قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: فريق الأبطال لذوي البتر.. شبان قهروا الإعاقة بعكازين

جانب من أحد مباريات فريق الأبطال لذوي البتر
جانب من أحد مباريات فريق الأبطال لذوي البتر

الرسالة نت - فادي حجازي

الإبداع ثمرة ناضجة تطرحها الشجرة في ظروف استثنائية، وهكذا الإنسان عندما يمر بمحنة ما، بالتأكيد سيجد أرضا خصبة يكتب حولها إحساسا صادقا يترجمه إلى نجاح منقطع النظير.

هذا الأمر جسّده 14 شابا عندما قهروا إعاقتهم الجسدية، معتمدين على إرادتهم الصلبة في ممارسة كرة القدم، متناسين أحوالهم الصعبة.

وشكّل هؤلاء الشبان فريقا أطلقوا عليه اسم "الأبطال" لكرة القدم لذوي البتر، الذي أضحى خلال فترة وجيزة حديث الشارع الغزي، كونه الأول في فلسطين، والثالث عربيا بعد مصر، ولبنان.

البداية

فكرة تشكيل الفريق لمعت في ذهن فؤاد أبو غليون مؤسس اللعبة في فلسطين، عندما شاهد مباراة نهائي كأس العالم لكرة القدم لذوي البتر بين تركيا وإنجلترا (2-1)، وفقا لما يقوله محمود الناعوق المدير الإداري للفريق.

وأكد الناعوق لـ"الرسالة نت"، أنهم عانوا كثيرا منذ بداية تشكيل الفريق قبل حوالي 4-5 شهور، مبينا أنه سعيد للغاية بما حققوه حتى الآن، بعدما أصبح عدد اللاعبين 14 شخصا، رغم الظروف القاهرة التي يمر بها الشعب الفلسطيني خلال الأشهر الأخيرة.

وأضاف: "معظم اللاعبين المتواجدين معنا إصاباتهم بفعل جرائم الاحتلال الإسرائيلي (...)، لقد حرصنا منذ انطلاق الرياضة في قطاع غزة على تحفيزهم لضمان تفريغ طاقاتهم في هذه اللعبة"، شاكرا جمعية دير البلح لتأهيل المعاقين التي تبنّت الفريق في بدايته حتى وصوله للنجاح الذي حققه في الفترة الأخيرة.

شروط وقوانين

وبخصوص شروط ممارسة اللعبة المتعارف عليها عالميا، أوضح ناجي ناجي أحد الأشخاص الأوائل المنضمين لفريق الأبطال، أن اللاعبين يجب أن يكون لديهم بتر في القدم، بينما لدى حارس المرمى بتر في اليد.

وكشف ناجي "26 عاما" لـ"الرسالة نت"، عن معاناتهم في فهم بعض قوانين اللعبة منذ بداية انضمامهم للفريق، قبل أن تصبح الأمور سهلة بالنسبة لهم، عقب حصولهم على مكان ثابت للتمارين أسبوعيا.

ويخوض فريق الأبطال تدريباته على ملعب بلدية دير البلح المعشب صناعيا في المنطقة الوسطى، بواقع يوم واحد أسبوعيا، ويديره فنيا خالد المبحوح، بينما يشرف عليه فنيا محمد أبو شريف.

وبيّن اللاعب ناجي أن هذه الرياضة، شكّلت نقلة نوعية في حياتهم الشخصية، كونها صنعت لهم كيانا معروفا في المجتمع الفلسطيني، بعدما كانوا يعانون الأمرّين جراء جلوسهم في البيت، نظرا لإعاقتهم.

تحقيق النجاح

وعاد الناعوق ليكشف عن وجود مستجدات في هذه الرياضة على مستوى القطاع، إذ سيكون هناك فريق لكل محافظة خلال الفترة المقبلة.

وأكد أن فريق الأبطال يمثّل حاليا المنطقة الوسطى، وسيكون هناك فريق في محافظة خانيونس قريبا، ثم رفح، ومن بعده غزة، وأخيرا الشمال، على أن يتم تنظيم دوري خاص لهم على مستوى القطاع، لاختيار أفضل اللاعبين للمنتخب الوطني، تمهيدا لتمثيل فلسطين في المحافل الخارجية، وهذه هي الخطة التي يسعى للوصول إليها مستقبلا، بحسب قوله.

وتمنى المدير الإداري أن تحصل هذه الرياضة على اهتمام المسؤولين والمؤسسات الأهلية والشركات الوطنية، لأجل تحقيق حلم اللاعبين برفع علم فلسطين في البطولات العربية والعالمية.

