أثارت قضية التلاعب بمواصفات أحذية بطولة "طوكيو 3", ردود فعل واسعة في الوسط الرياضي, لا سيما أن المسابقة ستنطلق الجمعة على ملاعب قطاع غزة المختلفة.
ورغم حدوث مشكلة في بداية الأمر تتعلق بحصول بعض الأندية على أحذية وصفتها بـ"القديمة", إلا أن الشركة الموردة حرصت على إرضاء البعض بطريقتها الخاصة, باستبدال الأحذية بماركات أخرى.
موقع "الرسالة نت" نبش في خفايا هذه القضية, خاصة أنها أحدثت صدى كبيرا في الشارع الرياضي, وخرج بالكثير من الحقائق الصادمة.
اجتهاد الاتحاد
إبراهيم أبو سليم نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم, أكد أنهم اجتهدوا كثيرا للحصول على موافقة من الممول, لوجود أحذية في الحقائب الرياضية الموزعة على الأندية.
وقال أبو سليم لـ"الرسالة نت" إن الاتحاد الفلسطيني طرح مناقصة علنية لتوريد الأحذية الخاصة بالبطولة, قبل أن تقدم 3 شركات عروضها لهم.
وأضاف: "تم اختيار عينة الأحذية من الشركة الموردة في وجود لجنة من "UNDP", لذلك يجب عليها الالتزام بما اتفقنا عليه".
وأوضح أنهم تلقوا شكاوى عديدة في البداية بخصوص الأحذية, مبينا أن الاتحاد يعمل في صف الفرق ولن يدخر جهدا في سبيل دعمهم والعمل على حل هذه المشكلة.
غضب الأندية
وأمام اجتهاد الاتحاد في توفير الأحذية للاعبين المشاركين في بطولة "طوكيو 3", عبّرت العشرات من الأندية الغزية عن غضبها الشديد, عقب تسلمها الأحذية الخاصة بالبطولة, وهو ما دفعها لإعادتهم للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
عميد عوض رئيس نادي خدمات الشاطئ, أكد أنهم استلموا أحذية "مخيطة", لا تصلح للعب, مبينا أنهم أرجعوها للاتحاد على الفور.
وأوضح عوض لـ" الرسالة نت" أن ناديه لن يرضى بهذا الأمر, مطالبا الشركة الموردة بالالتزام بما عرضته في المناقصة.
ولم يكن عوض هو الوحيد الذي تحدث في هذه القضية, إذ أشار سامي حسونة المشرف الرياضي بنادي التفاح, إلى رفض فريقه استلام الأحذية لحين حل الإشكالية التي رافقت التوزيع, في ظل عدم التزام الشركة بما تم الاتفاق عليه.
واستغرب حسونة تنصل الاتحاد من واجباته, إذ تعوّد دوما على هذه المشكلة عند التوزيع في مرات سابقة, خاصة أن الاتحاد يبتعد عن القصة ويجعل الأندية في مواجهة مباشرة مع الشركة.
مخالفة حقيقية.. من المسؤول؟
ولعل ما يثير الغرابة أن هناك مخالفة حقيقية تم السكوت عليها في بداية توزيع الأحذية, لولا أن الأندية أعلنت رفضها الاستلام.
ففي المؤتمر الصحافي للإعلان عن توزيع المستلزمات الرياضية المتعلقة بالبطولة, تم عرض الحذاء الخاص بـ"المسابقة", وهو من ماركة "ديادورا ذات العلامة الصفراء فقط".
ولكن الشركة الموردة وزّعت على الأندية التي ذهبت لإرجاعها, أحذية من ماركة "دياردوا ذات العلامة البيضاء", وهذا بحد ذاته مخالفة كبرى, ما يفتح تساؤلا واضحا مفاده: من المسؤول عن ذلك وأيضا الرقابة المتعلقة بالتسليم؟.
مبلغ مالي كبير
كاتب التقرير تواصل مع العديد من الجهات الرسمية في "UNDP", لمعرفة المبلغ المالي المتعلق بالعطاء.
