على وقع اشتداد الأمطار التي دهمت منزله، يحاول المواطن أمجد ماجد المصري حماية أطفاله الثلاث تحت غطاء خفيف، فيما ترتجف أجسادهم بردا داخل غرفة صغيرة ببيت تشققت جدرنه ولا يستره سوى ألواح بلاستيكية تتسلل من بينها مياه الأمطار.
لا يختلف حال بيت الثلاثيني المصري عن غيره من البيوت المجاورة في منطقة باتت تشتهر باسم "النهر البارد" نسبة لبرودته الشديدة في فصل الشتاء، في المنطقة الغربية لمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
وفي كل عام يخشى أمجد وغيره من سكان المنطقة الواقعة أسفل مكب للنفايات، من قدوم الشتاء بعد أن حال الفقر بينه وبين شرائه ألواحا بلاستيكية جديدة تحميه وأطفاله كثافة الأمطار، فيما يبقى يوجه معاناته لربه بعد يأسه من الجمعيات التي تأتي لتلتقط صورا فقط وتترك خلفها وعودا زائفة بالمساعدة، على حد قوله لـ"الرسالة".
ويضيف " نحن نعيش في ملجأ عبارة عن جدران متشققة وأسقفٌ متهالكة تحميهم من رعب فصل الشتاء الذي يطل عليهم مرة أخرى ويحمل بجعبته مزيداً من المأساة والمعاناة لهم".
الدموع وحدها كانت تصف حالة المواطنة سلوى أبو نمر "أم أحمد" حينما كانت تتحدث عن غرق بيتها كاملاً بمياه الأمطار التي لم ترأف بأطفالها التسعة بعد أن قضوا ليلتهم وفوق رؤوسهم قطع بلاستيكية يدارون فيها أنفسهم من قسوة البرد الذي تشبعوا منه.
حتى الصغير "إبراهيم" الذي لم يتجاوز العامين أيقظته أم أحمد بعد أن كان يحلم في بيتا ينعم بالدفء، لتنجيه من الغرق بعد اجتياح مياه الأمطار كافة زاويا المنزل، على حد وصفها.
وعلى الجانب الاخر من بيتها يجلس المواطن سالم أبو هلال واضعا كفه على خده، بعد أن نالت الرياح من أكياس النايلون التي كان يلتحف بها أطفاله السبعة.
"بنضل نايمين فوق المطرة" هكذا كان جواب أبو هلال عندما سألناه كيف تحمي أطفالك الصغار من الأمطار، لتبقى معانته قائمة في كل فصل شتاء.
لا تقتصر أزمة سكان النهر البارد إلى هذا الحد بل وصلت إلى خلو شوارع المنطقة من معالجة مياه الصرف الصحي والبنية التحتية؛ مما ينغص عليهم حياتهم في واقع أشبه بالخيال منه للحياة.
وفي نهاية المطاف كان لسان حال مناشدة تلك الأسر للجهات المختصة والمنظمات الإغاثية بتوفير الشيء القليل من المساعدات والأغطية وبعضًا من الملابس لصغارهم، ليتماشوا مع فصل الشتاء دون أمطار تقتحم بيتوهم ولا بردٌ يذيقُهم وجع الأمراض.