حسمت نتائج الانتخابات الإسرائيلية بعد ليلة من التضارب واكتسح اليمين المتطرف الكنيست. وبعد توزيع مقاعدها على الخريطة الحزبية، يتضح أنّ رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، يتجه لتشكيل حكومته الخامسة، ليصبح صاحب أطول فترة حكم في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.
وحصد حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو، في الانتخابات البرلمانية، الثلاثاء، 35 مقعداً، فيما خسر معسكر اليمين بقيادة خصمه الجنرال بني غانتس، الفرصة لبناء كتلة مانعة من 61 مقعداً، تحول دون تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة.
النتائج أظهرت أن معسكر اليمين بقيادة نتنياهو، يحصل على 65 مقعداً من أصل 120 مقعداً، مقابل 55 مقعداً للمعسكر المضاد؛ منها 10 مقاعد للقائمتين العربيتين: الجبهة والعربية للتغيير وتحالف التجمع والقائمة العربية الموحدة، واللتين لا تحسبان في معسكر الوسط، وتعتبران خارج أي كتلة حاسمة ضد نتنياهو.
ويعتبر نجاح اليمين نتيجة طبيعية لتطرف المجتمع الإسرائيلي، خاصة أن نتانياهو استطاع أن يستميل كتلا اجتماعية مهمة ويستفيد منها في كسب المزيد من الأصوات مثل المتدينين، الشرقيين، المهاجرين الروس، والمستوطنين.
ومن أبرز المفاجئات التي ظهرت خلال الانتخابات ترسيخ حزبين كبيرين، حيث تعادل كل من الليكود بقيادة نتنياهو، و"كاحول لفان" بقيادة غانتس، بـ 35 مقعد لكل منهما، ما أدى لطرد بعض الأحزاب الصغيرة التي كانت في الكنيست خلال الولاية السابقة.
ويعتبر من أبرز الخاسرين في هذه الانتخابات حزب العمل وميرتس والأحزاب العربية، إلى جانب عدد من الأحزاب اليمينية الصغيرة.
ووفق المعطيات الحالية فإن نتانياهو هو رئيس الحكومة القادمة وسيعمل على تشكيلها، وقد اعلن انه بدأ بالفعل مشاورات تشكيل الحكومة مع حلفائه الطبيعيين في إشارة لأحزاب "الحريديم" التي تعززت قوتها، وارتفعت حصيلتها إلى 16 مقعداً (بواقع 8 مقاعد لحركة "شاس" ومثلها لـ"يهدوت هتوراة).
لكن تشكيل الحكومة لن يكون مهمة سهلة خاصة في ظل التباينات والصراعات بين أحزاب اليمين نفسها فهي في الغالب ليست متوافقة، ومعظمهم يريد وزارة الدفاع وهي معضلة أمام تشكيل الائتلاف الحكومي.
وتشير التوقعات إلى أن نتانياهو سيلجأ إلى تشكيل حكومة من أحزاب اليمين، بينما تبقى فكرة حكومة وحدة صعبة.
وربما سيعمد نتانياهو إلى إلزام أحزاب الائتلاف الحكومي، بدعم مقترح قانون يمنح رئيس الحكومة حصانة من تقديمه للمحاكمة ما دام رئيساً للحكومة، وذلك في مسعى للتخلص من أزمة قضايا الفساد التي تلاحقه.
ويشكل الملف القضائي المرتقب لنتنياهو، في ظل قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بتقديم لوائح اتهام ضده بشبهات تلقي الرشاوى والفساد والخيانة العامة، في ثلاثة ملفات مختلفة، التحدي الأكبر الذي سيواجهه في الأشهر القريبة.
ومن ناحية أخرى فإن الحكومة القادمة ستكون استمرارا لسياسة الحكومة الحالية كما أن الكنيست سيكون أكثر تطرفاً، ما يعني أن الوضع فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني سيزداد سوءا.
وستعمل حكومة نتانياهو القادمة على تقويض فرص حل الدولتين أكثر من خلال تعزيز وتمديد الاستيطان في الضفة والسعي لضم الضفة الغربية.
وقد ذكرت القناة العبرية (12)، أن نتنياهو سيلجأ إلى شركائه المحتملين في حال شكل الحكومة المقبلة، وسيقترح عليهم تأمين السيادة على الضفة الغربية بدعم أميركي واعتراف من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقابل تأمين شبكة أمان ضد محاكمته ومقاضاته.
وبحسب القناة، فإن نتنياهو سيعرض صفقته في ظل القلق بشأن عرض الخطة الأميركية للسلام "صفقة القرن"، مشيرةً إلى أن نتنياهو نفسه شريك كامل في صياغة تلك الخطة وليس من المتوقع أن يخيب أصدقاؤه الأميركيين آماله بمفاجآت.
وقبل نشر الخطة، قد يلجأ نتنياهو إلى رؤساء تلك الأحزاب ويقول إن (إسرائيل) ستوافق، والفلسطينيون بدورهم سيرفضون - وبعد ذلك سوف يعترف الأميركيون بالسيادة الإسرائيلية على الكتل الاستيطانية.
وقالت القناة إن الصفقة التي قد يعرضها نتنياهو على الشركاء ستكون "حصانة مقابل السيادة"، وهذا يعني أنه سيساعده على عدم محاكمته في القضايا الثلاثة المشتبه فيها، وسيعطيهم في المقابل، الخطوة التاريخية المتمثلة في اعتراف أميركا بالكتل الاستيطانية.
وفيما يتعلق بسياسة الاحتلال اتجاه غزة فالاحتمال الأكبر هو استمرار الوضع القائم واستمرار التفاهمات والتهدئة.