تسود الحلبة السياسية في إسرائيل حالة ترقب شديدة في ظل ما تبدو فرصة حقيقية أولى لتشكيل بديل لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، الذي يترأس حكومتها منذ عشر سنوات على التوالي ضمن ولاية رابعة منذ رئاسته الأولى في 1996.
وتأتي هذه الفرصة نتيجة سطوع نجم جديد ممثل بالجنرال بيني غانتس قائد جيش الاحتلال الأسبق الذي أسس حزب « مناعة لإسرائيل « بمشاركة زميله وزير الأمن الأسبق الجنرال موشيه يعلون، وهو حزب تمنحه استطلاعات الرأي 20 مقعدا وأكثر، وتجري مشاورات لتوحيده مع أحزاب صهيونية أخرى بهدف إسقاط نتنياهو.
وحسب التسريبات تتسارع الاتصالات والمشاورات بين غانتس وبين رئيس حزب «هناك مستقبل» النائب يائير لبيد الذي يأتي بالدرجة الثانية من ناحية قوته بعد «مناعة لإسرائيل» وفق الاستطلاعات، مما يعني كتلة «وسط – يسار « تحظى بـ 61 مقعدا مقابل معسكر اليمين والمستوطنين. وحسب صحيفة «هارتس» فإنه نتيجة لاستطلاعات الرأي ربما يتنازل لبيد الى غانتس عن المركز الأول لتشكيل قائمة موحدة مقابل الليكود».
الفلسطينيون مغيبون
وهذه الفرصة الجديدة تفسر زهد غانتس في التصريحات الصحافية بنصيحة مستشاريه، علاوة على تبني مواقف شعبوية وأحيانا متشددة لا تطرح حلا حقيقيا للصراع مع الشعب الفلسطيني المغيب حاليا من الدعاية الانتخابية، في محاولة للابتعاد عن صورة «اليساري «التي تحاول أحزب اليمين والوسط إلصاقها به للمساس به على خلفية تمدد حزبه على حسابها.
في المقابل يعمل نتنياهو للائتلاف مع حزب «الاتحاد الوطني» وحزب « قوة إسرائيل» للاستفادة من الأصوات المتفرقة وضمان أكبر عدد من المقاعد في الكنيست مقابل تحالف متوقع في « الوسط – اليسار».
وحسب تقرير القناة الإسرائيلية الثانية فإن نتنياهو طلب من النائب بتسلئيل سموتريتش رئيس حزب» البيت اليهودي»، التحالف مع حركة «قوة يهودية» اليمينية المتطرفة، بقيادة المستوطنين المتشددين ميخائيل بن آري وباروخ مارزل وإيتمار بن غفير، في حين يضغط رئيس حكومة الاحتلال أيضاعلى تحالف القائمتين الدينيتين، «شاس»، بقيادة وزير الداخلية، أرييه درعي، و»يهدوت هتوراه»، بقيادة نائب وزير الصحة، يعكوف ليتسمان.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو يركز في التحضيرات للانتخابات المقبلة على معسكر اليمين ككل، ولا تقتصر حساباته على قائمة الليكود، وذلك في محاولة لعدم «إهدار أصوات اليمين المهددة بعدم عبور نسبة الحسم»، مقابل وعود ائتلاف مستقبلية يقدمها لهم.
وقالت القناة الاسرائيلية إن نتنياهو تحدث أكثر من مرة لسموتريتش، في محاولة لإقناعه بالتقدم للانتخابات في قائمة مشتركة مع «قوة يهودية»، ومارس عليه ضغوطًا كبيرة للتحالف مع الحركة اليمينية المتطرفة التي يتزعمها إيتمار بن غفير. ولفتت القناة إلى أنه في حال رضوخ سموتريتش لرغبة نتنياهو، فإن كتلة اليمين ستحصل على مقعدين إضافيين في الكنيست المقبلة.
ويضغط نتنياهو على درعي للاتحاد مع كتلة «يهدوت هتوراه» في قائمة حريدية واحدة، وذلك في محاولة منه لتجنب ما وصفته القناة بـ»نصر باهظ الثمن»، يتكبد نتنياهو لتحقيقه تكاليف باهظة، وذلك إذا ما أفرزت نتائج الانتخابات عن فوز كبير لليكود، بعدد مرتفع من المقاعد البرلمانية، فيما يفشل بضمان «جسم مانع»، يحافظ من خلاله على الائتلاف الذي قد يشكله.
