"الطريق من القدس إلى نابلس مغلق، عليك الدخول في طرق التفافية يا محمد" بهذه العبارات ردد الشهيد الفتى قاسم العباسي (17 عاما) للسائق ابن عمه، قبل استشهاده بدقائق.
دخل محمد الطرق الالتفافية، فإذ به على مقربة من مستوطنة بيت ايل قرب رام الله، أضاع الطريق إلى نابلس، ودخل في وكر للمستوطنين، الذين بدأوا بمطاردتهم في السيارة وعددهم
أربعة أشخاص.
المطاردة صاحبها إطلاق نار، من الخلف، احدى الرصاصات اخترقت زجاج السيارة الخلفي واستقرت في ظهر الشهيد قاسم، لينام على أكتاف ابن عمه محمود.
لم يعي محمود ما يحدث إلا بعد أن حاصرتهم قوة للاحتلال، "انهض يا قاسم، يطلبون منا النزول من السيارة"، وإذ بقاسم ملطخ بدمائه.
صرخات الشباب والمناشدة بطلب سيارة اسعاف لنجدة صديقهم قاسم، لم تجد آذانا صاغية عند قوات الاحتلال التي تعمدت اعدام الفتى قاسم.
وقال محمود: "أخذت قوة من جيش الاحتلال قاسم، ومازال على قيد الحياة، ولاحقا أعلنوا عن استشهاده، تعمدوا على عدم تقديم العلاج له واسعافه، لقد أعدموه بدم بارد".
ولايزال الاحتلال يحتجز جثمان الشهيد العباسي، بحجة أن الجثة تحتاج إلى تشريح للوقوف على سبب الوفاة، وفي محاولة من الاحتلال لإبعاد التهمة عن مستوطنيه الذين تعمدوا قتله.
ويتوقع محمود -ابن عم الشهيد قاسم- أن تسلم قوات الاحتلال جثمان الشهيد، اليوم الاثنين، وفق وعود من حرس الحدود (الإسرائيلي)، أخبر بها الانضباط الفلسطيني.
بدورها، قالت منسقة الحملة الوطنية لاستراد جثث الشهداء سلوى حماد إن سلطات الاحتلال قررت تشريح جثمان الشهيد قاسم العباسي وفتح تحقيق في ظروف استشهاده.
وأضافت حماد: "سلطات الاحتلال ما زالت تحتجز جثامين 40 شهيدا، إضافة إلى رفات 253 شهيدا منذ ستينات القرن الماضي".
في حين قال مدير القسم الميداني في منظمة "بيتسيلم" الحقوقية (الإسرائيلية) كريم جبران، إن سياسة التحقيقات التي تجريها سلطات الاحتلال في جرائمها تهدف إلى طمس الحقائق ولا يمكن التعويل عليها.
وأوضح جبران أن المنظمة من خلال تجاربها السابقة مع تلك التحقيقات أدركت أنها تهدف إلى المماطلة وقطع الطريق على أي تحقيقات دولية.
من جانبها نعت عائلة العباسي في سلوان قضاء القدس، شهيدها قاسم الذي طالته رصاصات الاحتلال واعتداءات المستوطنين.
وخيّم حزن وغضب على منزل عائلة الفتى العباسي في حي سلوان إثر إعلان استشهاد ابنها قاسم، وجزمت أن ما حدث هو قتل متعمد، وحمّلت الاحتلال ومستوطنيه المسؤولية.
وقالت العائلة في بيان: "إننا إذ ننعى ابننا الشهيد لنؤكد على أننا سنبقى صامدين في أرضنا ثابتين على حقنا لا يضرنا من خذلنا وأن هذا المصاب لن يزيدنا إلا إيمانا وإصرارا ورباطا على ثرى هذه الأرض المقدسة المباركة".
دخول الفتى العباسي رفقة أقربائه أحد المستوطنات بالخطأ، كلفه حياته، إلا أن السلطة في الضفة تسارع لتسليم المستوطنين الذي يدخلون مناطق الضفة بالخطأ إلى قوات الاحتلال، وتعمل جاهدةً على حمايتهم من المواطنين.