الحمد لله رب العالمين، ناصر المستضعفين، والصلاة والسلام على نبي الرحمة الصادق الأمين وبعد....
الكل يعلم أن 14فبراير/شباط يسمى عيد (الحب) ونجد اهتماما كبيرا من قبل الجميع اتجاه ذلك وقد أوضح ابن عثيمين "أنه لا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل، أو المشارب، أو الملابس، أو التهادي، أو غير ذلك، وعلى المسلم أن يكون عزيزاً بدينه وأن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق" (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين16/199).
وإن الملفتَ للنظر أن قليلاً من يعلم أن دول العالم يوم 15 فبراير/شباط من كل سنة تحيي (اليوم العالمي لحماية الأطفال من الإصابة بالأمراض السرطانية)، والجدير بالذكر أن الهدف الرئيسي لهذا اليوم العالمي هو رفع كفاءة أطباء الأطفال ومختلف المؤسسات الطبية والاجتماعية ونشر المعلومات اللازمة والضرورية بين الناس عن مختلف الأمراض السرطانية بهدف التوعية. وقد حدد رمز هذا اليوم بـ"شريط ذهبي".
فمن باب الإنسانية نجد أنه من أهم واجباتنا كمسلمين اتجاه أطفالنا في هذا اليوم العالمي لحماية الأطفال من الإصابة بالأمراض السرطانية هو العمل على حماية مستقبلهم وصحتهم وجعلها أولوياتنا الأولى، وهذا من باب أولى من الانشغال في أمور قد لا تهمنا كثيراً، فالأطفال أمانة في أعناقنا فهم الذين أوصانا الله تعالى بهم والحرص على رعايتهم، سواء كانوا من الأسوياء، المرضى، اليتامى، فرعايتهم جزء من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قبَّل النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحسنَ بنَ على رضي اللَّه عنهما، وَعِنْدَهُ الأَقْرعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْولَدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُمْ أَحدًا، فنَظَر إِلَيْهِ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقَالَ: مَن لا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ" (متفقٌ عَلَيهِ). وعن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: "قدِم ناسٌ مِن الأَعْرابِ عَلَى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: أَتُقبِّلونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قالوا: لَكِنَّا واللَّه مَا نُقَبِّلُ، فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّه نَزعَ مِنْ قُلُوبِكُم الرَّحمَةَ" (متفقٌ عَلَيْهِ). وعن جريرِ بنِ عبدِاللَّه قال: "قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: مَنْ لا يَرْحَم النَّاس لا يَرْحَمْهُ اللَّه" (متفقٌ عَلَيهِ).
وإن المتأمل في السيرة النبوية يجد أن التكريم النبوي للطفولة لم يسلك فقط سبيل الخطب والعظات والوصايا، وإنما نحا منحى واقعياً تم من خلاله تحديد الإطار الذي ينبغي أن يتحرك داخله المسلم في علاقته بهذه المرحلة العمرية الهامة، ولقد أخذت الطفولة حيزاً واسعاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلام، واعتنى علماء الأمة بهذا الجانب وقد بينوا الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدثت عن الطفولة والتربية وأهمية رعاية الأبناء، ولم يغفلوا عن الأحكام والآداب المتعلقة بالطفل في سائر مصنفاتهم الحديثة.
فهنا لابد من وعي المجتمع بأهمية إشباع الاحتياجات الدينية والنفسية وخاصةً العاطفية للأطفال المرضى بالسرطان على وجه الخصوص وجميع الأفراد على وجه العموم وذلك من خلال تحمل مسؤولياتهم والعمل على مساعدتهم في نيل حقوقهم والوقوفِ بجانبهم ومساندتهم ومؤازرتهم وقت المحنة مما يؤدي ذلك إلى شعورهم بالأمن النفسي والاجتماعي.