بين الفينة والأخرى تعمد (إسرائيل) إلى نشر معلومات تقول إنها تسريبات لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للتسوية التي تُعرف بـ"صفقة القرن"، في الوقت الذي تلتزم فيه الإدارة الأمريكية الصمت حيال الخطة، ما يطرح التساؤل عن الدوافع (الإسرائيلية) وراء ذلك.
وفي أحدث المعلومات التي جاءت في تقرير للقناة 13 العبرية قبل أيام، فإن الخطة تتضمن إقامة دولة فلسطينية على 85% إلى 90% من أراضي الضفة الغربية، فيما تتضمن تبادلا للأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقيام (إسرائيل) بضم الكتل الاستيطانية، وإخلاء بعض البؤر الاستيطانية غير المقننة.
كما أشار التقرير إلى أن القدس الغربية وأجزاء من القدس الشرقية ستكون عاصمة لـ(إسرائيل)، بينما ستكون مناطق من القدس الشرقية، تشمل الأحياء العربية، عاصمة فلسطينية، فيما نسبت القناة هذه التفاصيل إلى إيجاز لمسؤول أمريكي رفيع المستوى، تسربت إلى أحد صحفيي القناة.
ووفقا للخطة التي أوردتها القناة، ستظل الأماكن المقدسة، بما في ذلك المدينة القديمة بالقدس والمناطق المحيطة بها، تحت السيادة الإسرائيلية، إلا أنها ستدار بصورة مشتركة مع الفلسطينيين والأردن وربما دول أخرى.
وكالعادة، نفى جيسون جرينبلات، الممثل الأمريكي الخاص للمفاوضات الدولية ما جاء في التقرير، وكتب على موقع تويتر: "أحترم (الصحفي) باراك رافيد، إلا أن تقريره على القناة 13 الإسرائيلية ليس دقيقا. وإطلاق التكهنات بشأن محتوى الخطة ليس مفيدا. قليلون جدا على الكوكب من يعرفون ما فيها... حتى الآن".
وبرغم أن (إسرائيل) اعتادت التسريبات في ملف خطة ترمب، إلا أنها تأتي في هذه المرة في وقت حساس، يبرز فيه الانشغال الأمريكي عن ملف الصراع العربي الإسرائيلي، في ظل الملفات الأمريكية الداخلية، وملفات أخرى في الشرق الأوسط، وسط تراجع لبعض اللاعبين الرئيسيين في الخطة كمحمد بن سلمان ولي العهد السعودي.
كما تسعى القيادة (الإسرائيلية) الحالية إلى تحقيق المزيد من الإنجازات السياسية في عهد الرئيس ترمب قبيل الانتخابات المبكرة التي سيجري تنفيذها مطلع ابريل المقبل، وهذا يستدعي ضغطا إسرائيليا متلاحقا على الإدارة الأمريكية للبدء في تنفيذ الخطة أو على الأقل الإعلان عنها في الوقت الراهن، بالإضافة إلى محاولة إيصال رسالة للإسرائيليين ولنتنياهو بضرورة تشكيل حكومة مستقبلية يمكنها أن تتعاطى مع الخطة.
ويأتي التقرير في ظل نفي السلطة الفلسطينية موافقتها على الصفقة، بالإضافة إلى نفي عدد من زعماء دول المنطقة المعنيين بالقضية الفلسطينية وجود مثل هذه الصفقة أصلا، إلى جانب تواصل الضغط من (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية على قطاع غزة الذي لم يُذكر في التقرير.
وفي التعقيب على ذلك، قال المختص في الشأن (الإسرائيلي) أحمد رفيق عوض إن أي حديث سياسي إسرائيلي في هذا التوقيت يجب أن يقرأ ضمن مسار التنافس السياسي المحتدم في المجتمع الإسرائيلي قبيل الذهاب للانتخابات مطلع ابريل المقبل، بالإضافة إلى الوضع الإقليمي المحيط بـ(إسرائيل).
وأضاف أن (إسرائيل) ما عادت تستطيع إخفاء رغبتها الجامحة في استغلال فترة رئاسة ترمب لتحقيق أحلامها التي بقيت خاملة طيلة العقود الماضية، بل إنها باتت تستبق الخطوات الأمريكية بالإعلان عن تسريبات أو أحاديث إعلامية على لسان مسؤولين إسرائيليين، وهذا ما قد يزعج أمريكا ويدفعها لاتخاذ قرارات تعاكس الرغبة (الإسرائيلية).
ويشير عوض إلى أن وسائل إعلام الاحتلال تتعمد كل فترة بث التسريبات حول ما يسمى بـ"صفقة القرن" بغية تحقيق أهداف سياسية، في ظل التخوفات القائمة من تغيرات قد يشهدها المسار الأمريكي والإقليمي في أي وقت، في ظل التقلبات الحاصلة في السنوات الأخيرة.
وفي نهاية المطاف، يبدو واضحا أن على الطرف الفلسطيني أخذ ما يأتي في التسريبات (الإسرائيلية) على أنها حقائق تستدعي الرفض المطلق، ورفع السقف بما يؤدي إلى إفشال الخطة الأمريكية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.