وبحسب المعلومات الدقيقة التي وصلت لـ"الرسالة نت" فإن قيمة العطاء بلغت حوالي 23520 دولارا, بسعر "24 دولارا" لزوج الأحذية, التي هي من المفترض أن تكون بماركة "ديادورا ذات العلامة الصفراء".
أما التي وزّعتها الشركة الموردة من ماركة "ديادورا ذات العلامة البيضاء", فيتراوح ثمنها بين 14-16 دولارا فقط للنمر من 40-43 فقط, أم النمر الأعلى 44 فما فوق فهي تكاد تبلغ 8 دولارات فقط, وفقا للتقديرات.
وهذا يعني أن هناك تجاوز حقيقي ومخالفة غير شرعية في المبلغ المفترض دفعه بقيمة 8-10 دولارات زيادة في زوج الأحذية من طرف الشركة الموردة, وعند حساب المبلغ الإجمالي يظهر لنا هناك حوالي 7840-9800 دولار ذهبت في الهواء لمصلحة الشركة, بخلاف الربح الفعلي.
شركة ليست لها علاقة بالرياضة
كذلك توصل كاتب التقرير إلى أن شركتين فقط هما اللتين تقدمتا لعطاء مناقصة الأحذية في بداية الأمر, إذ يجب أن يكون هناك ثلاث شركات على الأقل حتى تكون المناقصة رسمية.
وعلى إثر ذلك اضطرت إحدى الشركات لتقديم عطاء آخر باسم شركة أخرى ليست لها علاقة بالرياضة, في المناقصة, حتى يصبح الأمر رسميا، وذلك طبقا لما علمته "الرسالة نت".
العينة خارج مقر الاتحاد
كما أن من باب الغرابة, أن العينة التي كان من المفترض أن تبقى في حوزة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم, كما جرت في البطولات السابقة, لم تكن موجودة عند حضور كاتب التقرير لمقر الاتحاد في غرب غزة.
واضطر معدّ التقرير للانتظار حوالي ساعة لرؤية العينة التي عرضها الاتحاد في المؤتمر الصحافي الخاص بالبطولة, لا سيما أن الشركة الموردة أخذتها معها بعد نهاية الاجتماع الذي جرى صباح الخميس في مقر الاتحاد.
تضارب في المعلومات
وعند مواجهته بالحقائق, أكد عبد الرحمن ساق الله صاحب الشركة الموردة للأحذية الخاصة بالبطولة, أن ماركة "ديادورا صاحب العلامة الصفراء" هي خاصة بنمر 36-40, أما ماركة "ديادورا صاحب العلامة البيضاء" فهي خاصة بنمر 41 فما فوق.
وقال ساق الله لـ"الرسالة نت" إن أحذية "ديادورا ذات العلامة الصفراء" لا يوجد منها نمر كبيرة, مبينا أنه وزّع الأحذية على الأندية كما هو متفق وبحسب المناقصة, والكل كان سعيدا بحسب وصفه.
ولكن العطاء الذي قدّمه صاحب الشركة الموردة المتعلقة بماركة "ديادورا ذات العلامة الصفراء", هو الذي تم إرساء المناقصة عليه فقط كما ظهر في المؤتمر الصحافي الخاص بالبطولة, الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هناك تلاعب في نوعية الأحذية وجودتها, خاصة أن المعلومات التي تحدث بها بخصوص عدم وجود نمر كبيرة لـ"ديادورا ذات علامة صفراء" غير دقيقة, كما أكدته أكثر من شركة تبيع المستلزمات الرياضية.
وأوضحت الشركات أن حذاء "ديادورا ذات العلامة الصفراء" هو ذات ماركة جيدة, لكنه قديم, وانتهى تصنيعه منذ أكثر من 5 سنوات, مستغربة في الوقت نفسه كيف للشركة الموردة أن تضع هذه الماركة في المناقصة.
وأمام كل تلك الحقائق يبقى السؤال مفتوحا على مصراعيه: كيف وافق الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على عطاء لا يملك صاحبه الكمية المطلوبة لتوريده؟ ومن هو المستفيد من هذا الأمر؟.