بغرفة صغيرة داخل منزله الواقع في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يجلس الشاب أحمد حميد (28 عاما)، وفي يده مجموعة من الأوراق القديمة ومقص، يبدع من خلالهن في "فن طي الورق" أو ما يسمى "الأوريغامي" وهو فن ياباني الأصل.
ومن خلال تعلمه عبر مقاطع "يوتيوب" أتقن الفنان حميد هذا الفن والذي يعد حديث نوعا ما في فلسطين.
ومن خلال جمعه للكتب القديمة والتي تُباع بأسعار رمزية، في حين يجد بعضها في الطرقات، يحوّل حميد الورق إلى أشكال في غاية الجمال وذات دلالات معبرة.
وانتشر فن الأوريغامي في فلسطين منتصف عام 2013، من خلال فريق "أوريغامي فلسطين"، وعمل على تعريف المجتمع الفلسطيني بتاريخ الأوريغامي، ونشره عبر مجموعة من البرامج وورشات العمل، التي تعقد مع مؤسسات تعليمية وثقافية فلسطينية، وإنشاء معارض، والاشتراك في احتفالات ثقافية وبازارات متخصصة في مجال الحرف والفنون.
دقة في الإنجاز
وفي بداية عمله على تشكيل الأوراق، واجه الفنان حميد صعوبات كبيرة في تحويل القصاصات الورقية إلى أشكال متطابقة مع ما يشاهده، إلا أن استمراره في الممارسة زاد من اتقانه للفن.
ويأمل حميد في حديثه لـ"الرسالة" أن ينشئ معرضا يحتوي جميع أعماله، وأن يشارك في دورات تساعد على الترويج لهذا الفن الذي يحول أوراق عديمة الفائدة إلى مناظر جميلة.
وحاليا، يتواصل حميد مع فنان ياباني يسمى "هانكلي" ويتبادلان سويا الخبرات ويعملان على اعداد أشكال جديدة تُساعد على تطوير الفن والخروج بمناظر جمالية جديدة.
وفي جولات على أسواق "الرابش" في غزة، يحاول الفنان حميد اقتناء الكتب القديمة وذات نوعية معينة لفن "الأوريغامي"، وأحيانا يختار نوعية كتابة معينة للمطبوع داخل الورق ليخرج بالشكل الجمالي الذي يخطط له.
ويشكو الشاب حميد من انعدام الاهتمام في هذا النوع من الفن، مؤكدا أنه لم يجد جهات رسمية تتابع نوعية فنه وتساعده في تطويره.
ويقدّم أعماله بكتب ولوحات فنية للشباب المهتمة، وبأسعار رمزية لا ترقى للمجهود الذي يبذله، وفق حميد.
ويرى أن ما جذبه لهذا الفن هو غرابته ومحبته لاستخدام الدقة في عمله وهو ما يتجسد في هذا العمل.
كما ويعتمد فن طي الورق أو الأوريغامي، على تحويل ورقة مسطحة إلى الشكل النهائي من خلال تقنيات النحت والطي.
ويعمل حميد حاليا على ادخال الخط العربي على ما يصنعه من أجسام وأشكال، مؤكدا أن جمال اللغة العربية يضاهي جميع ما شاهده من لغة انجليزية ويابانية على نفس العمل.
ويجد الفنان العشريني في استخدام الخط العربي صعوبات كبيرة، كونه لم يسبقه أحد ويعتبر حديث العهد.
وأضاف: "فن طي الورق يحتاج لوقت طويل وتركيز، وضرورة استخدام الكتب القديمة التي أحصل عليها من محلات البالة (الكتب القديمة)، كون أن ورقها الأصفر القديم يبرز الأحرف بشكل أكبر من الكتب ذات الورق الأبيض".
وطوّر حميد مهارته في هذا الفن، بحيث إنه بات اليوم ينجز مجسم الكتاب الواحد في خمس ساعات بعد أن كان يستغرق منه الأمر أكثر 15 ساعة.
ويستغل حميد مواقع التواصل الاجتماعي، للترويج إلى أعماله جيدا، وهو ما وجد تفاعلا من المهتمين رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
وعن المعيقات التي يواجهها خلاله عمله، قال حميد: "قلة الوعي لدى الغزيين بأهمية الفن، وصعوبة الحصول على الكتب القديمة ذات الورق الأصفر".