"إنهم يثورون في دُرج الكومودينو".. قصص عن ثورة المصريين

ميدان التحرير الذي كان القلب النابض للثورة
ميدان التحرير الذي كان القلب النابض للثورة

الرسالة نت – وكالات

من خلال 28 قصة مسلسلة تُعيدنا الكاتبة المصرية، دعاء جمال البادي، إلى أجواء ثورة 25 يناير 2011، عبر المتتالية القصصية "إنهم يثورون في دُرج الكومودينو"، الصادرة مؤخرا عن دار تويا للنشر والتوزيع.

تدور الأحداث داخل شقة أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة خلال أحداث الثورة التي انتهت بتنحي الرئيس حسني مبارك بعد ثلاثة عقود في السلطة، حيث يلتقط خيط السرد، بشكل تغلب عليه السخرية، ثلاث شخصيات هم أبطال النص "الحاج صابر وزوجته صفية وابنهما أحمد" كل منهم يقدم رؤيته للفعل الثوري خلال تلك الفترة.

لا تعيش الأسرة أحداث الثورة بشكل صاخب بل تمر كل التبعات الثورية كخيط رفيع داخل شقة الحاج صابر، فربما يكون احتراق مقبض طاسة الست صفية في إحدى ليالي الثورة أهم من خطاب الرئيس مبارك الذي يعد فيه بالرحيل بعد إكمال فترته الرئاسية.

ونجد مثلا في قصة "ثورة القلقاس" استغلال الحاج صابر للثورة كي يثني زوجته عن طبخ القلقاس الذي لا يحبه، فيهددها بالنزول إلى الميدان والهتاف "الشعب يريد إسقاط القلقاس". وتبادل الزوجة هذا التهديد باللامبالاة بل وتطلب منه أخذ كيس القمامة معه عند نزوله للثورة.

الابن أحمد هو فقط من يذهب إلى ميدان التحرير الذي كان القلب النابض للثورة، لكنه أيضا لديه هواجس من الماضي ومآلاته في المستقبل، لذا نجده يختار المشاركة في الاعتصام عبر الجلوس على الرصيف ومراقبة الهتافات، هو مؤمن بالثورة ولديه حماسة شديدة تجاهها لكن لديه كثير من التساؤلات حول جدواها واحتمالات نجاحها.

الواقعية والرمزية

اختارت كاتبة النص المزج بين الواقعية والرمزية لسرد قصصها؛ فتُفتتح المتتالية بقصة "إنهم يثورون في درج الكومودينو" وهي المعبرة بشكل رمزي ساخر، عن حالة الملل الشديد التي أصابت المصريين بعد ثلاثين عاما من حكم الرئيس حسني مبارك.

ثم تأتي قصة "البعض لا يشد السيفون" لتقدم المؤلفة رؤيتها لحالة الغليان الشعبي التي أدت لاندلاع الثورة؛ فمثلا يقول الابن في حواره مع أبيه حول نظافة الشقة "البلد كلها صارت حمّام كبير يا بابا".

ومن الرمزية ينتقل النص إلى الواقعية الشديدة، فمثلا تقدم قصة "القلقاس يُعلن تنحيه" حوارا ربما عاشته كل البيوت المصرية خلال الثورة، يُبرز مسألة صراع الأجيال، الصراع بين جيل لا يحبذ الثورة وجيل يراها ضرورة حتمية للبقاء.

وتتوالى القصص بحيث ترتبط كل واحدة بحدث أو فكرة ما خلال الثورة مثل جمعة الغضب، وفتح السجون، موقعة الجمل، ظهور اللجان الشعبية في الشوارع، اتهام المتظاهرين بالعمالة، موقف المهمشين الذين لا تعنيهم الثورة أبدا، حتى تنتهي بقصة "نفخ البالونات" مع تنحي مبارك.

التأريخ للثورة

من جانبها قالت الكاتبة إن هدفها من كتابة هذا النص هو التأريخ لثورة يناير أو بالأحرى التوثيق لحالة المصريين وقتئذ.

وأوضحت أن الأعمال الأدبية وغير الأدبية التي تناولت الثورة شحيحة للغاية رغم مرور ثمانية أعوام على اندلاعها، مؤكدة أن ذلك دفعها بشكل قوي للكتابة.

وقالت إنها اختارت سرد أحداث الثورة ومشاعر المصريين تجاهها بعيدا عن أجواء ميدان التحرير الشهير، مضيفة أن "ملايين المصريين لم يشاركوا في ثورة يناير، كانوا يراقبون الموقف، دون تأييد أو رفض، وهؤلاء من كتبت عنهم أو جعلتهم يسردون رؤيتهم للثورة".

وعن اختيارها لأسلوب السخرية في الحكي، قالت إنها تعمدت ذلك أولا لأن أبطال النص يناسبهم هذا اللون، إلى جانب اقتناعها بأن السخرية تنتج أحيانا عن أكثر الأمور جدية وإيلاما.

المصدر: الجزيرة

 

البث المباشر