من الواضح أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات يتخذ من التهديدات التي يطلقها تجاه فصائل المقاومة في قطاع غزة سمفونية؛ يستعرض بها عضلاته في ظل انطلاق بازار الحملات الانتخابية واتهامه بالعديد من قضايا الفساد.
وهدد نتنياهو قبل أيام فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بشن عملية عسكرية واسعة النطاق حال استمر التوتر على الحدود الشرقية للقطاع.
وقال نتنياهو خلال زيارته لغلاف غزة: "إذا لم يكن هناك هدوء على جهتنا من الحدود، فسنضرب بقوة منظمات الإرهاب في غزة"، على حد قوله، وأضاف نقلاً عن موقع "حدشوت 24" العبري: "لن نتردد في خوض مواجهة واسعة مع غزة حتى خلال الانتخابات البرلمانية القادمة".
وتسود حالة من التوتر بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية على الحدود الشرقية لقطاع غزة خاصة يوم الجمعة من كل أسبوع، أثناء مشاركة عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني سلميا في مسيرات العودة وكسر الحصار شرق حدود القطاع، ويتعرض المشاركون لقمع قوات العدو بإطلاق الرصاص المتفجر وقنابل الغاز السامة.
ويحاول نتنياهو جاهدا التظاهر بأنه الرجل القوي الصلب في مواجهة المقاومة من جهة، فيما يسعى للهروب من لوائح الاتهام التي يوجهها المستشار القانوني لحكومته أفيخاي مندلبليت والتي يتهمه بها في قضايا فساد.
وكان مندلبليت أكد قبل أيام قليلة أنه لا مانع في نشر قراره بشأن تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من عدمه في جميع الملفات العالقة ضده أو جزء منها حتى قبل الانتخابات.
ولا يجد نتنياهو مفرا من تلك التهم التي يحاول فيها استغلال الجيش واستعراض القوة ضد قطاع غزة، رغم حظر المستشار القانوني استخدام صور الجيش والجنود في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية؛ حتى لا يظهر الجيش كأنه يؤيد حزبا بعينه.
ويستبعد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة، أن يتجه نتنياهو إلى شن عملية عسكرية في قطاع غزة، معتبرا تلك التهديدات التي يطلقها بين حين وآخر تأتي في سياق الدعاية الانتخابية والصراع بين الأحزاب.
ويوضح جعارة في حديثه لـ"الرسالة" أن نتنياهو نفسه وافق على جميع اتفاقيات وقف اطلاق النار التي كان بعضها من جانب واحد مع القطاع، مشيرا إلى أنه لن يستطيع أن يكسب شيئا من القطاع لصالحه في الانتخابات كون أن 49% من الإسرائيليين يعتقدون أن المقاومة انتصرت في جولة التصعيد الأخيرة مع غزة.
ويلفت إلى أن المستشار القانوني لحكومة الاحتلال يُصر على توجيه لائحة اتهام لنتنياهو قبل الانتخابيات، فيما فشل الأخير في منعه من ذلك، وهو ما يضعه في مأزق خاصة وأن 55% من الإسرائيليين يرفضون أن يكون رئيس الوزراء في منصبه وفي حقه لائحة اتهام.
ويتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. مأمون أبو عامر مع سابقه، مؤكدا أن الفلسطيني يدفع ثمن ما يحدث في العملية الانتخابية، وهناك شيك على بياض تعبئه دماء الفلسطينيين وممتلكاتهم في هذا المزاد الانتخابي.
ويضيف أبو عامر لـ"الرسالة" أن من يريد أن يرتفع في الحلبة السياسية الاسرائيلية لابد أن يظهر بأنه الأكثر صرامة وقوة في وجه الفلسطينيين، ونتنياهو يريد تأكيد قوته أمام الجمهور في مواجهة حماس إذا ما حدث خلل في الأمن او اضطراب.
ويشير إلى أن هذا الأمر بات نوعا من المناكفة السياسية داخل (إسرائيل) هدفها إثارة الأزمات والضغط على حماس، والاحتلال يستغل هذه الأشياء ويرفع وتيرة التهديدات ضد غزة.