قائمة الموقع

الفارس عمر أبو ليلى يترجل

2019-03-24T10:56:00+02:00
غزة- رشا فرحات

لك أن تتخيل كيف يمكن لفتى في ملامح عمر أبو ليلى أن يخوض معركة لأربع ساعات متواصلة، "جيش مقابل عمر"!

آليات عسكرية تتدفق من كل صوب، وتحاصر المنزل الذي يخبئ الفتى، بينما لا يكون ذلك سببا يدفعه للاستسلام!

أصوات القنابل والمدافع في الخارج، مع عتمة الليل تقتلع القلوب من الصدور، وتزرع الهلع على أبواب البيوت المجاورة، ولكنه وحده يقاوم، ويطلق نيران سلاحه الوحيد مثله، في تلك العتمة الباردة.

ربما كان عمر في نظر العالم مجرد طفل، لا يعرف بالضبط ما الذي يتوجب عليه أن يكون في حال الدولة المجاورة، ولا يملك رفاهية التفكير في قضاء الاجازة الصيفية بعد انتهاء دروسه الجامعية!

لأن الفتى الفلسطيني ابن التاسعة عشر، قد يوازي ابن التاسعة والثلاثين في مكان آخر، بلغ أشده منذ زمن، ويده النحيفة تلك مع ملامح وجهه البريئة تخبئ قوة وجسارة لا مثيل لهما!

لكن، ورغم دعواتنا، وفي النهاية، ترجل عمر، لأن يدا واحدة لا تصفق، ولأننا جميعا كنا نتدثر في تلك الساعة تحديدا في أسرتنا الدافئة، نقرأ كتابا أو نتابع فيلما محببا بينما يغط أبناؤنا في نومهم العميق، وحده عمر وقف في قلب المعركة وحيدا ومات وحيدا فاستحق البطولة، وحيدا أيضا.

فمع بداية ساعات الليل وتحديدا عند الثامنة مساء وكعادتها استجمعت قوات الاحتلال جيشها الجرار، وتوجهت لبلدة عبوين قرب رام الله، والتي رشحت أن عمر كان يختبئ في أحد بيوت سكانها.

جيش جرار، متنكر، وصل عدده إلى ثلاثين آلية!

لأن الاحتلال يعلم تماما أنه لا واحدا ولا خمسة ولا عشرة جنود يمكنهم أن يواجهوا عمر أبو ليلى وحدهم، وأن سكان عبوين لن يقفوا مكتوفي الأيدي.

حيث كشفت مصادر عبرية أن "معلومة منتظرة حول مكان المنفذ، وصلتهم الليلة الماضية مؤكدة أن "أبو ليلى كان مختبئا في مبنى من طابقين في قرية عبوين التابعة لمناطق نفوذ وسيطرة السلطة الفلسطينية"، ووفقا لناجي سيف رئيس بلدية عبوين فإن المبنى كان يستخدم كمقهى ولم يكن مأهولا بالسكان.

وبالعودة إلى المصدر العبري فقد أكد أن قوة الجيش الإسرائيلي (مستعربين) دخلوا إلى القرية تحت غطاء بائعي الخضار، وعندما وصلت إلى المنزل، أصبحت العملية علنية، وبدأ السكان بسماع صوت مكبرات الاحتلال التي تنادي على عمر لتسليم نسه، ثم بدأت تسمع صوت إطلاق النار.

إذًا فلقد رفض عمر أن يستسلم لقوات الاحتلال، وخاض اشتباكًا طويلا عنيفا مع القوات الإسرائيلية الخاصة "يمام"، ليسجل على جبين أهالي الضفة وغزة والقدس فخرا جديدا، وعلى جبين السلطة عارا يجدده التنسيق الأمني.

حيث أشارت وسائل اعلام عبرية أيضا إلى أن العملية تمت بالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية التي ساعدت في الوصول إلى المكان الذي يتحصن فيه عمر أبو ليلى، وهو الأمر الذي لم يكن مفاجئا، بل لقد حدث في عدد سابق من المرات ومنها حادثة اغتيال الشهداء صالح البرغوثي، وباسل الأعرج، وأحمد جرار، وأشرف نعالوة.

المختص بالشأن الإسرائيلي صالح النعامي نقل تصور الاحتلال وتوجسه من مستوى مقاومة أبو ليلى حيث قال: رغم استشهاد البطل عمر أمين أبو ليلة (19 عاما) منفذ عملية "سلفيت" الليلة، إلا أن أداءه القتالي وجرأته ورباطة جأشه مست في مقتل بؤرة الغرور الصهيوني وأصابت (تل أبيب) في صدمة، وكسرت ثقة المستوطنين بجيشهم بعدما تبين بالدليل القاطع أن الجنود المدججين بأحدث الأسلحة جبنوا وتواروا عن الأنظار حتى لا يواجهوه وهو المزود بسكين.

وفي ذات السياق نعت "حماس" الشهيد عمر أبو ليلى (19 عامًا) منفذ عملية سلفيت، والذي ارتقى إلى الله شهيدا بعد تنفيذه عملية فدائية جريئة أدت لمقتل 3 صهاينة.

وقالت حماس، في بيان لها": إن العملية التي نفذها أبو ليلى أربكت منظومة الأمن المتغطرسة وأذلتها، حيث كان مثالا لقلب الضفة النابض بالمقاومة، فدوت رصاصاته المباركة لتحطم عنجهية الاحتلال بالاعتداء على المسجد الأقصى والقدس وإجرامه المستمر في الضفة.

وأضافت: ففي الوقت الذي ظن فيه المحتل أن الساحة خالية أمامه ليمرر مخططاته بتصفية قضيتنا المباركة، نهض البطل عمر كماردٍ يذود عن أرضه، معلنا أن الفلسطيني شوكة في حلق الاحتلال لا يمكنه كسرها.

وهكذا ودعت فلسطين ابنها الذي أطلقت عليه لقب "رامبو فلسطين" والذي ختم حياته التي لم يثبت فيها أنه كان له أي نشاطات سياسية سابقة أو مشاركات جهادية ولكنه اختيار اللحظة الأخيرة الذي وجه قلب عمر إلى هذه العملية البطولية يوم الأحد الماضي حينما هاجم مستوطنة ارئيل قرب سلفيت، وأطلق النار على ثلاثة مستوطنين بعد استطاعته السيطرة على سلاح أحد الجنود، قبل الفرار من المكان.

أجل كانت عملية وحيدة، أولى وأخيرة، وعظيمة!

 

اخبار ذات صلة