قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: ما بعد قرار حل المجلس التشريعي.. للسلطة مآرب أُخرى!

عباس
عباس

الرسالة نت- محمد عطا الله

لا تشير التصريحات التي تصدر بين حين وآخر من قيادات السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة إلى وجود نية حقيقية لإجراء انتخابات عامة تشمل الضفة وغزة والقدس، بعد حل المحكمة الدستورية في رام الله والتي شكّلها رئيس السلطة محمود عباس بمرسوم رئاسي وعيّن قضاتها عام 2016، المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب، ودعت لانتخابات خلال ستة أشهر.

بدا ذلك واضحا من حديث عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية بأن حركته ترفض إدارة انتخابات "تحت بوليس" حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة، زاعما أن "حماس تدّعي أنها تريد انتخابات، لكن هناك استحقاق لهذه الانتخابات، فنحن لا ندير انتخابات تحت بوليس حماس. نريد وحدة المعلمين، ورجال الأمن، والمؤسسة، ولجنة الانتخابات المركزية هي المشرف الرئيس والحقيقي".

ويمكن القول إن ما سبق يعكس نية مبيتة لدى قيادة السلطة تجاه المؤسسة الفلسطينية أبعد بكثر مما جرى الإعلان عنه، بعد إسقاطهم للسلطة التشريعية التي من المفترض أن تبقى قائمة ولا تنتهي إلا بتسلم مجلس منتخب جديد.

وكانت الفصائل الفلسطينية استنكرت الخطوة التي أعلن عنها عباس في 22 ديسمبر الجاري بحل المجلس التشريعي، وقالت إن ذلك يُكرّس الانقسام الداخلي، ويضرب النظام السياسي الفلسطيني في مقتل، لكن حركة فتح رحّبت منفردة بالقرار.

وتدعو حركة حماس -الكتلة الأكبر في التشريعي بعد الفوز الكبير الذي حققته في آخر انتخابات جرت في 25 يناير 2006، حيث حصدت 74 مقعدًا من أصل 132-لإجراء انتخابات شاملة (رئاسية وتشريعية ومجلس وطني) لتجديد الشرعيات الفلسطينية على كل المستويات، لكن حركة فتح تكتفي بالدعوة لانتخابات تشريعية.

مردود سياسي خطير

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن حل المجلس التشريعي له مردود سياسي خطير للغاية ويتعدى هدف حله، مبينا أن تبعات هذا الأمر وما يترتب عليه من رفض حركة حماس والفصائل له واقتصار اجراء الانتخابات على الضفة وحدها أبرز هذه المخاطر.

ويوضح محيسن في حديثه لـ"الرسالة" أن ذهاب قيادة السلطة إلى ما سبق يعني تقزيم المُقزّم الذي قبلت به بتوقيع اتفاق أوسلو وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 في المقابل التناول عن بقية فلسطين، إلى جانب تدميرها للمكون الجغرافي الموحد في المؤسسة الفلسطينية الذي تشكل بانتخابات 2006 وشملت قطاع غزة والضفة والقدس.

ويؤكد أن تلك الخطوة هي طريق جديد لتنازل استراتيجي إضافي، لا سيما وأنها تنوي بعد حل المجلس التشريعي، إلى الذهاب لمجلس الأمن الدولي والطلب منه الاعتراف بأن فلسطين دولة تحت الاحتلال وطلب الحماية الدولية، لافتا إلى أن كلا الطلبين لا يمكن القبول بهما في ظل وجود الفيتو الأمريكي بمجلس الأمن مما ستعود السلطة بخفي حنين.

ويلفت محيسن إلى أن السلطة ستلجأ لتشكيل هيئة تشريعية او إحالة اختصاصات التشريع للمجلس المركزي الذي هو الجسم المصغر عن المجلس الوطني في منظمة التحرير، وتكون قد حققت مبتغاها من حل المجلس التشريعي.

برلمان دولة!

ويرى الكاتب والمختص في الشأن السياسي د. نبيل عمرو أن هنالك أقوال تصدر عن مسؤولين رسميين من رام الله تفصح أن المقصود بالانتخابات ليس المجلس التشريعي، ولا رئاسة السلطة؛ وإنما انتخابات على هيئة جديدة تسمى "الهيئة التأسيسية لبرلمان الدولة"، وهذا يعني لو تم التوجه إليه فعلاً انقلاباً جذرياً على كل ما بني على "أوسلو" التي أنجبت المجلس التشريعي والحكومة والعلاقات الشاملة مع (إسرائيل).

ويُضيف عمرو في مقال له أنه بقدر ما يمكن هذا الانقلاب من يدعون إليه من القول إنه يجسد انتقالاً دستورياً من مرحلة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، إلا إن المحظور الذي يتعين التدقيق فيه يتجسد في نقل الحالة الفلسطينية من وضع فيه مؤسسات فعلية ولكنها رغم تعثرها تعمل، والوزارات هي التجسيد لذلك، إلى وضع يطغى فيه الرمزي على الحقيقي، دون أن ننسى أن الانتقال إلى واقع الدولة لا يتم بقرار، ولو كان الأمر كذلك؛ فماذا سيضاف على القرار التاريخي بإعلان الدولة والاستقلال من خلال المجلس الوطني الذي هو البرلمان الأكثر شرعية وصدقية في الحياة السياسية الفلسطينية.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن لقيادة السلطة من وراء حل المجلس التشريعي الفلسطيني والدعوة لانتخابات تشريعية، مآرب أخرى أبعد مما يتم التذرع به، وتبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف ذلك.

البث المباشر