تواصل الولايات المتحدة الأمريكية ابتزاز السلطة الفلسطينية في المساعدات التي تقدمها؛ في محاولة لتطويع الأخيرة للقبول بـ "صفقة القرن" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصوله إلى الحكم، وكان أولها إعلان القدس عاصمة للاحتلال والسعي لإنهاء قضية اللاجئين وحق العودة من خلال إنهاء عمل أونروا.
وأفادت صحيفة "جيروسلم بوست" أن الإدارة الامريكية تنوي وقف المساعدات المقدمة للفلسطينيين نهاية الشهر الحالي. ونقلت الصحيفة عن ديف هاردن الرئيس السابق للبعثة الامريكية إلى المنطقة أن الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID تنوي وقف تمويل جميع المشاريع في مناطق السلطة الفلسطينية.
وأضافت الصحيفة أن وقف المساعدات يأتي في أعقاب تمرير "قانون مكافحة الإرهاب" الذي تمت المصادقة عليه في الكونغرس الامريكي في شهر تشرين الثاني الماضي، ويشترط هذا "القانون" تقديم المساعدات الأمريكية للسلطة الوطنية بوقف صرف رواتب ومخصصات الأسرى والجرحى والشهداء وعائلاتهم.
ومنذ تولي ترامب إدارة الولايات المتحدة، توقف الدعم الأمريكي الموجه للفلسطينيين، بهدف الضغط لقبول الصفقة، وحتى عام 2016، كان متوسط الدعم الأمريكي للموازنة الفلسطينية يتجاوز 100 مليون شيكل، وبلغ 300 مليون شيكل سنويا حتى عام 2012، بينما كان يتجاوز الدعم الأمريكي كاملا للفلسطينيين (موازنة، أونروا، مؤسسات USAID)، نحو 600 مليون دولار أمريكي بالمتوسط.
وأوقفت الولايات المتحدة الدعم غير المباشر الموجه للفلسطينيين، وأوقفت دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا.
ابتزاز وضغط
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن الولايات المتحدة باتت تتبنى السياسة الإسرائيلية بشكل كامل، واتضح ذلك من خلال سياسة الابتزاز التي تمارسها كضغط لقبول السلطة في الصفقة وتنفيذ بنودها.
ويوضح عوكل لـ"الرسالة" أنه صعب على أمريكا وجود أي طرف يرفع الـ "لا" في وجهها، الأمر الذي دفعها لتقليم أظافر السلطة بوقف كامل المساعدات المقدمة للفلسطينيين ومن قبلها للموازنة والمنظمات الدولية.
ويُبين أن قطع كل المساعدات عن السلطة هو ابتزاز لكل القوى السياسية على الساحة ومارسته أمريكا وأعلنت ذلك سابقا في الضغط على الدول الأخرى لمنعها من التصويت للفلسطينيين في الأمم المحتدة وارغامها على التماشي مع الموقف الأمريكي.
واستبعد عوكل أن تستجيب السلطة لهذا الابتزاز، لافتا إلى أنه لم يتبق شيء لم يقطع عن الفلسطينيين "والموقف لم يتغير والمسألة تاريخية وأخلاقية وعنوانها أن الأوطان لا تباع ولا تشترى في المال".
ويتفق المحلل السياسي محسن أبو رمضان مع سابقه الرأي، مبينا أن هذه حلقة في سلسلة الحلقات الامريكية في الضغط على السلطة للاستجابة لصفقة ترامب لحسم القضايا الكبيرة: القدس واللاجئين والاستيطان واستخدام التمويل بابتزاز لا أخلاقي بعيدا عن الالتزامات الدولية كشعب يرضخ للاحتلال.
ويؤكد أبو رمضان لـ"الرسالة" أن هذه الخطوة تؤكد اندماج الولايات المتحدة بالكامل مع (إسرائيل) وأنها تُقاد من اللوبي الصهيوني في المواقف القمعية كافة ضد الفلسطينيين؛ بهدف تركيعهم.
ويُشير إلى أن تداعيات هذا الأمر ستكون خطيرة وتنعكس بصورة سلبية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين، لاسيما بعد توقف الدعم عن أغلب المؤسسات والمنظمات التي تقدم الخدمات للفلسطينيين.