قائد الطوفان قائد الطوفان

"أحلاها مر"... السلطة أمام خيارات محدودة في ظل أزمتها المالية

"أحلاها مر"... السلطة أمام خيارات محدودة في ظل أزمتها المالية
"أحلاها مر"... السلطة أمام خيارات محدودة في ظل أزمتها المالية

الرسالة نت - أحمد أبو قمر

لم تقوَ السلطة الفلسطينية على تحمل منع أموال المقاصة لشهرين فقط، لتقف أمام عجز في الميزانية وتخبط في الرواتب دفعها لصرف 40% من رواتب موظفيها قبل يومين.الأحداث الجارية تكشف العورة المالية للسلطة، التي لا تجد البدائل والحلول وتجدها مكتوفة الأيدي أمام ميزانية فارغة دون احتياطات مالية لحدث طارئ.

 

وتعتبر أموال المقاصة المصدر الأهم والأكبر في تمويل نفقات السلطة، بنسبة تصل إلى ثلثي الإيرادات العامة، بإجمالي 10 مليارات شيكل (2.8 مليار دولار) سنويا.

وتشكل رواتب موظفي السلطة 60% من النفقات العامة بقيمة تصل إلى 1.9 مليار دولار.

  كشف عورة السلطة

ولعل الغرابة في القضية أن خيارات السلطة التي تكاد تكون معدومة في مواجهة القرار، قوبلت بتصريح وزيرة الاقتصاد في حكومة الحمد الله عبير عودة بأن وزارتها ستعمل على توسيع القائمة الضريبية لمواجهة العجز المالي.

وبناء على الأزمة المالية، فعّلت السلطة "خطة الطوارئ" كمخرج لتجاوز أزمة تراجع الإيرادات، وفقا لما صرح به وزير المالية شكري بشارة، حيث بدأت بتقليل النفقات إلى الحد الأدنى، ووقف التعيينات والترقيات، ودفع رواتب الموظفين إلى النصف بحد أدنى 2000 شيكل.

ولم يخفِ بشارة سعي السلطة إلى الاقتراض من البنوك المحلية بقيمة 50 مليون دولار لتمويل بند الرواتب.

وكان عباس قد أعلن أن السلطة قد تضطر إلى التوقف عن دفع رواتب موظفيها، إذا ما استمرت (إسرائيل) باقتطاع أموال المقاصة.

وتعمل (إسرائيل) على تحصيل الضرائب على البضائع التي تدخل السوق الفلسطينية عبر المنافذ الإسرائيلية مقابل عمولة محددة بموجب اتفاق باريس الاقتصادي.

وحول بدائل السلطة لتعويض غياب أموال المقاصة، يرى خبراء في الاقتصاد أن السلطة قد تلجأ لأربعة بدائل لا خامس لها لحل أزمة رواتب موظفيها.

وقررت (إسرائيل) اقتطاع مبلغ محدد كل شهر من الضرائب التي قد تزيد عن 150 مليون دولار شهريا وتصل إلى 200 مليون، وهو ما يعني أن أزمة مالية حادة بانتظار الفلسطينيين.

ويتمثل البديل الأول في تفعيل شبكة الأمان المالية العربية، وفعلا قدمت السلطة طلبا رسميا، الشهر الماضي للجامعة العربية؛ لتفعيل شبكة الأمان المالية العربية بقيمة 100 مليون دولار شهريا.

وخاطبت السلطة الجامعة العربية رسميا، لتفعيل شبكة الأمان، بحسب ما قال وزير الخارجية في حكومة الحمد الله رياض المالكي.

وكانت القمة العربية بالكويت عام 2010 أقرت "شبكة أمان مالية عربية"، قيمتها 100 مليون دولار شهريا، يتم تفعيلها في حال ضغطت (إسرائيل) على الفلسطينيين ماليا.

وأضاف المالكي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر وزارة الخارجية الفلسطينية، بمدينة رام الله، الأسبوع الماضي: "القرار الإسرائيلي بقطع جزء من أموال المقاصة يحمل انعكاسات سياسية ومالية واضحة، لا نستطيع الفصل بين قرار (إسرائيل) بحجز جزء من أموال المقاصة، وقرار الولايات المتحدة الأخير بوقف المساعدات المالية، لإخضاع الفلسطينيين".

ويأتي القرار الثاني في الاقتراض، وفق مصدر مصرفي، أن الحكومة طلبت اقتراض 400 مليون دولار من البنوك العاملة في فلسطين.

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن البنوك قد لا تقدّم القرض المطلوب، للحكومة، لأن البنوك وصلت تقريبا إلى السقف الأعلى لإقراض القطاع العام.

ويقدم القطاع المصرفي قروضا للقطاع العام الفلسطيني (مؤسسات وأفرادا) لا تتجاوز نسبتها 33% من إجمالي القروض المقدمة في فلسطين، بقيمة تبلغ حاليا قرابة 3 مليارات دولار.

ويبلغ إجمالي القروض المقدمة في القطاع المصرفي الفلسطيني حتى نهاية العام الماضي، قرابة 8.4 مليارات دولار أمريكي.

ووصلت قيمة الدين العام للسلطة إلى مستويات قياسية بتخطيه حاجز الـ 15 مليار شيكل (4.3 مليار دولار)، وهو يعادل قيمة الموازنة السنوية للسلطة تقريبا.

وتسعى السلطة إلى تعزيز المنح الخارجية كبديل ثالث للمقاصة، حيث تعد المنح الخارجية مصدرا من مصادر توفير السيولة للحكومة الفلسطينية تاريخيا، إلا أنها تراجعت بنسبة 71% خلال السنوات الماضية.

ويأتي تراجع المنح الخارجية في ظل ما يعيشه الوطن العربي وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي وتحول المساعدات نحو الدول الأخرى.

ويبقى الخيار الأخير للسلطة في اللجوء للصندوق الدوار، وهو عبارة عن وثيقة يتعهد بموجبها الاتحاد الأوروبي بتوفير الأموال التي تحتاجها السلطة الفلسطينية خلال فترة زمنية معينة، على أن تقوم الأخيرة بسداد الديون للاتحاد الأوروبي، إلى حين وفاء (إسرائيل) بالتزاماتها المالية تجاه الفلسطينيين، بفائدة صفرية.

بدوره، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر أن هناك الكثير من القوانين التي أدت إلى اقتطاع أموال من الضرائب الفلسطينية، لمصالح إسرائيلية.

وقال أبو عامر في حديث لـ "الرسالة" إن (إسرائيل) تتحكم بالأموال الفلسطينية وبالتالي تقتطع ما تشاء دون احترام للاتفاقيات، مشيرا إلى أن الاحتلال ينفّذ من الاتفاقيات ما يصب في مصالحه فقط.

وشدد على ضرورة أن تصعّد السلطة ضد هذه الخطوة، منعا لأي اقتطاعات أخرى وأن لا تقف متفرجة، لافتا إلى أنها لم تتحرك مسبقا ضد أي اقتطاعات، وهو ما ينذر بالمزيد من القرصنة.

وبيّن أن (إسرائيل) تحاول التأسيس لمرحلة جديدة من الاقتطاعات وتحضّر نفسها لمزيد من القرصنة.

البث المباشر