غابت عنا فضائية القدس وأنزلت عن الهواء في وقت نحن أحوج ما نكون إلى الإعلام المقاوم، الإعلام الذي يحمل هم القضية برمتها والقدس جوهرتها، تغيب الفضائية والقدس بحاجة إلى من يدافع عنها عبر الإعلام الحقيقي، القدس المدينة بحاجة إلى من يعمل على شرح جرائم الاحتلال الساعي الى تهويدها ويسابق الزمن في إتمام مشروعه التهويدي، القدس بحاجة إلى من يشرح ويبين ويوضح ما تعانيه وحجم الإجرام الصهيوني بحق الأحياء والأموات، وبوابة الدفاع هي الإعلام والذي بات ركنا أساسيا من أركان الدفاع عن المدينة إلى جانب الأركان الأخرى والتي لا غنى عنها عن الإعلام وأدواته الكاشفة الفاضحة للاحتلال وجرائمه.
نعم فقدنا عنصرا مهما من عناصر الدفاع عن القدس يحمل اسمها واسم فلسطين ويتبنى همومها ويعبر عن تطلعاتها ويدافع عن حرائرها عندما يعتدى عليهن ويتصدى بالصوت والصورة التي تتحدث عن نفسها ولا تحتاج لترجمان.
منذ عشر سنوات ويزيد وفضائية القدس تحاول أن تتصدر المشهد الفلسطيني وتنوع في الأداء بين السياسي والتاريخي والديني، وتبذل جهدا كبيرا عندما يتعرض قطاع غزة للعدوان الصهيوني. غامر العاملون فيها واقتحموا ميادين المواجهة غير مكترثين بالقصف، يحملون ارواحا على اكتافهم عبر كاميراتهم التي اقتحمت الميدان وتعرضوا للموت أكثر من مرة من أجل إظهار الحقيقة وتبيان الأجرام الصهيوني، وهو يقتل ويذبح الأطفال والنساء والشيوخ ويهدم البيوت ويدمر المنشئات ولا يترك شجرا أو حجرا وهم يسجلون لحظة بلحظة يواصلون العمل ليل نهار من أجل كشف الحقيقة لا طمعا براتب ولا حرصا عليه ولكن لأنهم أصحاب القضية، يحملونها يدافعون عنها ولديهم الاستعداد للاستشهاد في سبيلها.
غابت عنا القدس بفعل الاجرام والمؤامرة على القضية الفلسطينية ظانين أن بغيابها يمكن لهم ان يسيطروا على بث صورة كاذبة مشوهة مضللة، عملوا على محاربتها واعتقلوا العاملين فيها واغلقوا مكاتبها ورغم ذلك واصلت عملها رغم المحاولات بتجفيف المنابع المالية الداعمة للإعلام المقاوم ولكل إعلام يكشف جرائم الاحتلال، نعم نقر أنهم نجحوا في ذلك؛ ولكن مؤقتا لأن القدس ستعود مرة أخرى وستتجاوز الأزمة التي أدت إلى إغلاقها، ونحسب أن يكون هذا الإغلاق مؤقتا، وأن الخيرين المحبين للقدس لن يصمتوا وسيتحركون ليقدموا ما يعيد لها الحياة لأنها القدس الفضائية والقدس المدينة ولكونهم يحبون المقاومة وإعلام المقاومة، وهي المنبر الذي يحمل اسم اعز وأقدس مدينة وأطهر ارض تدافع عنها وتكشف إجرام الاحتلال.
جمعتنا بها صداقات وعلاقات وربطتنا بها مواقف وبالعاملين فيها الذين تحملوا من أجلها الكثير الكثير ويعز علينا فراقهم؛ ولكن لدينا أمل أن تعود بشكل أسرع مما يتوقع الكثيرون لتواصل مسيرتها ونهجها دفاعا عن القدس وفلسطين، لن نقول وداعا لفضائية القدس ولكن إلى لقاء قريب.