قال غلعاد شارون نجل رئيس الحكومة الإسرائيلي أريئيل شارون، إنني "لا أنكر دوري الحاسم في التوجهات الأخيرة لوالدي، خاصة الانسحاب من غزة في 2005، لأننا أردنا تحسين وضعنا بمواجهة الفلسطينيين، لأنه لا يمكن التوصل معهم لاتفاق، الحل المطلوب هو القيام بإجراءات أحادية الجانب، بغض النظر كيف يراها الفلسطينيون، أو يقيمونها، أفكر بما يخصنا نحن الإسرائيليين، ما هو الأفضل لنا، ونعمل بناء على ذلك".
وأضاف في حوار مطول مع صحيفة مكور ريشون أن "والدي قال في مناسبة سابقة لتنفيذ خطة الانفصال، إن قيمة مستوطنة نتساريم الواقعة في قلب قطاع غزة تساوي قيمة تل أبيب، لكنه لاحقا توصل لقناعة أخرى، والدي كان رئيس حكومة ذو شعبية جارفة، لا أعرف إن حظي بن غوريون ذاته بهذا الدعم الشعبي والجماهيري من الإسرائيليين، كما توفرت له حكومة مستقرة، وكان بإمكانه مواصلة خطه السياسي المعتاد، لكنه وصل لاستنتاج جديد، وقرر المضي فيه حتى النهاية".
وأشار غلعاد 53 عاما، الابن الأصغر لشارون، الذي ترشح على قائمة حزب الليكود في انتخابات الكنيست السابقة، أن "أحد مستشاري شارون حذره بأن عملية الانفصال لو نجحت في غزة، فلن يبقى رئيسا للحكومة، لكن والدي لم يعرف آنذاك أن الجمهور الإسرائيلي سيدعم خطته أم لا، أو أن تؤيد الكنيست توجهه أم لا، من ناحيته كانت هذه عملية لا بد أن تخرج لحيز التطبيق، وفقط!".
وأوضح: "والدي خاطر بحياته في الكثير من محطاتها من أجل أمن إسرائيل، واعتقد أن الإسرائيليين سيفكرون أن خطته هذه تأتي من أجل حماية أمنها، ولا شيء سواه، لم يفعل أي شيء ضد مصلحة الدولة منذ كان ابن 15 عاما، حتى وصل عمره 75 عاما، حتى حين اعتقد أن مصلحة الدولة تكمن في اقتلاع تجمعات استيطانية من قلب قطاع غزة، مع أنه طيلة عشرات السنين فكر في غير هذا الاتجاه".
وكشف النقاب أن "والدي أبلغ أحد قادة المستوطنين الذين التقاهم بعد تنفيذ الخطة، قائلا له: أنتم اليوم، يقصد في 2005، عددكم ثمانية آلاف مستوطن إسرائيلي، والفلسطينيون 1.5 مليون نسمة من الغزيين، أنا أنظر لما بعد عشرين وثلاثين وخمسين عاما، سيكون في غزة 3 ملايين إنسان، وأنتم ستبقون فقط 15 ألف يهودي!".
وأكد: "والدي لم تكن حساباته هكذا حين دعم الاستيطان في عقود سابقة في غزة، اعتقد أن بالإمكان التدبر مع القضية، انطلاقا من اعتبارات صهيونية بحتة، ربما لو فحصت هذا المخطط فستصفه بالجنون، أنا أؤمن أن والدي مر بمرحلة انقلاب في التفكير، كأن يستيقظ الحاخام الأكبر ويعلن أنه لا إله في هذه الحياة".
وأشار إلى أن "بعض الإسرائيليين اعتقدوا، وما زالوا حتى هذه اللحظة، أن مصلحة إسرائيل تتمثل بالبقاء في غزة، والدي فكر في الاتجاه المعاكس، بالخروج منه، مع أنني لم أسمع حتى اليوم أحدا ممن عارضوا خطة الانسحاب من غزة آنذاك يطالب اليوم بالعودة إليها".
وأوضح أنه "لا يمكن تخيل ما الذي كان سيحصل في مستوطنات نتساريم، كفار دروم، موراج، في ظل شبكة أنفاق حماس المنتشرة في غزة اليوم، في يونيو 2004 تم حفر أول متفجر تحت موقع أورحان بمستوطنة غوش قطيف، وقتل آنذاك جندي، هذه كانت بداية سيرة الأنفاق في غزة".
واستدرك قائلا إن "الخروج من غزة لم يخلصنا من مشكلة الأنفاق، هذا صحيح، لكن هذا هو الوضع القائم ونحن خارج القطاع، ترى ماذا سيكون لو بقينا هناك، كنا حينها سنحتاج أعدادا مضاعفة من القوات العسكرية لمجابهة هذه المشكلة".
وأشار إلى أن "كل ما كان يسعى إليه أبي من خطة الانفصال قد تحقق باستثناء السلام مع الفلسطينيين، لكن انظر معي لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والعلاقات الإسرائيلية مع الدول الأفريقية، ودول الخليج العربي وأمريكا الجنوبية، صحيح أن كل ذلك لم يتم فقط بسبب الانسحاب من غزة، لكن الصورة الإجمالية تمكننا من هذا القول، خياراتنا الإسرائيلية ليست مفاضلة بين الحسن والسيئ، وإنما بين السيئ والأقل سوءا".
وأضاف أن "وضع إسرائيل اليوم أفضل كثيرا مما هو قبل تنفيذ الانسحاب من غزة، لا تمارس علينا ضغوطا كالسابق، والدولة تعيش حالة ازدهار، من حيث السياحة الخارجية ومستوى الرضا عن الحياة، والأهم من ذلك أن الانسحاب من غزة جعلنا أكثر تمسكا بالضفة الغربية، والدي لم يفكر بتعميم فكرة الانسحاب على الضفة الغربية بعد انتخابات 2006".
وأشار أن "والدي كان ينوي في ولايته الحكومية الثالثة، لو تمت، أن يركز جهوده نحو الساحة الداخلية الإسرائيلية، بعد أن اطمأن للوضع الأمني والسياسي في الولايتين السابقتين له بين 2001-2005".
وقال إن "الوضع في الضفة مختلف عن غزة، ليس من سبب يدفعنا للانسحاب منها كغزة، الضفة أمر آخر، لأننا إذا غادرناها فستكون هناك انسحابات متتالية من غوش دان وسط إسرائيل لأولئك الإسلاميين، أنا أؤمن أنه لن نتوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين، ولو توصلنا إليه فلن يساوي الحبر الذي كتب به".
وختم بالقول إنه "في المستقبل سنصل لصيغة مفصلية مع الفلسطينيين، سنجد أنفسنا بين نوعين من الحدود: الأول لا يمكن أن ننسحب منها، والثاني لا يمكن لنا أن نبقى مسيطرين على كل الفلسطينيين، أما بالنسبة لغزة اليوم، فأعتقد أنه من الواجب الدخول لحماس في غزة لمهاجمتها، لكني حين أقارن اليوم بالوضع في غزة قبل الانسحاب، فأول ما يلفت انتباهي عدد القتلى الإسرائيليين الذين كانوا سيقعون في غزة بمواجهة حماس".