في أعقاب قرار قادة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات مبكرة في التاسع من نيسان المقبل، بدأت الحملة الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية باكراً، والتي عادةً ما تكون على حساب القضية الفلسطينية، والتي تستغل كمزاد علني لكسب المزيد من الأصوات.
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو آثر بدء الحملة الانتخابية، بالاجتماع مع رؤساء مجالس المستوطنين، بعد مصادقته على بناء الآف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وتقديم الوعود والإغراءات لحثهم على التصويت لصالحه.
المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ذكر أنه في إطار الدعاية الانتخابية، أقرت لجنة الموازنة بالكنيست في ختام جلسة خاصة عقدتها مؤخرا تحويل 80 مليون شيقل من أجل دعم المستوطنات.
وأضاف ما يسمى "مجلس التخطيط الأعلى" في "الإدارة المدنية"، وهي الذراع التنفيذية للاحتلال والاستيطان في الضفة الغربية، مخططات بناء 2191 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات في الضفة الغربية، 87% منها السكنية ستبنى في مستوطنات "معزولة"، أي تقع خارج الكتل الاستيطانية.
وأشار في بيان له إلى أنه في تطور خطير يتيح مشروع قانون إسرائيلي جديد اقترحه حزب البيت اليهودي بإلزام المسؤول عما تُسمى "أموال الغائبين" بالضفة بتخصيص مناطق ريفية لصالح لواء الاستيطان وتفويض اللواء بإدارة هذه الأراضي وتسجيل حقوقها.
خطط ممنهجة
خليل التفكجي مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية ببيت الشرق في القدس المحتلة، أكد أن زيادة رقعة الاستيطان في الضفة والقدس المحتلتين هو في سياق مساعي الاحتلال لتقليص فرصة إقامة دولة فلسطينية.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "نتنياهو يستغل الظروف الحالية من أجل كسب أصوات الناخبين في المجتمع الإسرائيلي، من خلال تصريحات توسيع الاستيطان أو دعمه، ويستغله اليمين واليسار الإسرائيلي أيضاً في قضية الانتخابات".
وأشار التفكجي إلى أن برنامج الاستيطان وضع في عام 1979، لتوسيع نطاق الاستيطان وسلب أراضي الضفة والقدس، ويسير في خطة ممنهجة ومرسومة بدقة، وعندما تأتي ظروف دولية مواتية تزداد نسبة الاستيطان وتتسارع خطوات تطبيق الخطة.
وأوضح أن الأحزاب الإسرائيلية تستخدم الاستيطان وسيلة لكسب الأصوات، لأنه أكثر المواضيع التي تحظي بإجماع وطني لدى الاحتلال، خاصةً أن 8% من الناخبين هم من المستوطنين، وأكثر من 50% من المستفيدين من الاستيطان.
أقل مخاطرة
أما الخبير بشؤون الاستيطان صلاح الخواجا فقد عزا سبب التفاف الأحزاب الإسرائيلية حول الاستيطان في الدعاية الانتخابية إلى أنه أقل مخاطرة، موضحاً أن العدوان على غزة أو لبنان فيه مخاطرة كبيرة، لكن الاستيطان أقل خطورة على كل الأصعدة.
وقال في حديث لـ "الرسالة": "قادة الاحتلال يريدون أن يجندوا كل الإمكانيات لدعم أصوات المستوطنين، لكسب مزيد من الأصوات لصالح العملية الانتخابية وبدون مخاطرة".
وأشار الخواجا إلى أن برامج الانتخابات الإسرائيلية دائماً تكون على حساب الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، مبيناً أنه قبل أربعة أعوام أعلن نتنياهو حملته الانتخابية من مستعمرة آرائيل، ونفتالي بنيت انطلقت حملته الانتخابية من مستعمرة أقيمت في تل الرميدة بقلب مدينة الخليل.
ونوه إلى خطورة تسارع وتيرة الاستيطان في الضفة، خاصةً بعد إقرار حكومة الاحتلال بناء 1400 وحدة استيطانية في أكثر من 60 مستوطنة وبؤرة استيطانية، وتصريح نتنياهو في الاجتماع مع المجلس الإقليمي للمستوطنات بعزمه بناء 2500 وحدة استيطانية، ما يعني بناء أكثر من 4000 وحدة استيطانية جديدة في أسبوع واحد فقط.
وأوضح أن الفلسطينيين أمام حالة جديدة من الاستيطان والاستعمار في مناطق الضفة الغربية، خاصةً بعد إقرار 12 قانون في عام 2018 لتعزيز الاستيطان والمستوطنات، ضمن قانون القومية والتسوية وغيرها من القوانين التي تخدم البرنامج الاستيطاني.
ودعا خبير الاستيطان إلى ضرورة التوحد، وتبني إستراتيجية فلسطينية موحدة، على أساس الكفاح والنضال ضد المحتل، ونحوله من احتلال كاسب إلى خاسر كما كنا في الانتفاضة الأولى، وأن تكون هناك خطورة سياسية واقتصادية وأمنية على واقع الاستيطان.