أثار نشر الوكالة الفلسطينية الرسمية وفا خبر مفاده أن الحكومة الفلسطينية لا تملك موعد محدد لصرف رواتب الموظفين حتى اللحظة مخاوف المواطنين وتحديداً موظفي السلطة، حيث تعاني السلطة من أزمة مالية نتيجة تقليص المساعدات الخارجية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة إلى حوالي 80% وما زاد الأزمة مصادرة الاحتلال 500 مليون شيكل من أموال المقاصة، بحجة أنها تدفع لرواتب الشهداء والأسرى والجرحى.
المبلغ الذي تم اقتطاعه أحدث خللا كبيرا في موازنة السلطة ومن المتوقع ان يحدث خللا أكبر في قدرتها على دفع رواتب موظفيها، وهو ما ترجمه تصريح الحكومة بأنها لم تحدد موعد صرف الراتب.
وقد تحملت غزة وحدها خلال السنوات الأخيرة الأزمة المالية للسلطة من خلال إحالة عشرات الآلاف للتقاعد المبكر وقطع الرواتب وخصومات وصلت لنسبة 50% من رواتب الموظفين فيما أبقت السلطة على رواتب موظفيها في الضفة وهو ما حمل الكثير من الغضب والحنق اتجاه سياستها اتجاه غزة والعقوبات التي تفرضها عليها.
واليوم تواجه السلطة مأزقا حقيقيا يعود بالدرجة الأولى للانتخابات (الإسرائيلية) حيث يحاول نتنياهو أن يكسب الأصوات من خلال حشر الفلسطينيين في الزاوية عبر السياسات المالية والأمنية، لإظهار أنه الأكثر خشونة معهم عله يحصد نسبة أعلى من الأصوات.
ازمة الأموال المقطعة من غير المتوقع ان تنتهي في القريب العاجل كونها مرتبطة بالانتخابات وبالتالي فهي ستستمر بحسب التوقعات إلى حين انتهاء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة في الكيان، وبالتالي فان السلطة أمام عدة شهور صعبة، وهناك عدة سيناريوهات لتعامل السلطة مع الازمة في الفترة الراهنة.
الأول: تحميل غزة وحدها الأزمة من خلال الذهاب نحو المزيد من قطع الرواتب ورفع نسبة الخصومات على رواتب الموظفين، حيث تلقى الشهر الماضي بعض الموظفين نسبة 75% بعد عام تلقوا خلاله 50% من الراتب فقط، لكن تشير التوقعات إلى أن تحميل غزة وحدها العبء لن يحل الأزمة خاصة أن نسبة ما تنفقه السلطة لا يتجاوز 18% من موازنتها في حين ان الحصة الأكبر من الانفاق في الضفة.
من ناحية أخرى فإن سياسة قطع الرواتب والعقوبات أثارت عاصفة من الغضب وشرخا كبيرا بين تنظيم حركة فتح الذي يقود السلطة وخاصة بين التنظيم في غزة والضفة.
الثاني: الخصم من رواتب الضفة فربما تلجأ السلطة لخصم نسبة بسيطة من رواتب موظفيها في الضفة وقد تصرف 80% من الراتب في ظل الأزمة الخانقة، إلا ان هذا الإجراء سيثير مخاوف السلطة التي تخشى أن يثور الناس كما جرى ضد قانون الضمان الاجتماعي والذي خلق أزمة كبيرة أدت للتراجع عن القانون، لكن تجربة 2014 قد تتكرر حينما حجزت (إسرائيل) أموال المقاصة واضطرت السلطة لدفع 60% من رواتب موظفيها في كل من غزة والضفة على مدار أربعة أشهر.
الثالث رفع الضريبة: وقد لوحت المالية بالفعل بأن أحد الحلول الفنية هو اللجوء إلى التوسيع الضريبي، وإلزام كل من عليه ضرائب أن يدفعها، لتعويض جزء من الأموال المقتطعة.
الرابع اللجوء لشبكة الأمان المالية العربية: وهي أحد المقترحات التي ستحاول السلطة اللجوء إليها وبالفعل قدمت السلطة طلبا رسميا قبل اسبوعين، للجامعة العربية، لتفعيل شبكة الأمان المالية العربية بقيمة 100 مليون دولار شهريا، ولم يتضح بعد هل ستساهم الدول العربية في مساعدة السلطة أم لا.
الخامس طلب المساعدات الدولية: وبالفعل قال الدكتور محمد مصطفى، مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية إن رئيس السلطة محمود عباس التقى مع رئيس البنك الدولي في محاولة لتعويض الازمة التي خلقتها توقف المساعدات الامريكية وإيجاد بديل عنها يساهم في دعم موازنة السلطة.
السادس إجراءات تقشفية: حيث تسعى وزارة المالية إلى اتخاذ خطوات تقشفية لمواجهة الازمة لكن هناك خشية من أن تطال الإجراءات التقشفية الفئات المسحوقة كما جرى في العام 2014 حينما أعلنت حكومة رامي الحمد لله عن خطة تقشفية لم تطل إلا الفئات الأكثر فقراً عبر وقف عدد كبير من مخصصات الشئون الاجتماعية.