استهل رئيس السلطة محمود عباس العام الجديد بإجراءات انتقامية جديدة ضد معارضيه ضمن سياسة تدفع الأوضاع في القطاع الى التأزم من جديد، يتمثل عنوانها في قطع رواتب "وتجويع" المئات من الموظفين الذين يعدهم من المعارضين!
استبق عباس ومطبخه السياسي، كما يحلو للجبهة الديمقراطية تسميته، بداية العام بإطلاق وعود لفريقه تتمثل برفع نسبة الراتب، مقابل المشاركة في مهرجان الانطلاقة والدفع باتجاه توتير الأجواء، مقابل رفع العصا بوجه حماس والجهاد والتيار الإصلاحي، وهم من طال عناصرهم قرارات الفصل التعسفي وقطع الرواتب.
قيادات فتحاوية بارزة أعربت عن رفضها ابتداء أن يكونوا حطبًا في نار داخل معركة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل.
وتشير المعلومات إلى أنّ قيادات عديدة من التنظيم أعلنت في اجتماع جرى داخل منزل أبو ماهر حلس مفوض التنظيم في القطاع، رفضها الزج بها وبالتنظيم في معركة حماس، مقابل تعليمات وتوصيات تأتيهم من المطبخ السياسي برام الله دون أي فائدة تعود عليهم.
وكانت قيادات فتحاوية تميل الى الاتفاق مع حركة حماس وأخذ الإذن والترتيبات الأمنية، ذات المطلب الذي رفضته مركزية فتح في رام الله متذرعة بأنها لا يمكن أن تحصل على إذن يصبغ الشرعية على الأجهزة الأمنية في القطاع.
وتترافق هذه التداعيات مع حدث تحطيم مقر تلفزيون المقاطعة، التي اتخذته السلطة مبررا لتمرير قراراتها ضد القطاع، وهي التي مررت أكثر من رواية تذرعت في كثير منها ان بعض الملثمين قد اقتحموا المقر خلافا للحقيقة التي تشير إلى أن من اقتحمه كان مجموعة موظفين غاضبين أحدهم يعمل في التلفاز.
رفضت إدارة تلفزيون المقاطعة اظهار الفيديوهات التي تظهر أشخاصهم، في محاولة لتمرير الروايات المضادة، لا سيما وأن أحد المهاجمين يعمل أساسا في التلفاز ويعرفه الموظفون هناك، في حادثة أقرب إلى وصفها بـ"الكركعة".
مقابل ذلك، أعلنت حماس عن موافقتها على جهود فصائلية بدأتها حركة الجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية، تتمثل في تأجيل انعقاد الانطلاقة وتهيئة الأجواء بالقطاع، ونزع فتيل الفتنة من خلال التراجع عن كافة القرارات التي اتخذها عباس مؤخرا بشأن قطع الرواتب.
وكانت حماس وفقا لمصادر فصائلية قد أكدت أنها لم تبلغ أساسا من فتح رغبتها تنظيم أي حفل بالقطاع، "ولا يمكن السماح بإقامة حفل كبير يمكن أن يشكل مدخلا لصراعات واقتتال فتحاوي داخلي ضمن بيئة تنظيمية محتقنة أساسا، دون توفير الأمن واتخاذ الإجراءات الأمنية بالقطاع".
وتشير المعلومات لـ"الرسالة" من أحد الفصائل المشاركة بالمبادرة إلى لوم كبير أبداه الوسطاء لما أسماه بحالة التكبر والعنهجية السياسية التي اصطحبت اعلان فتح لحفل انطلاقتها بالقطاع، وكان جديرا منذ البداية بالتوجه الى الفصائل والاتفاق على رؤية موحدة وتقديمها للجهات الأمنية التي لن تعترض أساسا في ضوء التوافق الوطني والفصائلي.
مقابل ذلك، ضرب رئيس السلطة عرض الحائط بكل الوساطات الفصائلية التي نادته برفع الإجراءات الانتقامية عن القطاع.
ورغم إصرار عباس الكبير على تنظيم الحفل في القطاع ضمن اجوائه المعكرة، كان تنظيمه ينظم حفلا ضعيفا وبسيطا في لبنان، كما وصفه قيادي فصائلي هناك.
وأكدّ القيادي في "التيار الإصلاحي الديمقراطي" المنبثق عن حركة "فتح" عبد الحميد المصري، أنّ مستقبل القضية الفلسطينية مرتبط بوحدة فصائله وقواه الحقيقية، "وكل ما يحدث اليوم من انهيار هو أمر وقتي ولن يطول وهو مرتبط بوجود عباس فقط".
وذكر المصري لـ"الرسالة نت " أن "كل ما يحدث من ارهاصات وخلافات ستنتهي بنهاية عباس واللحظة التي يغيب فيها عن المشهد، وفق تعبيره".
وأكدّ المصري "حق الشعب على الفئة المتحكمة إنهاء حصاره والعقوبات الانتقامية المفروضة عليه".
وتساءل: "هل تعمل هذه القيادة لتجذير الشعب في ارضه؟ وماذا فعلت لتثبيت الفلسطينيين في الضفة وغزة والقدس؟ وأي دولة ستبنى بدون شعب؟"، مضيفا: "هذا وهم كبير حين يدعون بناء دولة لكنهم يشاركون في تفريغها من أهلها".