تستحوذ الانتخابات الإسرائيلية التي من المتوقع أن تجري مطلع أبريل القادم على اهتمام كبير في الساحة الإسرائيلية كونها تعتبر من أكثر الانتخابات استقطابا ومفاجآت والبعض يقول إنها أهم انتخابات في تاريخ (إسرائيل)، وما ساهم في تصاعد الاستقطاب هو تحالف الجنرالات الذي من المتوقع أن ينافس بقوة أمام نتانياهو.
في المقابل شكلت المتغيرات الأخيرة والاتهامات بالفساد التي وجهت لنتانياهو مفاجأة ومسارا جديد في الانتخابات، فقد وجد رئيس حكومة الاحتلال صاحب أطول فترة حكم في دولة الاحتلال نفسه أمام مأزق غير مسبوق بعد التهم الأخيرة والتي يخشى أن تضع حداً لمستقبله السياسي.
المختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي قال لم تمر على نتنياهو ظروف أصعب من الحالية، فهو أمام تحديات صعبة تضع مستقبله السياسي في بؤرة الخطر الشديد، في ظل لوائح الاتهام التي وُجهت له قبيل الانتخابات، فكل الجبهات على الأرض التي كان يتغنى بقدرته على تحسين صورته كحام للحمى (سيد أمن) " مستر بتاحون" لم تعد ليّنة طيّعة يوظفها لخدمة شعاراته وتبرير وجوده وبقائه.
وبين في مقال له أن كل ذلك يتزامن مع تحالف الجنرالات والإعلاميين من الوسط واليمين المعتدل، لافتاً إلى حالة التكالب الدولي الواضح من خلال إشارات وتصريحات وانتقادات صدرت من الولايات المتحدة من رسميين ومعارضين، ومن فرنسا ودول أوروبية متعددة كلها لا تخفي رغبتها بتغيير نتنياهو في هذه اللحظة الفارقة.
وأكد مرداوي أن نتنياهو على الرغم من توالي الفضائح ولوائح الاتهام ورسم الخارطة الحزبية الداخلية من جديد في تحالفات قوية إلا أنه حتى اللحظة حافظ على توازن التأييد وتماسك الليكود واليمين، فلم تحدث انهيارات انتخابية في الرأي العام تجاه الليكود واليمين، ولا زال اليمين في غالبية الاستطلاعات يحافظ على الكتلة الأكبر، فالتغيير الوحيد الذي تحقق ثمرة لكل هذه التأثيرات الداخلية والخارجية تفوق حزب "أزرق أبيض"، وتحقيق توازن القوة في نسبة التأييد "لچانتس "مقابل "نتنياهو" كمرشح لرئاسة الوزراء.
واعتبر أن "نتنياهو" يدير المشهد حتى اللحظة باقتدار، حيث يمنع انهيار الثقة بالليكود واليمين، لكن هذا الأمر غير مضمون حتى الانتخابات لأسباب ذاتية وموضوعية، فلم يعد "نتنياهو" قادرا على اللعب في جبهة الجنوب كما يشاء، وكذلك استنفذ الاستفادة من توظيف منع إيران من التمركز في الشمال واستمرار الهدوء في الضفة.
في المقابل يرى البعض أن غزة ما زالت الورقة الأهم في الانتخابات وتملك قلب المعادلة في حال قررت التأثير على سير الانتخابات من خلال اللعب على أوراق القوة التي تملكها أولها ورقة الجنود الأسرى في غزة حيث أن تفعيل هذا الملف قبيل الانتخابات يمكن أن يهز صورة نتانياهو أكثر ويؤثر على التصويت له ولحزبه كونه فشل على مدار السنوات الماضية في إعادة جنوده رغم التهديدات الكبيرة التي أطلقها عدة مرات.
والورقة الثانية هي تصعيد مسيرات العودة خاصة أن الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة في 30 مارس تفصلها أيام قليلة فقط عن موعد الانتخابات وتصعيد المشهد في ذلك اليوم وفي حال أدى إلى تصعيد بين الجانبين من المتوقع أن يوجه ضربة قاضية لنتانياهو، فالمعارضة تلعب على وتر تراجع الردع في غزة أمام المقاومة الفلسطينية، حيث توجه اتهامات لاذعة له منذ جولة التصعيد الأخيرة التي حسمتها المقاومة لصالحها.
وأمام الأزمة التي يعانيها نتانياهو فإن حساباته في الجنوب دقيقة جداً لكن في حال خرجت الأمور عن السيطرة وشعر بأنه سيدفع ثمن أزمة الجنوب في صندوق الاقتراع فإنه قد يلجأ للتصعيد.
وقد حذر مراسل يديعوت من أن نتانياهو قد يلجأ للتصعيد في غزة للخروج من مأزقه.