على مدار السنوات الماضية نجح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الحفاظ على الائتلاف الحكومي من الانهيار رغم حدة الخلافات التي كانت تسود العلاقة بين أحزاب اليمين المتطرف التي شكلت الائتلاف، إلا أن قرار إجراء انتخابات "الكنيست" في أبريل/نيسان المقبل، قبل موعدها بخمسة أشهر، يعني أن الحكومة التي يتزعمها الليكود فشلت في النهاية واجبرت على تبكير الانتخابات خاصة بعدما حاول نتنياهو المحافظة عليها بكل الطرق والابتعاد عن الانتخابات المبكرة تحديداً في ذروة الحديث عن ملفات الفساد التي تحيط به.
المتابع للشأن الإسرائيلي سيلاحظ أن عدة أحزاب وشخصيات سياسية تحاول كسر هيمنة نتانياهو على رئاسة الحكومة والكنيست في الانتخابات المقبلة، إلا أن استطلاعات الرأي ما زالت تؤكد تفوقه، وفي أخر استطلاع للرأي العام "الإسرائيلي" نشر نتائجه الموقع الإلكتروني لصحيفة معاريف، حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو سيحصل على 30 مقعداً في الانتخابات الإسرائيلية القادمة حتى لو تم توجيه لائحة اتهام ضده.
وتزداد سخونة الحملات الانتخابية الإسرائيلية عشية الانتخابات المبكرة، وتخرج بين الحين والآخر استطلاعات جديدة للرأي، وقراءات تحليلية لأوزان الأحزاب والكتل البرلمانية المتوقعة في الكنيست المقبل.
الكاتب الإسرائيلي أمنون لورد في مقاله بصحيفة (إسرائيل) اليوم قال إن "حزب العمل الإسرائيلي المعارض في طريقه للنهاية والتفكك، بعد التراجعات التي تصيبه، والطرد المهين الذي قام به رئيسه آفي غاباي لشريكته السابقة تسيفي ليفني، ورغم أن ذلك يشكل بشرى سارة لخصوم الحزب على طول العقود السابقة، وأنا منهم، لكني أراه خبرا حزينا على الحياة الديمقراطية في (إسرائيل).
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21" أن "هناك أسبابا وعوامل موضوعية للتراجع التاريخي الذي يشعر به حزب العمل في ظل المعطيات المتوفرة التي تمنحه إياها استطلاعات الرأي الأخيرة، ليس بالضرورة بسبب أخطاء وإخفاقات تاريخية أحاطت بالحزب، لكن نتيجة حروب داخلية ضد قادة الحزب بعضهم ببعض، كما أن الصحافة اليسارية لعبت دورا في تحطيم ما تبقى من إرث الحزب".
في سياق منفصل، عالج الكاتب إيريز تدمور مستقبل حزب الليكود الحاكم، الذي قال إنه "لم يتغير، بل استيقظ مبكرا، وبات يمثل اليمين الحقيقي في الخارطة الحزبية الإسرائيلية بعكس باقي الأحزاب التي تدعي أنها تمثل تيار اليمين، وتتخذ من زئيف جابوتنسكي نموذجا لأيديولوجيتها الراديكالية، في حين أن الليكود يرى في مناحيم بيغن وإسحاق شامير نموذجين جديرين بالسير على طريقهما".
وما يميز هذه الدورة أن الجنرالات هم نجوم الانتخابات المبكرة فقد بدأت الحملة الانتخابية الإسرائيلية مبكرا بدخول نجوم جدد على حلبة السباق الانتخابي، من الجنرالات خاصة انه على مدار تاريخ الانتخابات في دولة الاحتلال كان يحظى السياسيون من ذوي الخلفية العسكرية باحترام الجمهور الإسرائيلي.
وقد ذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة أن "دخول الجنرالين موشيه يعلون وزير الحرب الأسبق، وبيني غانتس قائد الجيش السابق في ائتلاف مشترك يواجه صعوبات جدية بسبب شروط قدمها الأول للثاني".
وأضافت أن "شرط يعلون الأول ألا يدخل غانتس في أي ائتلاف حكومي مستقبلي مع نتنياهو بسبب العداوة القائمة بينهما، الأمر الذي لم يوافق عليه غانتس، وفيما يسعى يعلون لإضفاء طابع يميني على ائتلافهما، فإن ذلك ووجه برفض غانتس".
في سياق متصل، قالت القناة العاشرة في تقرير آخر، إن "السباق الذي يقوم به رؤساء الأحزاب الإسرائيلية لاستقطاب المزيد من الجنرالات وصل ذروته في السعي لجلب رئيس جهاز الأمن العام الشاباك السابق يورام كوهين، حيث يبذل زعيم حزب العمل آفي غاباي وزعيم حزب يوجد مستقبل يائير لابيد وغيرهما جهودا كبيرة، لوضع هذا الجنرال ضمن قوائمهما الانتخابية".
وأضاف أنه "رغم مواقف كوهين السياسية التي تقترب من حزب البيت اليهودي، لكن تصنيفها أقرب إلى تيار الوسط، ومع ذلك فإنه لم يتخذ قرارا نهائيا بالانخراط في الحلبة الحزبية، ورغم أن وضع حزب العمل برئاسة غاباي بعد الطرد المهين لشريكته السابقة تسيفي ليفني أصبح صعبا في استطلاعات الرأي، فإن انضمام كوهين إليه يمنحه قوة إضافية يحتاجها أكثر من أي وقت آخر، لكن الوضع الصعب الذي يمر به الحزب، قد يجعل كوهين يتردد كثيرا في الانضمام إليه".
وأوضحت القناة أن "القائد السابق لسلاح الجو الجنرال أليعازر شكدي الشخصية الأمنية العسكرية الكبيرة، يواجه العروض الحزبية ذاتها من الزعماء الإسرائيليين، لكن المشكلة المتمثلة في شكدي أنه لا يبدو متحمسا لدخول السباق الانتخابي في الدورة الحالية 2019، بل يريد البقاء خارجه، رغم محاولات عديدة بذلها رؤساء الأحزاب الإسرائيلية لسحبه إلى مربعها السياسي".
من ناحيته رأي الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر أن تبكير الانتخابات الإسرائيلية سيكون لها تبعات على الضفة الغربية، حيث أن الأشهر القادمة التي تسبق ذهاب الإسرائيليين لصناديق الاقتراع يتوقع أن تشهد مزيدا من الاقتحامات الأمنية للضفة الغربية، للظهور بمظهر الممسك بزمام المبادرة الأمنية، وعدم الاعتماد على أي طرف آخر بحفظ أمن المستوطنين، مع أنه لا يمكن فصل هذا الأداء الأمني والعسكري عن الحملات الانتخابية حامية الوطيس، لأن المستوطنات ذاتها ستكون مسرحا لدعاية انتخابية تؤكد الاحتفاظ بها، وعدم التنازل عنها.
فيما ستكون التداعيات على غزة مختلفة حيث سيحاول نتنياهو الابتعاد عن خوض أي مواجهة عسكرية واسعة في غزة، لأن الذهاب إليها قبل مئة يوم من توجه الإسرائيليين لصناديق الاقتراع توقيت غير ملائم البتة، ولذلك سيضطر لابتلاع الضفدع الذي يحاول زعماء حماس إطعامه إياه، من خلال حشره في الزاوية.