جهزت السيدة إيلين الهدايا لزيارة أحفادها في مدينة بيت لحم، بعدما حصلت على تصريح يسمح لها بالخروج من قطاع غزة والاحتفال بعيد الميلاد هناك.
العام الماضي حرمت الزيارة بحجج الاحتلال الواهية، لكن هذه المرة ظفرت بالتصريح. تخبر "الرسالة" أنها ستذهب برفقة زوجها الستيني، ويبقى أبناؤها الثلاثة في البيت دون الوصول إلى كنيسة المهد للاحتفال مع أقاربهم الذين يقطنون الضفة المحتلة.
تقول السيدة "إيلين": "جهزت الهدايا من العام الماضي وهي ملابس فقط، أتشوق للحظة الوصول إلى أقاربي هناك، رغم أن الاحتلال سينغص علينا في الطريق بإجراءاته المعقدة".
وتصف نظرات جنود الاحتلال التي تراقبهم في معبر "إيرز" الحدودي كما لو أن مسيحيي غزة إرهابيون، عدا عن الألفاظ البذيئة التي يقذفونهم بها، وكذلك التفتيش المهين.
وتحكي السيدة وهي تتحفظ على اسم عائلتها كي لا تحرم السفر، أن جنود الاحتلال على معبر "إيرز" لا يراعون عند التفتيش كبار السن، لكن رغم ذلك يصرون على الذهاب كل عام إلى بيت لحم ومدن الضفة المحتلة للاحتفال مع أقاربهم.
أما الشاب العشريني "داوود" سيودع عائلته كما اعتاد وسيحتفل وحيدا في بيته يقول ممتعضا: "لا أدرى ما هو الخطر الأمني الذي أشكله على (إسرائيل) عند سفري إلى بيت لحم وتأدية الطقوس الدينية"، متابعا: كل مرة يتم رفضي رغم السماح للعشرات من الشباب بذلك، أشتاق لرؤية شقيقاتي وأولادهن في مدينة رام الله، وأبناء شقيقاتي لا يعرفوني سوى عبر وسائل الاتصال الإلكتروني.
ويحكي "داوود" أنه يشعر بالغصة كل مرة حينما يبقى وحيدا في غزة، فعائلته وأصدقاؤه والكثير من الأقارب يذهبون للاحتفال والصلاة في كنائس الضفة المحتلة، بينما هو يبقى برفقة أصدقائه المسلمين الذين يأتون للاحتفال معه.
يذكر أن أكثر من 1500 مسيحي يقطنون قطاع غزة، وأغلبهم ينتمي لطائفة الروم الأرثوذكس، ومنهم الروم، وخلال العدوان الأول على القطاع سنة 2008 بقي أبناء الطائفة المسيحية محرمين الصلاة في المهد لاسيما الشباب، لكن بعد عدوان 2014 باتوا يحصلون على تصريحات للعبور من "إيرز" للصلاة في كنيسة المهد والقيامة والاحتفال مع أقاربهم هناك.
وفي السابق كان يسمح خلال السنوات الأخيرة بدخول من هم دون الـ 16 سنة، وما فوق الـ 55 سنة، لكن بعد التسهيلات في العامين الأخيرين لم يعد العمر مقياسا للحصول على تصاريح.
ويقول جبر جلدة مدير العلاقات الدينية في كنيسة القديس بيرفيروس: "لا توجد تسهيلات هذا العام كما أشيع، فقد تقدمنا للحصول على أكثر من ألف تصريح ولم يحصل سوى ما يقارب الـ 300 شخص وغالبيتهم فوق عمر الـ 55"، موضحا أن الاحتلال (الإسرائيلي) كان قد أعلن عن السماح لـ 500 تصريح لكن لم يحدث ذلك.
وأكد جبر أن تعامل الاحتلال مع مسيحيي غزة كما المسلمين، فقطاع غزة بالنسبة لهم إقليم إرهابي، بمن فيه من مسيحيين ومسلمين.
وذكر أنه حصل على تصريح وحده دون أفراد أسرته مما سيضطره لتركهم وزيارة أقاربه وحيدا، مبينا أنه من حق أبنائه زيارة أعمامهم في بيت لحم والتعرف عليهم عن قرب.
وبحسب متابعته، فإن بعض العائلات تحصل على تصريح لجميع أفرادها ما عدا طفلهم الصغير مما يجعل العائلة تبقى في قطاع غزة دون السفر والذهاب إلى بيت لحم.
وما تحدث به جبر دليل على أن الاحتلال يحاول تشتيت العائلات المسيحية في قطاع غزة حتى في الاحتفالات الدينية، فنجد بعض العائلات تذهب إلى الضفة المحتلة، ويبقى فرد منها وحيدا في غزة يحرم من ممارسة طقوسه الدينية والاحتفالات مع عائلته.
وعن الهدايا التي يحملها مسيحيو غزة إلى الضفة المحتلة تحدث جبر أن الملابس فقط يسمح بإدخالها، فقد منع الاحتلال في الآونة الأخيرة إدخال الحلويات كالنابلسية والنمورة، وكذلك الدقة والزعتر والفلفل الأحمر الغزاوي الذي يفضله الكثير من سكان الضفة المحتلة.