ائتلاف ضيق
وأوضحت القناة أن دوافع نتنياهو لاتباع هذه الإستراتيجية، هي الائتلاف الضيق الذي عانى منه خلال الفترة الأخيرة، ما أعطى فرصة لشركائه في الائتلاف للحصول على هامش واسع للمناورة والمساومة، في وضع شروطهم للاستمرار في الائتلاف أو الانسحاب منه، وهو ما برز بعد استقالة وزير الأمن السابق ورئيس «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، ما جعل من ائتلاف نتنياهو هشًا بواقع 61 عضو كنيست من أصل 120.
ولفت التقرير الى أنه رغم نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر حصول الليكود برئاسة نتنياهو على 30 مقعدًا في انتخابات برلمانية تجري اليوم، إلا أن كتلة معسكر اليمين البرلمانية، لا تزال تتراوح بين 61 و63 مقعدًا. ويسعى نتنياهو إلى إتمام هذه الخطوات. وتوجه مؤخرًا إلى مسؤولي الليكود وطلب منهم تخصيص ثلاثة مقاعد في الأماكن الـ21 و28 و36 من قائمة الليكود، ووضعها تحت تصرفه، وتذرع لإقناع المسؤولين في حزبه الحاكم بهذه الخطوة، بأنها «ضرورية لمواجهة مزيد من التحالفات في معسكر اليسار»، علمًا أن نتنياهو كان قد طلب في وقت سابق تخصيص مقعد واحد لتقديراته الشخصية، وهو المقعد 21 في قائمة الليكود. وقال نتنياهو لقياديين بارزين في الحزب «أنا مقتنع بأن هذا
(وضع 3 أماكن مضمونة في القائمة تحت تصرفه) ضروري لزيادة فرصنا في الفوز في الانتخابات»، فيما أشارت القناة إلى أن نتنياهو سيحصل على مقعد واحد إضافي إذا لم يكن هناك اتحاد في معسكر اليسار، «في هذا السيناريو سيحصل على مقعد آخر من أجل تصميم قائمة الحزب». ومن المتوقع أن يتم التصويت على طلب نتنياهو في اللجنة المركزية لليكود اليوم الثلاثاء.
يأتي ذلك فيما أكد وزير المالية ورئيس حزب «كولانو»، موشي كاحلون، أنه لن ينضم لقائمة الليكود حتى لو استمر في الحصول على نتائج سلبية في الاستطلاعات، في حين أشار مصدر في «شاس» إلى أن موقف الحزب والكتلة متوقف على إرادة المرجعيات الدينية «إذا أراد الحاخامات ذلك، فسيكون.
كما ان وزيرة القضاء اييلت شاكيد ( اليمين الجديد) سارعت لقطع الطريق على نتنياهو بالقول «لن ندخل في اتحاد مع الليكود حتى ولو دعانا الى ذلك»..
تراشق داخل الليكود
بالتزامن يشهد الحزب الحاكم الليكود تراشقا وحرب تصريحات بين نتنياهو ووزير الداخلية السابق جدعون ساعر، وجهوده لعدم تمكين ساعر من قيادة حزب الليكود للانتخابات المقبلة ضمن الانتخابات التمهيدية اليوم الثلاثاء لاختيار مرشحيه للكنيست. ويعمل مقربو نتنياهو على تلطيخ سمعة ساعر الذي يهدد زعامة نتنياهو من خلال تسريبات حول اعتدائه جنسيا على سيدة قبل سنوات.
وردا على حملة نتنياهو ومحاولاته السرية والعلنية لمنع انتخابه في الانتخابات التمهيدية قال ساعر أمس إنه لن ينجر الى حرب داخلية في الحزب وسيتصرف كمسؤول كبير. كما أن هناك وزراء وأعضاء كنيست في الليكود « يصارعون من أجل البقاء في الانتخابات التمهيدية داخله اليوم ومنهم وزير الاتصالات أيوب القرا الذي يسعى نتنياهو للتخلص منه و»إعدامه» سياسيا رغم أن القرا كان من أشد أنصاره. وطبقا لتسريبات كثيرة فإن نتنياهو يرغب بالتخلص من القرا ابن الطائفة العربية – الدرزية بعدما وصله تسجيل سري يهاجم فيه القرا نتنياهو وزوجته سارة. كما أن هناك ترجيحات أن نتنياهو غير معني بالقرا بسبب أكاذيبه وتصريحاته غريبة الأطوار التي طالما كانت محط سخرية في وسائل الإعلام.