة الاونروا لأعداد واحتياجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان غير دقيقة، كونها تستند على عدد المستفيدين وليس على اعداد اللاجئين".
ويشير الى أن الوكالة قدرت عدد المستفيدين عام 2017 بـ 204 ألف لاجئ، وهي ذات التقديرات التي اعتمدتها في خدماتها عام 2018، وهو الأمر الذي سبب معاناة كبيرة جدا على مستوى جميع الخدمات؛ وهذا ما نستنتجه أن احتياجات وأعداد المستفيدين لم تكن دقيقة.
وأكدّ ضرورة عقد ورشة عمل للأونروا للتشاور قبل اعتماد الاحتياجات وإعداد المستفيدين لعام 2019، يشارك فيها ممثلون عن القيادات السياسية واللجان الشعبية والمؤسسات الاهلية، ليكون هناك توافق حول تقديرات السنة الجديدة؛ لأن واحدا من أهم نتائج خطأ التقديرات خسارة حياة الطفل محمد ومن قبله أطفال اخرين.
وتوفي الطفل محمد وهبة ابن الثلاثة أعوام نتيجة رفض احدى المستشفيات اللبنانية استقباله، واشتراطها ألفي دولار مقابل السماح له بالعلاج.
وأوضح أن هناك 4 تقديرات لأعداد اللاجئين في لبنان وهي سجلات الوكالة التي تعتمد رقمهم حوالي 550 ألف لاجئ مسجل في الاونروا حتى عام 2018.
اما التقدير الثاني فتستند لأرقام الوكالة التي تقول ان العدد الفعلي للاجئين حوالي 260 ألف -280 ألف لاجئ حسب عام 2015.
والتقدير الثالث الناتج عن لجنة الحوار الوطني الفلسطيني اللبناني، الذي يشير الى ان عدد اللاجئين حوالي 174 ألف لاجئ، فيما تقدر المؤسسات الفلسطينية أن هناك 300 ألف على الأرض.
مآخذ سلبية على ملف الاستشفاء بالاونروا
ومن المآخذ البارزة على سياسات الاستشفاء الخاصة بالأونروا، يوضح هويدي أن المريض كي يجري أي عملية جراحية يجب أن يحصل على تقرير من طبيب أخصائي لتحديد نوعية المرض والعملية المقترح إجراؤها وبالتالي إن صنفت هذه العملية بأنها urgent يتم إعطاؤه تحويلا إلى أحد المستشفيات وهذا يتم أثناء دوام عمل عيادات الأونروا والتي تقفل أبوابها الساعة 2.45 يوميا، وعلى المريض التفاهم بنفسه مع المستشفى حول دفع فرق فاتورة العلاج حيث يُطلب منه في معظم الأحيان أن يدفع مبلغا مسبقا في صندوق المستشفى.
ويضيف: "إن حصل للمريض اي طارئ بعد هذا الدوام واستدعت حالته نقله إلى أي مستشفى بأسرع وقت ممكن، فالمشكلة تكمن بأن معظم المستشفيات ترفض تقديم اي خدمة أو إسعاف للمريض دون أخذ الموافقة من طبيب الأونروا المشرف في المنطقة وقد يكون ذلك في وقت متأخر من الليل يتعذر التواصل معه، أو يضطر المريض لدفع مبالغ مسبقة ويمكنه استرداد جزء منها عند حصوله على تحويل".
ويشير هويدي إلى وجود مشكلة بعلاج حالات العمليات غير الطارئة حيث تماطل الأونروا في إعطاء تحويلات لهذه الشريحة من الناس وقد تطول المدة من شهرين إلى ثلاثة أشهر مع تجاهل آلام المريض ومعاناته.
وشددّ على أن كثيراً من الخدمات التي كان المريض يتلقاها مجاناً في المستوى الثاني قد تم إلغاؤها وتحويلها إلى المستوى الثالث، ( الصور الطبقية scanar ,والمنأظير وغيرها من الخدمات المشابهة) وهذا يعني أن المريض في المستوى الثالث سوف يدفع من تكلفتها ما نسبته 40% من قيمة الفاتورة النهائية للعلاج.