إن سياسة حرب قطع الأرزاق والتجويع والقتل الممنهج التي يستخدمها الاحتلال بمساعدة أعوانه من أبناء جلدتنا هي سياسة ملعونة خائبة ستنعكس عليهم , فبرغم أن قطاع غزة وصل إلى أسوأ أوضاعه المعيشية والإنسانية والاقتصادية التي لم يسبق لها مثيل منذ عقود إلا أن شعبنا صابر بعزيمته وعزته وكرامته ومقاومته .
إن كل المؤشرات تشير إلى خطورة ذلك , وعلى رأسها عمليات التجويع وقطع أرزاق المواطنين والعقاب الجماعي الذي تصر السلطة على تطبيقه رغم كل المآخذ والسلبيات الكبرى التي تعتريه وترقى إلى مستوى الخطيئة الوطنية بحق أبناء شعبنا , وارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت نسب كبيرة , وتوقف كثير من القطاعات الاقتصادية , والنقص الشديد في جميع المواد والمستلزمات وأبسط مقومات الحياة , وإغلاق المعابر والحدود والسدود نتيجة الحصار الخانق والرهان على انفصال غزة والضفة , كل ذلك جعل قطاع غزة يصبح نموذجاً لأكبر سجن في العالم بلا عمل بلا غذاء بلا ماء بلا دواء بلا كهرباء بلا معابر بلا إعمار بلا تنمية , الأمر الذي أدى إلى توقف الحياة تماماً , وجعل مواطني قطاع غزة يعيشون على حافة الانهيار ودخولهم الموت السريري .
كيف يستطيع العالم الظالم والنظام العربي والإسلامي مواجهة حقيقة ذلك الأمر ؟ إلى متى يتركون لشعبنا الأعزل وحيداً في الميدان يواجه أعتى قوة في الشرق الأوسط المدعومة من حليفتها الكبرى أمريكيا ؟ وكيف لهذا النظام أن ينظر في أعين هذا الشعب المُحاصَر ؟ أليس من حق شعبنا الفلسطيني أن ينعم بالحرية والحياة والأمان وهو صاحب الأرض والمكان ؟ أين هذه الأنظمة من شعاراتهم التي تغنوا بها منذ عقود باسم فلسطين والقدس وغزة والعروبة والإسلام ؟ وكيف ستبرر هذه الأنظمة للأجيال الفلسطينية اتخاذ مواقفهم المتفرجة على تلك الجرائم البشعة التي يتعرض لها شعبنا في فلسطين عامة , وفي قطاع غزة المُحاصَر خاصة ؟ أين هذه الأنظمة من حصار وتجويع وقتل أطفالنا ونسائنا وشبابنا وشيوخنا ؟
إن سياسة القوة وتضيق الحصار والخناق على غزة لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تُرغِم شعبنا على الركوع أو الرحيل عن أرضه وأرض آبائه وأجداده , فهذه السياسة الإجرامية الغير مجدية سيكون مصيرها الفشل , بل ستزيد شعبنا إصراراً على مواصلة مسيراته الجهادية حتى تحقيق مطالبه العادلة , واسترجاع وطنه وتحقيق كافة أهدافه في الحرية والاستقلال .
كما أن هذه السياسة الغير إنسانية لم ولن تجعل شعبنا يركع أو يرفع الراية البيضاء كما يعتقد الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية والمتعاونين المنبطحين المنهزمين , بل ستزيد من إصرار شعبنا الفلسطيني على التشبث بأرضه مهما بلغت شدة حدة الانتهاكات التي ترقى في العديد منها إلى مستوى جرائم الحرب , والتي يُحاسِب ويُحاكِم عليها القانون الدولي ومحكمة الجنايات الدولية .
إن المؤامرات والمخططات وإنذارات التهديد والوعيد التي تستهدف غزة وأهلها كبيرة ومتواصلة , ولكن بإرادة شعبنا الذي لا يلين ولا يستكين سيتم إلحاق الهزيمة بهذه المخططات والتهديدات والمؤامرات التصفوية السابقة كما أفشلها شعبنا في السابق بفعل إرادته وصبره وعزيمته .
بقي لي القول أن غزة جرح مفتوح , فعلى السلطة الوطنية أن تترابط وتتعاضد مع كل الأطياف والأحزاب الفلسطينية , وتوحد الصف الفلسطيني لتنهي الانقسام الأسود الذي أضر بقضية شعبنا , وتستعيد عملية المصالحة الحقيقية بمشاركة الكل الفلسطيني, ومن ثم ترفع العقوبات وتشكل حكومة وحدة وطنية , فمن هنا سنكون أمام أكبر ضربة لصفقة القرن والمشروع الصهيوني , الأمر الذي يجعلنا نشق طريقنا نحو الانتصارات وتحقيق آمال وأهداف شعبنا في العودة وتحقيق المصير وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .