تتجه الأنظار إلى حدود قطاع غزة في أعقاب قرار حركة حماس رفض استقبال المنحة المالية القطرية، واستمرار إغلاق معبر رفح، في انتكاسة واضحة لتفاهمات الهدوء التي بدأت في نوفمبر الماضي، ما يفتح الباب أمام التساؤل عن سيناريوهات المرحلة المقبلة في ضوء المستجدات الأخيرة.
ويحظى سيناريو التصعيد بالحظ الأوفر من التوقعات السائدة لدى الطرفين الفلسطيني و(الإسرائيلي) على حد سواء، في ظل تعقد المشهد السياسي مجددا، بسبب تراجع الاحتلال عن تطبيق التفاهمات التي جرى التواصل إليه برعاية مصرية وقطرية وأممية.
ويتراوح سيناريو التصعيد بين الاتجاه لتفعيل أدوات مسيرات العودة التي أدت إلى الضغط على الاحتلال للقبول بالتفاهمات، كالبلالين الحارقة، والإرباك الليلي، والمسير البحري، وغيرها، وبين التصعيد العسكري.
وثمة من يرى أن فرصة عودة الهدوء ما زالت قائمة في ظل الجهود التي يبذلها الوسطاء في الأونة الأخيرة، إلا أن ذلك مرتبط بشكل وثيق بسلوك الاحتلال، ومدى التزامه بتفاهمات الهدوء خلال المرحلة المقبلة.
وفي الموقف الإسرائيلي وتوقعاته للمشهد، قالت صحيفة "معاريف" العبرية إن الهدوء مع قطاع غزة هش وستتواصل محاولة تسخين الأوضاع، مضيفةً أن الدولارات القطرية هي من تؤخر اندلاع مواجهة جديدة، وأن تحويل الأموال القطرية إلى غزة ليس حلاً بل مجرد شراء للوقت.
وأشارت إلى أن قيادة فرقة غزة نوهت إلى خطر القناصة الذين يطلقون النار على قوات الجيش الإسرائيلي عند الحدود، وبناءً على ذلك ألغيت جميع الزيارات خاصة للنصب التذكاري شرق غزة الذي استهدفت بالقرب منه حافلة الجنود بصاروخ كورنيت في جولة التصعيد الماضية.
ونوهت الصحيفة إلى أن الأسبوع بدأ بحالة تأهب كبيرة لدى الجيش من فرص تصعيد لكنها أقل مما كانت عليه الأسبوع الماضي، لكنها أكدت الهدوء هش وقد تنقلب الأمور بسرعة كبيرة.
وتتركز سيناريوهات الوضع في غزة في أربعة مشاهد هي كالتالي:
1. التصعيد العسكري من خلال مواجهة عسكرية قصيرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال (الإسرائيلي) في ظل حالة انسداد الأفق، وتشديد الاحتلال للحصار من خلال التضييق على حركة المنحة القطرية المالية، والانتهاكات المتواصلة بحق المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وهنا نستدعي تهديد المقاومة للاحتلال في حال تغوله على المتظاهرين سيكون لها كلمة واضحة، ورد مباشر.
وبرغم ان الاحتلال الإسرائيلي سيحاول الهرب من التصعيد في ظل قدوم الانتخابات الإسرائيلية الداخلية في ابريل المقبل، وعدم رغبة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في عودة مشاهد القصف الصاروخي للمدن المحيطة بقطاع غزة، إلا أنها ستكون مواجهة حتمية إن استمر الحال على ما هو عليه.
2. التصعيد السلمي عبر مسيرات العودة من خلال تفعيل أدوات المسيرة التي تم تجميدها بسبب تفاهمات الهدوء في نوفمبر الماضي، بما يعيد الاحتلال لمربع الضغط الميداني، ويجبرها للالتزام مجددا بكل بنود تفاهمات الهدوء.
3. بقاء حالة الهدوء بفضل تدخل الوسطاء، وهذا ما بان مؤخرا من خلال تراجع السفير محمد العمادي عن قرار تحويل المنحة القطرية لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين لإقامة مشاريع تشغيل مؤقت، بالعودة إلى صرف مساعدات نقدية ل 94 ألف عائلة في قطاع غزة بقيمة 100$ شهريا لمدة أربعة شهور، وهذا ما يشكل خط رجعة من قبل الوسيط القطري بهدف إبقاء خط علاقته مع حركة حماس جيدا بما يسمح العودة لاتفاق الهدوء من خلاله.
ويتزامن الموقف القطري، مع تسريبات تتحدث عن نية مصر إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين خلال الأسبوع الحالي، كتمهيد لزيارة من المقرر أن يجريها وفد أمني مصري لقطاع غزة و(تل أبيب) خلال الأيام المقبلة، بالإضافة إلى التواصل الأممي من خلال مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف.
4. الانزلاق إلى مواجهة عسكرية شاملة خلال الأسابيع المقبلة في ظل حالة التسخين القائمة على الحدود، خصوصا في ظل بقاء الوضع الإنساني في قطاع غزة على حاله، وعدم تجاوب الاحتلال مع الوساطات، أو الضغط الميداني على الحدود من خلال مسيرات العودة.
وهذا ما أشار إليه المحلل العسكري الإسرائيلي أمير رابابورت في صحيفة "ميكور ريشون" العبرية، أنه على الرغم من أن أحداث الأسبوع الماضي تبدو وكأنها "روتينية"، إلا أنها تقرب الجيش الإسرائيلي من المواجهة الكبرى التالية التي من المرجح أن تحدث خلال فترة ولاية كوخافي.
وحسب رابابورت، الوضع لايزال متوتراً للغاية، والتفجر الحقيقي للأوضاع كان مرتبطاً بقرار نتنياهو بمنع نقل حقائب الأموال القطرية إلى قطاع غزة بعد الأحداث عند الحدود، وضمن هذا القرار أن تكون جولة التصعيد الحالية ضد قطاع غزة في البداية فقط، وربما تزداد.
وترجح الكفة بين السيناريوهات إلى التصعيد السلمي من خلال مسيرات العودة، او اتجاه الأوضاع بشكل تدريجي إلى مواجهة عسكرية قصيرة، مع التقليل من إمكانية الوصول إلى مرحلة المواجهة العسكرية الشاملة، أو نجاح محاولات إبقاء تفاهمات الهدوء بدون وجود ضغط حقيقي على قيادة الاحتلال في المرحلة الحالية من خلال مسيرات العودة.