تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين من أقدم وأكبر قضايا العالم، لذلك لا يكتمل أي حديث عن معاناة الفلسطيني إلا وتكون معاناة اللاجئين حاضرة، المعاناة التي يعيشها هؤلاء الملايين يومياً في انتظار تحقيق حلمهم وحقهم في العودة إلى أرضهم.
وأمام هذه الأوضاع زاد الوضع في سوريا من تعقيد الأوضاع بالنسبة للفلسطيني اللذين اضطروا للهجرة مرتين، في ظل قرارات مجحفة من وكالة الأونروا وتقليص لمساعداتها بذريعة الأزمة المالية لتنفيذ المخططات الصهيونية الأمريكية وفرض واقعاً جديداً على مخيمات اللجوء الفلسطينية.
"الرسالة نت" حاورت مسؤول قسم الدراسات في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، إبراهيم العلي للحديث عن أوضاع اللاجئين في سوريا ومعانتهم في دول الجوار والحديث الجاري عن إعادتهم لمخيم اليرموك.
وبدوره قال العلي إن دعوات مسؤولين في النظام السوري لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك لم تطبق بشكل صريح وعملي إنما هي لم تخرج عن كونها دعوات تحتاج للإرادة لتحقيقها وتطبيقها.
وأضاف:" أن أهالي اليرموك الذين بلغ تعدادهم قبل اندلاع الثورة حوالي ٢٢٠ ألف لاجئ، يعانون من تدمير كلي للمخيم بنسبة 40%، و20% مدمر بشكل جزئي، و٢٠% صالح للسكن.
ونبه إلى أن عودة اللاجئين تتطلب أولاً إعادة البنية التحتية للمخيم لأنها مدمرة بشكل كامل، فلا يوجد صرف صحي، ولا اتصالات، أو كهرباء، وماء، بالتالي أي دعوات يجب أن يسبقها حراك على الأرض ليستطيع الناس الدخول للمخيم.
وبحسب إحصائية صادرة عن وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قبل الثورة أكثر من ٦٠٠ ألف نظراً لوجود بعض الشرائح غير مسجلة في الأونروا لعدم وجود أوراق ثبوتية، بينما تقلص العدد خلال الأزمة السورية بسبب حالات من التهجير الداخلي والخارجي، فهناك أكثر من ٢٨٠ ألف لاجئ فلسطيني سوري خارج سوريا، وأكثر من ١٠٠ ألف وصلوا إلى الدول الاوروبية، وحوالي ٣١ ألف في لبنان، و١٨ ألف في الأردن، وحوالي ٥٠٠٠ في مصر، وبالإضافة إلى حوالي ٦_٨ آلاف في تركيا.
وذكر العلي أن هناك ضحايا من اللاجئين الفلسطينيين الذين سقطوا في الحرب السورية منذ عام ٢٠١١ تجاوز عددهم ٣٩٠٠ ضحية فلسطينية، وحوالي ١٧٢٠ معتقلا داخل سوريا، وأكثر من ٣٠٠٠ مفقود.
وأفاد أن الفلسطينيين السوريين يعاملون معاملة السائحين لا اللاجئين، فلو أراد اللاجئ الدخول إلى لبنان عليه دفع ثمن تأشيرة دخول بحدود ١٧ دولارا أمريكيا لكل فرد من العائلة، ومطالب بتجديد الإقامة إذا خرج من لبنان او عند انتهائها.
وبين أن لبنان اليوم تمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين إليها إلا في حدود ضيقة جداً وبالتالي غالبية اللاجئين مخالفين للأنظمة والقوانين، مشيرا إلى أن عدم وجود إقامات بحوزتهم يحد من حرية الحركة وفرص العمل والتسجيل في المدارس والجامعات.
وقال العلي إنه غير مسموح للاجئ الفلسطيني السوري المقيم في لبنان العمل بها وهو مجرد من حقوقه الاقتصادية كالتملك والعمل، وفي الآونة للأخيرة شهدت سوريا تطبيقا لقرار صادر عن الداخلية اللبنانية بإغلاق المحلات والمتاجر التي يعمل فيها السوريون أو من في حكمهم من الفلسطينيين السوريين
وبين العلي أن القرار يشمل فرض غرامة لبنانية على كل من يثبت أنه يعمل لديه موظف فلسطيني أو سوري، وهو ما زاد الحالة الاقتصادية للاجئ سوءاً، على اعتبار أنه لا يوجد اي دخل لهم في لبنان وهو خاضع اصلا لابتزازات السوق عندما يعمل بنصف أجر اللبناني كما يحرم من أي تعويضات
وأشار إلى اللاجئين الذين يعيشون في منطقة البقاع اللبناني ونظرًا لأنها باردة جدًا يحتاجون خلال فصل الشتاء إلى تكاليف عالية جداً، موضحا أن تأخر الوكالة في تقديم المساعدات الشتوية تسبب للاجئين بمشاكل صحية واقتصادية.
وبحسب مسؤول قسم الدراسات في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" فإن الأونروا تعتبر المصدر الرسمي الوحيد الثابت لدى اللاجئ لذلك لا بد من استمرار المساعدات وزيادتها لصون كرامة اللاجئ الفلسطيني.
ونوه إلى أنه لا يمكن النظر لأزمة الأونروا على أنها أزمة تمويل فقط إنما هي محاولة للضغط على اللاجئين الفلسطينيين للقبول بأي حلول قد تقترحها الولايات المتحدة الامريكية أو ما يشاع اليوم بصفقة القرن للضغط على اللاجئ الفلسطيني للتخلي عن حقه للعودة الى فلسطين.
ولفت إلى أنه لا يمكن النظر للأزمة خاصة وأن التمويل الأمريكي لوكالة الغوث هو فقط 30% من التمويل العام.
وقال العلي:" الأونروا يجب أن تبقى ما دام هناك لاجئ فلسطيني، وبالتالي ليس من المقبول أن تقلص أو تنهي مساعداتها دون تحقيق عودة اللاجئين، فهي الجهة الوحيدة التي تقدم المساعدات للاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان، مضيفاً أن وزارة الصحة في لبنان لا تقدم خدمات صحية للاجئ الفلسطيني لذلك وجود الأونروا يعتبر أساسيا.
وشدد العلي على أن اللاجئ الفلسطيني من حقه العيش بكرامة حتى يأتي اليوم الذي تتحرر فيه ارضه، خاصة وأن القانون الإنساني يعطي الحق لكل إنسان بالعمل والعيش الكريم واللاجئ الفلسطيني ليس مستثنى من ذلك القانون.