بعد عام من المناشدات التي أطلقتها وكالة الغوث "الاونروا" لحل أزمتها المالية للعام الماضي، والتي قلصت بموجبها العديد من خدماتها في مناطق عملها الخمس، عادت مجددًا لتدق ناقوس الخطر إزاء حالة العجز الكبير في موازنتها لهذا العام.
وبلغ العجز لدى "الاونروا" العام المنصرم 460 مليون دولار نجحت في توفيرها عبر اكثر من مؤتمر عقدته، فيما تواصل واشنطن تجميد حصتها من موازنة الوكالة الدولية البالغة 460 مليون دولار سنويا.
وتعنى "الاونروا" بتقديم المساعدات الطارئة للاجئين في سوريا والأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع والقدس يضاف لهم خمسين ألف لاجئ فلسطيني من سوريا كانوا قد نزحوا إلى لبنان والأردن.
وشرعت الاونروا في حزيران من العام الحالي باتخاذ إجراءات تقشفية عديدة من قبيل تخفيض عدد أفراد الأسر المستفيدة من الخدمات الاغاثية او وقف التعيينات في برامج التعليم والصحة وإنهاء عقود عمل العشرات من العاملين في برنامج الطوارئ ووقف دفع بدل الإيجار لـ 1612 عائلة هُدمت منازلها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 من ضمنها 172 عائلة فلسطينية لاجئة نزحت من سوريا الى قطاع غزة.
وطبقا للمتحدث باسم "الاونروا" سامي مشعشع، فإنها تحتاج إلى "1.2 مليار دولار" لإدارة عملياتها العادية والطارئة للعام 2019 موزعة على النحو التالي:
-750 مليون دولار لمواصلة خدماتها الرئيسة التي تشمل التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية.
-138 مليون دولار، من أجل تقديم المساعدة الإنسانية الطارئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (غزة والضفة الغربية بما في ذلك شرق القدس).
-277 مليون دولار لدعم نداء الطوارئ للأزمة الإقليمية السورية (في سوريا ومن أجل اللاجئين المهجرين من سوريا إلى لبنان والأردن).
-لتمويل إضافي من أجل المشاريع ذات الأولوية، وتحديدا الحاجة لمشاريع الإنشاء التي نتجت جراء النزاع خصوصاً في مخيم نهر البارد في لبنان وغزة.
وأشار إلى أن العجز المالي المتوقع مع بداية العام الحالي هو 211 مليون دولار.
مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" في لبنان علي هويدي، أكدّ بدوره، أن حديث مفوضية الاونروا عن عجز مالي مرتقب لميزانية العام 2019، تستوجب تحركًا مبكرًا لتجاوزها، مبينا أنه يفترض بالدول المانحة التي ساهمت في تغطية العجز وضع خطة مستقبلية لحله.
وأشار هويدي إلى ضرورة البحث عن بدائل مالية ثابتة للأونروا، "فالأزمة يجب ان تشكل درسًا للضغط على الأمم المتحدة والجمعية العامة لتعديل قانون عمل الاونروا وفق القرار 302 الصادر عن الأمم المتحدة عام 49 والمتعلق بتشكيلها، "فيجب تعديل القرار بما يضمن الحصول على موازنة ثابتة من الأمم المتحدة والا تكون عرضة للابتزاز السياسي".
ولفت إلى أن انتهاء العجز في الميزانية الحالية لهذا العام لا ينهي الخطورة السياسية المتعلقة بعمل الاونروا، "في ضوء الرؤية الامريكية الإسرائيلية التي تهدف لإلغاء الاونروا، كمقدمة لشطب قضيتي اللجوء والعودة".
وفي ضوء ذلك، أعلن هويدي عن مجموعة من المخاوف المتعلقة بمصير الاونروا، في ضوء الاستمرار بمنهجية اضعافها، منبهًا إلى الفقرة الثانية من قرار انشاء المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لعام 1950، والتي تنص على انه في حال عجزت الوكالة عن تقديم خدماتها الإنسانية وعجزت عن توفير الحماية فإن مسؤولياتها تنتقل تلقائيا للمفوضية العليا لدائرة شؤون اللاجئين.
وذكر أن الاونروا أنشأت خصيصا للاجئين الفلسطينيين وهي تعبر عن المسؤولية السياسية للأمم المتحدة تجاههم، فيما أنشأت المفوضية العليا للاجئين للعناية بلاجئي العالم وتعبر عن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية فقط تجاههم.
ولفت الى خطورة هذه الخطوة في نزع صفة اللجوء عن 2.5 لاجئ فلسطين مسجلين في الأردن، "إذ ان سياسة مفوضية اللاجئين تعني توقف خدماتها لكل لاجئ حصل على جنسية الدول التي حصل عليها".
ونبه إلى أن إصرار الاتحاد الأوروبي ودول مانحة على بقاء دور الاونروا، لا ينفي الخطر الموجود على عملها في ضوء استمرار واشنطن بعضوية اللجنة الاستشارية واستمرار تأثيرها على المانحين.
وأشار إلى أن الهيئة تتطلع لدور فاعل لقطر، على اعتبار موقعها كنائب لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، "وهي تلعب دورا مهما في جدول الاعمال للجمعية".
وأكدّ ضرورة العمل على استصدار مشروع مسودة لقرار يعتمد تقديمه من دولة موثوقة يلبي ضرورة توفير ميزانية ثابتة من الأمم المتحدة للأونروا، لافتًا إلى أنه جرى تقديم هذا المشروع في شهر أغسطس من العام الماضي؛ "لكن مندوب الاحتلال الذي مثل موقع نائب رئيس الجمعية العامة آنذاك عطل المشروع ومنع ادراجه ضمن جدول الاعمال".
ونوه إلى أن الاكوادور التي تترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تمثل فرصة كونها متعاطفة مع حقوق شعبنا، مبينًا أن هناك تحركا لتوجيه رسائل لعديد الأطراف بغية دفعها لتبني هذا المشروع.