قهر الاحتلال

وعقب نجاح فكرة فريق "الأبطال" لذوي البتر، أثبت اللاعبون الفلسطينيون أن كسر المستحيل سهل بالإرادة والتصميم والعمل المتواصل، وما يثير الغرابة أن هؤلاء الأشخاص، أغلبهم أصيب خلال العدوان (الإسرائيلي) على قطاع غزة في السنوات الماضية.

الشاب محمود سامي "28 عاما"، الذي يقطن في مدينة دير البلح، أكد أنه سيلتحق قريبا بفريق "الأبطال"، الذي بات يشكّل تحديا خاصا بالنسبة له لقهر الاحتلال (الإسرائيلي).

وأصيب سامي بقصف (إسرائيلي) للمدينة خلال العدوان على قطاع غزة عام 2014، ما جعله يعيش حياة صعبة وبائسة، وفقا لتصريحه.

ولكن بعد سماعه بفكرة إنشاء فريق "الأبطال" لذوي البتر، استعاد الشاب الفلسطيني عفويته وبات عاقد العزم على تحقيق حلمه بلعب كرة القدم مجددا، دون أن يكون للاحتلال (الإسرائيلي) أي نجاح في إثنائه عن الوصول إلى مراده.

ضحايا اعتداءات (إسرائيلية)

وعلى شاكلة الشاب سامي، أصبح المئات من الفلسطينيين يعانون الأمرّين في حياتهم اليومية، بعدما تعرضوا للبتر في أطرافهم، عقب إصابتهم برصاص جنود (إسرائيليين) خلال عام 2018.

وبحسب إحصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد ذوي الإعاقة في قطاع غزة يصل لنحو 27 ألفا، منهم 17 ألفا يعانون من إعاقة حركية، كما بلغ عدد الجرحى الذين أصيبوا خلال الاعتداءات (الإسرائيلية) المختلفة، أكثر من 15 ألف شخص، منهم المئات في الأطراف السفلية ما ساهم في ازدياد حالات البتر والتسبب بإعاقات دائمة للجرحى.

وسيكون الشبان المصابون ببتر في أطرافهم السفلية، مضطرين لإكمال حياتهم على هذا الشكل، الأمر الذي يفتح الباب أمام انضمامهم إلى فريق "الأبطال"، لتعويضهم عن جزء بسيط مما أفقدهم إياه الاحتلال (الإسرائيلي).

فريق المعجزات المصري

ويعدّ فريق "الأبطال" الفلسطيني الثالث على مستوى الوطن العربي في هذه اللعبة، إذ سبقه فريق سمى نفسه "المعجزات" في جمهورية مصر العربية، ومن قبله فريق في لبنان.

وجاءت فكرة إنشاء فريق "المعجزات" المصري في بداية 2018، مع انتشار صورة الشاب الراقص بالعكاز خلال احتفالات تأهل منتخب مصر إلى المونديال في الإسكندرية.

ومع حداثة الفكرة، عانى لاعبو الفريق من عدة تحديات أبرزها نقص الدعم المالي، إلى جانب حلمهم بإنشاء اتحاد محلي للعبة في مصر، لا سيما مع وجود 42 اتحادا محليا للعبة على مستوى العالم.

نجوم تحدوا الإعاقة

وعلى غرار اللاعبين الفلسطينيين الذين يملكون التحدي والإرادة، قهر العديد من نجوم العالم إعاقتهم، حتى حصدوا شهرة واسعة، بل وأصبحوا مصدر إلهام للآخرين.

المغربي محمد لهنا بحي "36 عاما"، الذي ولد بإعاقة خلقية في قدمه اليمنى، كان أبرز من تحدى قهر ظروفه الخاصة، إذ أصبح أحد أفضل النجوم العرب في رياضة "الترايثلون"، وبات قدوة للكثير من الرياضيين ذوي الإعاقة.

كذلك تحدى الأسترالي نيك فوجيسيك "36 عاما"، ظروف ولادته دون أي أطراف سوى قدم صغيرة، واستطاع أن يقوم بعمل الكثير من الأشياء التي عجز عنها الأصحاء، فهو يمارس رياضة السباحة ويلعب الغولف ويركب الأمواج، كما يستطيع الكتابة بفمه، عن قيامه بجولات سياحية حول العالم.

أما الأمريكي سانتونا ستاسو "22 عاما"، فقد حقق أرقاما رائعة في صالة الألعاب الرياضية بمنطقة "تامبا" في ولاية "فلوريدا"، بعدما اجتاز إعاقته ورفع إطارا طوله 152سم عدة مرات، بيد واحدة مبتورة الأصابع.

وعلى مستوى الفتيات، تعتبر جينيفر بريكر "31 عاما"، نموذجا للإلهام، إذ رفضت الاستسلام لظروفها، بعدما وُلدت دون قدمين، وأصبحت من نجوم العالم في رياضة الجمباز، ونالت شهرة واسعة.

 

البث المباشر