الرسالة نت-كمال عليان
بمجرد أن فرضت الإدارة الأمريكية خيار "التفاوض"، لم تجد سلطة فتح أي خيار أمامها سوى الانطلاق إلى طاولة المفاوضات حتى لو كانت بلا جدول أعمال معلن، أو حتى أي محاور متفق عليها، مما يعني أنها ستبدأ من الصفر حسب بعض المحللين.
ولكن الأمر الذي يشغل بال الفلسطينيين في هذه الأيام هي طبيعة محاور الاجتماعات التي دارت في واشنطن؟ ومدى تأثير الولايات المتحدة على سير المفاوضات؟وهل تستطيع واشنطن إقناع (إسرائيل) بوقف الاستيطان؟
محللون ومختصون في الشأن الإسرائيلي أكدوا أن محصلة أي لقاء تفاوضي مع الاحتلال في ظل الإدارة الحالية تساوي صفراً، معتبرين في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت" أن الموافقة على المفاوضات بمثابة طوق النجاة للاحتلال من الملاحقة الدولية .
طوق النجاة
الدكتور سامي أبو زهري، المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس، يرى أن سلطة فتح منحت الاحتلال طوق النجاة من الملاحقة الدولية وأعطته الشرعية للاستيطان، وذلك من خلال موافقتها على استئناف المفاوضات ولقاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن مؤخراً.
وقال د.أبو زهري:" إن اللقاء التفاوضي المشترك بين الإسرائيليين وسلطة فتح أعطى الغطاء والشرعية لعملية الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة، ويفتح الباب واسعاً أمام محاولات التطبيع العربية مع الإسرائيليين".
وأضاف د. أبو زهري :" لا أحد من أبناء الشعب الفلسطيني ملزم بأي نتائج ضارة لهذه المفاوضات، قد تضر بحقوقه وثوابته. كما أن السيد محمود عباس ليس مفوضا من أجل التفاوض باسم الشعب الفلسطيني مع الإسرائيليين".
ويذكر أنه أعلن، الخميس الماضي انطلاق المفاوضات المباشرة بين سلطة فتح و(إسرائيل) بعد لقاء جمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعباس والرئيس الأردني والمصري.
وأكد أبو زهري أن اللقاء التفاوضي في واشنطن جاء استجابةً لرغبة صهيونية أمريكية ساعية لتصفية القضية الفلسطينية عبر تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، وتهويد القدس والمسجد الأقصى، وإنهاء حق العودة بتكريس ما يسمى "بيهودية الدولة العبرية".
النتيجة صفر!
وغير بعيد عما طرحه د.أبو زهري، أكد المختص بالشئون الإسرائيلية د.إبراهيم جابر، أن نتنياهو وفريقه التفاوضي يرفضون مبدأ التفاوض من الأصل، موضحا أن ذهابه للمفاوضات جاء بسبب الضغوط الأمريكية التي مورست عليه.
وقال د.جابر :" يجب أن نعي تماما أن نتنياهو لن يقبل قيام الدولة الفلسطينية أو إعطاء القدس أو حتى جزء منها للفلسطينيين، ويعارض عودة اللاجئين، بل إن نتنياهو يرفض حتى منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً، مما يعني أنه لا يوجد ما يمكن التفاوض عليه مع (إسرائيل)" مؤكدا أن محصلة أي لقاء تفاوضي مع هذه الإدارة تساوي صفراً.
وأشار المختص في الشئون الإسرائيلية إلى أن ما يحدث بالضبط هو محاولة إرضاء من قبل نتنياهو للطرف الأمريكي، الذي يحتاج في الوقت الحالي إلى إرضاء الأطراف العربية التي ستسانده في أي إجراء قد يقوم به الرئيس الأمريكي، باراك أوباما ضد إيران.
وكانت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت عن جاهزية (إسرائيل) لشن ضربة عسكرية قوية ضد إيران، بسبب نشاطها النووي الذي يهدد الكيان الصهيوني حسبما يرى القادة الصهاينة.
وحول هذا الموضوع يقول جابر :" نتنياهو سيفاوض الفلسطينيين، لكنه وضع الكثير من العراقيل والعقبات لإفشال أي اتفاق محتمل مع الطرف الفلسطيني، محاولاً الاستفادة من عامل الوقت، لأنه يستعد الآن – بحسب بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية – لشن هجوم استباقي على إيران ومنشآتها النووية، وربما حزب الله وسوريا بدرجة أقل.
لا يوجد خيار
أما المحلل السياسي، نعيم بارود فقد أكد أن عودة عباس هذه المرة للمفاوضات المباشرة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي جاء نتيجة ضغوطات أمريكية وعربية، واصفا عودته للمفاوضات بأنها هرولة هزيلة سيعود في نهايتها بخفي حنين.
ووافقه الرأي المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، الذي أوضح أن سلطة فتح ليس أمامها أي خيار آخر سوى الاستمرار في المفاوضات، بعد تخليها عن خيارات المقاومة، مقللا من شأن هذه المفاوضات في تحقيق أي مكسب للجانب الفلسطيني.
وشدد أبو شرخ على أن من يجتمع مع نتنياهو وممثليه، برغم ما ارتكبوه بحق الشعب الفلسطيني من جرائم، ورفضهم الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، لا يستحقون أن يمثلوا أي فرد فلسطيني، ويجب مساءلتهم ومحاكمتهم بسبب تفريطهم بالحقوق والثوابت الفلسطينية.
ويجدر الإشارة إلى أن حكومة "نتنياهو" المتطرفة مازالت تواصل إجراءاتها لفرض الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر مواصلة خططها الاستيطانية وممارساتها العدوانية بحق الفلسطينيين بهدف تهجيرهم والاستيلاء على بيوتهم وأراضيهم في الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948 وهو الأمر الذي رأت فيه حركة حماس دليلا واضحا أن المفاوضات لن تجدي نفعا للشعب الفلسطيني بل ستضر به.