منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة حكم الإدارة الأمريكية يناير العام الماضي، شرع في انحيازه العلني لصالح دولة الاحتلال "الإسرائيلي" على حساب الفلسطينيين، إذ منح الضوء الأخضر للتمدد الاستيطاني، ثم أتبعه بنقل السفارة "الأمريكية" للقدس والاعتراف بها عاصمة لـ(إسرائيل)، ثم تقويض الدعم المقدم "للأونروا" والسلطة الفلسطينية.
وتدرج ترامب في حجب المساعدات المقدمة للفلسطينيين بعد تقليص المنحة المالية الأمريكية للأونروا من 350 مليون $ إلى 200 مليون، ثم أتبعها بعد ذلك إعلان وقف التمويل الأمريكي بشكلٍ كامل عن الأونروا، بالإضافة إلى قطع مساعدات مالية تقدم لتنفيذ المشاريع في الضفة وقطاع غزة قيمتها 200 مليون $.
ومن خلال هذه التقليصات تسعى إدارة ترامب إلى الوصول لصفقة تسوية سياسية وخلق الأزمات "الإنسانية" أمام الفلسطينيين لإجبارهم على إملاءات (صفقة القرن) التي لوح بها الرئيس الأمريكي منذ وصوله إلى الحكم، وانهاء قضية اللاجئين وحق العودة من خلال إنهاء عمل الأونروا.
وأعنت وزارة الخارجية الأمريكية، في الـ 25 من الشهر الماضي، عن وقف توجيه أكثر من 200 مليون$، كانت مخصصة لبرامج في قطاع غزة والضفة المحتلة، وستنقل هذه الأموال لمشاريع في مناطق أخرى.
ضغوطات سياسية
وفي ذات السياق، أوضح ناصر عبد الكريم المحلل والخبير الاقتصادي، أن الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، تمارس ضغوطاً اقتصادية كبيرة على الأونروا والسلطة الفلسطينية، على امل أن تفضي هذه الضغوط لإتمام مشروع صفقة القرن حسب المقاس (الإسرائيلي)، الذي يستهدف إنهاء القضية الفلسطينية بجني أكبر الأثمان من الأرض والحكم سوياً.
وقال عبد الكريم في حديثه "الرسالة"، إن "تقليص الإدارة الأمريكية مساعدات حجمها 200 مليون$، " تذهب لصالح مساعدات إنسانية ومشاريع بنية تحتية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، سيؤثر سلبا على الفلسطينيين الذي يستفيدون منها بشكلٍ مباشر أو غير مباشر".
ويعتقد عبد الكريم أن الإدارة الأمريكية تعمل وفق مخطط زمني مدروس، لتجفيف تدفق المساعدات المالية للفلسطينيين، لإرغامهم على الخضوع لصفقة القرن، وفي حال انتهاء المدة الزمنية دون إتمام الصفقة فذلك سيزيد من حجم التقليصات إلى أن تحجب بالكامل.
ويرى المحلل الاقتصادي أن تقليص 200 مليون $ من المساعدات الأمريكية، سيلحق ضررا كبيرا على حجم المشاريع الإنسانية والإنشائية في قطاع غزة والضفة الغربية، إلا أن قطاع غزة سيكون الأكثر تضرراً من هذه التقليصات.
ويفسر سبب نيل قطاع غزة نصيب الأسد من الضرر، لأنه في أمس الحاجة إلى مشاريع البنية التحتية بعد بطء عمليات التطوير بسبب الحصار "الإسرائيلي" المستمر منذ 11 عاماً والذي تخللته 3 حروب نالت من بنية القطاع التحتية سواء كانت شبكات المياه أو الكهرباء أو الصرف الصحي.
كما أن هذه المشاريع التطويرية التي تم حجب مساعداتها، توفر آلاف فرص العمل لأهالي قطاع غزة الذي يعانون في الأساس من ظروف اقتصادية صعبة وتتفشى البطالة في أوساطهم، ما يعني مزيداً من مفاقمة الأزمات على الغزيين.
أما الضفة الغربية المحتلة، فعلى الرغم من إلحاق الضرر بها، يؤكد عبد الكريم أن عجزا ماليا مقداره 200مليون $، يمكن أن تتعايش معه الحكومة الفلسطينية في ظل وضعها موازنة سنوية تقارب الـ 10 مليارات $، ومع استمرار تطوير البنية التحتية منذ فترة زمنية طويلة فيها دون توقف كما في قطاع غزة.
وشدد عبد الكريم في نهاية حديثه على أن الإدارة الأمريكية ستنفذ باقي المشاريع التي تم إقرارها والاتفاق عليها على شكل مساعدات إنسانية ومشاريع بنية تحتية، في حين سيتم إيقاف أي مشروع جديد أو موازنة مالية من شأنها تقديم أي دعم للفلسطينيين.