كشفت الحسابات النهائية لموازنة 2018 للسلطة الفلسطينية عن كم كبير من الإهدار المالي في مصروفات مكتب رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزرائه، والنفقات التشغيلية لوزارات الضفة ممثلة بالسفريات والتنقلات، إضافة لسلك وزارة الخارجية.
وبحسب الاحصائيات فإنها تظهر أن عباس أمضى أكثر من ثلث العام الماضي خارج الأراضي الفلسطينية، في ظل الإخفاق الكبير في الأداء السياسي للسلطة مقارنة بما فتحه الاحتلال من حدائق جديدة بالعلاقات الخارجية مع المحيط العربي والافريقي والدولي.
وتظهر الاحصائيات المنشورة في موقع وزارة المالية برام الله، أن موازنة العام الماضي كانت 13.5 مليار شيكل، بينما كانت النفقات 16 مليار شيكل، بمؤشر عجز 2.5 مليار شيكل.
وتبيّن الأرقام أنّ سفريات الرئيس بلغت 1.2 مليون شيكل شهريا، واستنزفت ما قيمته 2.1% من الموازنة العامة.
واستنزف مكتب الرئيس لوحده 252 مليون شيكل سنويًا، إضافة لـ135 مليون شيكل لمكتب المقاطعة، "وهي تشمل تحركات الرئيس وموظفيه".
واستحوذت وزارة الداخلية في رام الله على 3 مليارات شيكل من حصة الموازنة، فيما استحوذ المجلس الوطني 3 ملايين شيكل، أما مجلس الوزراء فاستنزف ما قيمته 29 مليون شيكل.
والأكثر خطورة تمثل في استحواذ التشريعي برام الله على 57 مليون شيكل رغم اغلاقه عمليا هناك وفصل مئات النواب باستثناء من يتبعون لعباس وعدد قليل من النواب على قوائم أخرى، اما وزارة لخارجية وتحديدا السلك الدبلوماسي فقد استحوذ على 69 مليون شيكل.
الخبير المالي أسامة نوفل، علّق على هذه البيانات الخطيرة بأن ما يستنزفه مكتب الرئيس تعد مبالغ مالية ضخمة وهي تستنزف 2.1% من حجم الموازنة الكلية للسلطة، فيما أن احتساب المجلس الوطني ضمن موازنات الوزارة، "هو تذويب للمنظمة ضمن مؤسسات السلطة، خلافًا لما تروجه السلطة بان المنظمة ستكون حاضنة لمؤسساتها بعد حل التشريعي".
وأشار نوفل إلى أن ما تستنزفه وزارة الداخلية في ضوء عملية الحد الكبير على أدائها وقدراتها هو أكبر بكثير مما يوضع لوزارتي الصحة والتعليم في رام الله، أما التشريعي فأشار إلى أن هناك مبالغ مالية ضخمة يستنزفها رغم أنه شبه مغلق وهو يحتاج إلى تحقيق.
وقال نوفل لـ"الرسالة نت": "عند دراسة وتحليل بيانات الموازنة العامة وما تحقق منها، نجد أن جزءًا كبيرا من أموال الشعب تذهب هباءً منثورا، فالحديث عن أرقام خيالية من نفقات الرئيس بمعنى أن ثلث عام 2018 قضاه الرئيس خارج الوطن دون تحقق تقدم أو تحسن في أي من المجالات أو المستوى السياسي".
وذكر نوفل أن "حجم النفقات الكبير للتشريعي وهو معروف أن السلطة غيبته عن العمل، وأن ما تدفعه فقط لأعضاء التشريعي المناصرين لعباس، وهي إشكالية كبيرة وتضع علامات استفهام حول حقيقة الأرقام المذكورة".
وفي المجال الدبلوماسي، أوضح نوفل "أن ما استنزفه من موازنات في ضوء الإخفاق الكبير لأدائه إذ تحولت السفارات في أغلبها لمكاتب بزنس خاصة بالأعمال، ولا تقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين، وكثير من التعيينات التي جرت للوظائف الدبلوماسية تقتصر على فئات لأبناء قيادات السلطة دون أن يحق لأي لاجئ أو أي شخص من خارج هذه المنظومة الترشح لها".
وأكدّ أن حجم الانفاق على سفارات الخارج كبير جدا، في الوقت الذي ترفض فيه وزارة المالية الإفصاح عن حجم انفاقها في غزة، ما يعكس حالة من النهب والسرقة للمقدرات، وهي عمليا تهمل الانفاق على 40% من الوطن.
وأرجع نوفل أن عدم الإفصاح عن هذه المعلومات تشير إلى وجود سرقات، مؤكدا أن ما نشر في وزارة المالية من معطيات مالية عن الموازنة يدين السلطة، ولا تؤسس لاقتصاد فلسطيني قوي.
وذكر أن ما صرفته السلطة من 16 مليار على الضفة فقط، فيما أن نسبة الفقر في غزة تزيد عن 53%، وتجاوزت نسبة الفقر العام 80%، وزادت البطالة عن 54% وارتفع مؤشر انعدام الامن الغذائي عن 69%.
وبين الخبير المالي أن ما ينفق على القطاعات التنموية لا يتعدى 2%، وهو مؤشر خطر جدًا، "فبدلا من توجيه جزء الاقتصاد بتنمية البلد يذهب إلى نفقات تشغيلية وسفريات ونثريات ورواتب".
وعن مديونية السلطة، أشار نوفل إلى أنها تتمثل في جانبين داخلي وخارجي، فالديون الداخلية تتمثل في اقتراض من البنوك التجارية وحقوق رجال الاعمال من السلطة فيما تسمى برديات الضريبة، إضافة لمديونيتها من صندوق التأمين والمعاشات إذ وصل قيمة ما سحبته منه مليار و600 مليون شيكل، إضافة لـ أخرى6 مليارات ديون خارجية.
وختم قوله بأن قيمة الديون للسلطة وصلت لحد 11 مليار شيكل، وهي مرتفعة جدا في ظل حجم اقتصادي قصير، "وتشير إلى تهافت السلطة لزيادة المديونية وهي من سلبيات الأداء المالي لها".