لا تتوقف موجات التطبيع التي باتت تجتاح العالم العربي في تسارع خطير، خاصة دول الخليج العربي التي كانت تعتبر مسألة التطبيع خطوة لا يمكن الاقتراب منها قبل حل القضية الفلسطينية، ولكن نتيجة المتغيرات المتسارعة في المنطقة يبدو أن الالتزامات تغيرت بالنسبة لكثير من الدول العربية أمام مصالحها الخاصة.
وبدأ العالم العربي وتحديداً الدول الخليجية بتجاوز الخطوط الحمراء في ملف التطبيع بصورة فجة كان آخرها البحرين وعُمان، بينما يعمل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بقوة على ملف العلاقات مع دول الشرق الأوسط وبدأ خطوات جديدة تعتمد سياسة الانفتاح الدبلوماسي على العالم العربي والقارة الأفريقية.
ولا يمكن الفصل بين موجات التطبيع وبين خطة الإدارة الأمريكية للتسوية في المنطقة ولتصفية القضية الفلسطينية، حيث تقوم ما باتت تعرف بصفقة القرن على عدة أسس من أهمها التطبيع بين الدول العربية و(إسرائيل) وإعادة ترتيب العلاقات في المنطقة بحيث لا تبقى (إسرائيل) فيها العدو الأول وإنما إيران، وهذه الخطة هي محور هام لتحريك موجة التطبيع الجارية.
واللافت أن بعض الدول العربية باتت تلهث وراء التطبيع دون مقابل بمعنى أنها تقدم في هذا الجانب أكثر من المطلوب، وتحديداً البحرين التي رحب وزير خارجيتها خالد بن أحمد آل خليفة خطوة أستراليا بنقل سفارة بلادها إلى القدس.
ولا تربط (إسرائيل) والبحرين علاقات دبلوماسية، ولكن تشير تقارير إلى وجود علاقات سرية قوية بين البلدين، اللتين تريان في إيران تهديدا استراتيجيا.
وقبل ذلك أثارت زيارة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو لسلطنة عُمان موجة من الانتقادات، التي اعتبرها البعض تشكل حالة تطبيع غير مسبوقة.
رئيس حركة حماس في الخارج ماهر صلاح كشف أن وزير خارجية سلطنة عُمان يوسف بن علوي قد طلب لقاء قيادة حركة حماس أثناء زيارته لقطر بعد أيام من استقبال السلطنة نتانياهو، وقدم مبررات لاستقبال السلطنة نتانياهو معتبراً أن الخطوة لا تؤثر على دعم بلاده للفلسطينيين.
وربما يعكس اللقاء رغبة العرب بالحفاظ على مصالحهم من ناحية وعدم خسارة الورقة الفلسطينية من ناحية أخرى، كونها تحظى باهتمام واحترام السواد الأعظم من الشعوب العربية.
الكاتب والمحلل السياسي حسن عصفور قال إنه قبل عدة أيام أثارت دولة الكيان الإسرائيلي "زوبعة سياسية"، بعد أن انتشرت صورة لوزيرة الإعلام الأردني جمانة غنيمات وهو تدوس بقدميها علم الكيان (تل أبيب) أقامت الدنيا حول تلك الحادثة "السياسية".
وأضاف في مقال له أن (إسرائيل) شنت حربا إعلامية على غنيمات، دون أن ترمش عين الوزيرة كونها تعلم يقينا أن تلك الحادثة ستبقى علامة فارقة في مسارها السياسي الإعلامي.
وتابع "بعد أيام خرجت إعلامية كويتية، لتكتب مع بداية العام الجديد؛ "أتوقع السنة الميلادية الجديدة 2019 ستكون بإذن الله سنة خيرا وأمنا وأمان، وبهذه المناسبة السعيدة، أحب أن أقول لكم إني أؤيد وبشده التطبيع مع دولة (إسرائيل)، والانفتاح التجاري عليها".
وأوضح عصفور أن إعلام دولة الكيان فتح أبواب الترحيب بكل العبارات بما "غردته السعيد" حتى وصفتها خارجية الكيان بـ "فجر الشجاعة"، وهذا ليس بمفاجئ ابدا، لكن ما يلفت الانتباه من الحدثين، أن الكويتية صديقة شخصية لرئيس سلطة المقاطعة عباس، والذي لا يترك مناسبة دون أن يلتقيها، وسهل لها زيارة الكيان والقدس المحتلة وفتح لها باب المقاطعة ترحيبا وسعادة، فيما لم يرفع سماعة هاتف ليعلن تضامنه مع الوزيرة غنيمات.
وقال "كم كانت مفارقة كبرى، أنه في وقت "تغريدة فجر التطبيعية جدا"، التي تتجاوز كل محرم سياسي وشعبي معلن؛ خرج محمود عباس ليتهم جزءا واسعا من سكان قطاع غزة، بأنهم "جواسيس".