تجولت الجمعة الماضية رائحة الشواء المصحوبة بالدخان الأبيض بين منازل آلاف المواطنين في قطاع غزة، الذين استقبلوا خبر عودة استيراد "جناحين" الدواجن المجمدة بالفرحة، إذ يعتبر سعرها المنخفض قبلة الأسر الفقيرة التي تفضل أكلها مشوية على الفحم، في ظل عجزهم عن شرائها طازجة التي يزيد سعرها ثلاثة أضعاف عن المجمدة.
وأحدثت عودة استيرادها حالة تنافسية بين محلات اللحوم في قطاع غزة، التي تسابقت لترويجها عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي، مظهرين جودتها وثمنها المنخفض الذي بلغ 10 شواكل لكل 3 كيلو جرام.
وسط الازدحام الذي أحدثه زبائن المحلات التجارية لشراء "الجناحين" المجمدة، مساء الخميس الماضي، قالت السيدة أم محمد 41 عاماً، لـ"الرسالة" أنها تنتهز فرصة شراء الاجنحة فور وصولها للمحال التجارية، وبالتحديد قبل خضوعها للتخزين داخل ثلاجات قطاع غزة التي يقلل انقطاع التيار الكهربائي من جودتها، عدا أن تاريخها لا يزال حديثاً.
أم محمد التي تعيل 6 أفراد تعتبر الجناحين من أفضل وجبات المشاوي التي تفضلها أسرتها، كون سعرها يتناسب مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها، ومذاقها مميز، وقالت " من يجيد تتبيلها بالطريقة الصحيحة لن يجد فرقا بمذاقها مقارنة بالطازج الذي يبلغ سعر الكيلو منه 10 شيكل".
ولم تقتصر فرحة استيرادها على الأسر الفقيرة فقط، إذ نجحت "الجناحين" بإعادة الحيوية لمحال اللحوم التي اجتاحها الكساد مؤخراً بسبب تدهور الظروف الاقتصادية في قطاع غزة، وبحسب التاجر قصي البزم، فإن الزبائن الذين قصدوا قسم المجمد داخل محله التجاري تضاعف لأكثر من خمسة أضعاف ومعظمهم جاءوا لشرائها خصيصاً.
وبين البزم "للرسالة"، أن "الجناحين" صديقة الفقراء والتجار سوياً، إذ يمثل استيرادها فرصة ذهبية لديهم، بسبب إنعاشها حركة المبيعات المتذبذبة، ورفع نسبة الربح التي تضاءلت كثيراً في الآونة الأخيرة جراء تشديد الحصار (الإسرائيلي) على قطاع غزة، وخفض نسبة الرواتب للموظفين، الأمر الذي قد ينقذ عشرات التجار المهددين بإغلاق محالهم جراء الكساد.
ويصف الشيف أحمد نصار، "جناحين" الدواجن بـ"ملكة الشواء" في قطاع غزة، إذ لا يقتصر شراؤها على العائلات الفقيرة فقط، وقال "إن الكثير من الشباب يوصوه على تتبيلها وتجهيزها للشواء، خلال رحلاتهم وجلساتهم الترفيهية"، ويكشف أنه خلال ساعات الخميس الماضي فقط، أنهي تتبيل أكثر من 250 كيلو جراما.
ويعطي نصار نصائح لمن يرغب بشوائها، بضرورة تركها "تسيح" في الهواء، دون وضعها في الماء الساخن حتى لا تتأثر جودتها، كما أن إضافة الثوم والفلفل الأخضر والبصل المبشور مع توابل الدجاج يمنحها نكهة مميزة، بعد تركها مع التوابل لقربة الـ 4 ساعات داخل الثلاجة.
ويشير الشيف إلى إمكانية قليها بالزيت النباتي، أو طهوها داخل الفرن مع البصل والبطاطا والخضروات، إلا أن الشواء يبقى أفضل الطرق وأحسنها مذاقاً.
وحلت "جناحين" الدواجن المجمدة ضيفاً ثقيلاً، على تجار اللحوم البيضاء الطازجة، إذ اضطروا سريعاً إلى تخفيض ثمنها، لتحسين مبيعاتهم التي عاشت نهاية أسبوع كاسد بامتياز بعد اقبال معظم الزبائن على المجمدات.
وبين علي أبو كرش بائع لحوم طازجة، "للرسالة"، أن سعر الدجاج الحي انخفض من 11 شيكل إلى 8 شواكل فقط، فور دخول "الجناحين" والظهور المجمدة إلى قطاع غزة، وتتابع انخفاض سعر جميع اللحوم البيضاء وقال إن "بعض التجار اضطر لبيع بضاعته برأس المال أو بخسارة قليلة كونها لا تحتمل التخزين طويلاً ولتفادي خسائر أكبر سببها الكساد".