بعد تأكيد السلطة رفضها استلام أموال المقاصة من (إسرائيل)، تبحث قيادة السلطة عن بدائل لتجاوز أزمتها المالية، رغم تأكيدها أن رواتب الموظفين العموميين ستتأخر للشهر المقبل.
وتبدو البدائل الأربعة صعبة المنال في ظل الأوضاع الإقليمية، إلا أن السلطة ستسعى للظفر بإحداها إلى حين إيجاد حلول لخصومات (إسرائيل) للمقاصة.
وكان وزير المالية الفلسطينية شكري بشارة ألمح في تصريحات له قبل أيام إلى أن الحكومة ربما تكون عاجزة عن دفع رواتب موظفيها كاملة عن شهر فبرير/ شباط الجاري.
يذكر أن الكابنيت قرر خصم 500 مليون شيكل من عائدات الضرائب المحولة إلى السلطة، وهو المبلغ الذي تحوله السلطة كرواتب للأسرى وعائلات الشهداء.
** بحث في البدائل
بدوره، ذكر مسؤول فلسطيني رفيع، أمس الأربعاء، أن السلطة رفضت استلام أموال الضرائب التي تجمعها (إسرائيل) نيابة عن السلطة، بسبب خصمها جزءا من المبلغ، تقول (إسرائيل) إنه يُصرف للمعتقلين في السجون (الإسرائيلية) وعائلاتهم.
وقال حسين الشيخ وزير الشؤون المدنية في حكومة فتح لرويترز: "رفضنا تسلم مبلغ المقاصة البالغ 700 مليون شيقل (192.8 مليون دولار) بعد خصم مبلغ 42 مليون شيقل منها".
وكان مجلس الوزراء الأمني (الإسرائيلي) قال قبل أيام إن (إسرائيل) ستخصم نحو 5% من قيمة الضرائب التي تسلمها للسلطة بسبب دعمها للناشطين الفلسطينيين المسجونين وذلك في أعقاب قانون مماثل أقرته الولايات المتحدة العام الماضي.
وتعمل (إسرائيل) على تحصيل الضرائب على البضائع التي تدخل إلى السوق الفلسطينية عبر المنافذ الإسرائيلية مقابل عمولة محددة بموجب اتفاق باريس الاقتصادي.
وقال الشيخ في تغريدة له على "تويتر": "أمام الحصار الأمريكي والقرصنة الإسرائيلية لأموال الشعب الفلسطيني ألا يستحق ذلك شبكة أمان عربية تدعم صمود الشعب الفلسطيني وثباته على أرضه. أليست القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".
وحول بدائل السلطة، لتعويض غياب أموال المقاصة، يرى خبراء في الاقتصاد أن السلطة قد تلجأ لأربعة بدائل لحل أزمة رواتب موظفيها:
- يتمثل البديل الأول في تفعيل شبكة الأمان المالية العربية، وفعلا قدمت السلطة طلبا رسميا، الأسبوع الماضي، للجامعة العربية، لتفعيل شبكة الأمان المالية العربية بقيمة 100 مليون دولار شهريا.
وخاطبت السلطة الجامعة العربية رسميا، لتفعيل شبكة الأمان، بحسب ما قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي.
وكانت القمة العربية بالكويت عام 2010 أقرت "شبكة أمان مالية عربية"، قيمتها 100 مليون دولار شهريا، يتم تفعيلها في حال ضغطت (إسرائيل) على الفلسطينيين ماليا.
وأضاف المالكي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر وزارة الخارجية الفلسطينية بمدينة رام الله، الأسبوع الماضي: "القرار الإسرائيلي بقطع جزء من أموال المقاصة يحمل انعكاسات سياسية ومالية واضحة، لا نستطيع الفصل بين قرار (إسرائيل) بحجز جزء من أموال المقاصة، وقرار الولايات المتحدة الأخير بوقف المساعدات المالية، لإخضاع الفلسطينيين".
وقررت (إسرائيل) اقتطاع مبلغ محدد كل شهر من الضرائب التي قد تزيد عن 150 مليون دولار شهريا وتصل إلى 200 مليون، وهو ما يعني أن أزمة مالية حادة بانتظار الفلسطينيين.
- ويأتي البديل الثاني في الاقتراض، ووفق مصدر مصرفي، فإن الحكومة طلبت اقتراض 400 مليون دولار من البنوك العاملة في فلسطين.
وقال المصدر فضل عدم الكشف عن اسمه، إن البنوك قد لا تقدّم القرض المطلوب للحكومة، لأن البنوك وصلت تقريبا إلى السقف الأعلى لإقراض القطاع العام.
ويقدم القطاع المصرفي قروضا للقطاع العام الفلسطيني مؤسسات وأفرادا لا تتجاوز نسبتها 33% من إجمالي القروض المقدمة في فلسطين، بقيمة حاليا تبلغ قرابة 3 مليارات دولار.
ويبلغ إجمالي القروض المقدمة في القطاع المصرفي الفلسطيني حتى نهاية العام الماضي، قرابة 8.4 مليارات دولار أمريكي.
- وستسعى الحكومة إلى تعزيز المنح الخارجية كبديل ثالث للمقاصة، حيث تعد المنح الخارجية مصدرا من مصادر توفير السيولة للحكومة الفلسطينية تاريخيا، إلا أنها تراجعت بنسبة 71% خلال السنوات الماضية.
ويأتي تراجع المنح الخارجية، في ظل ما يعيشه الوطن العربي وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي وتحول المساعدات نحو الدول الأخرى.
- ويبقى الخيار الأخير للسلطة في اللجوء للصندوق الدوار، وهو عبارة عن وثيقة يتعهد بموجبها الاتحاد الأوروبي بتوفير الأموال التي تحتاجها السلطة الفلسطينية خلال فترة زمنية معينة، على أن تقوم الأخيرة بسداد الديون للاتحاد الأوروبي، إلى حين وفاء (إسرائيل) بالتزاماتها المالية تجاه الفلسطينيين، بفائدة صفرية.